آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الإثنين 29 إبريل 2024    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح مركز البيانات الحوسبة السحابية الحكومية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية برقة شمال غرب نابلس    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    مصرع 5 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي بالمنيا    وفاة المخرج والمؤلف عصام الشماع عن عمر ناهز 69 عاما    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    صحة قنا: 4 حالات مازالوا تحت الملاحظة في حادث تسريب الغاز وحالتهم على ما يُرام    حار نهاراً ومائل للبرودة ليلاً.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    الزمالك: لا عقوبات على مصطفى شلبي.. كان يشعر بالضغط    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    "بحبها ومش عاوزه ترجعلي".. مندوب مبيعات يشرع في قتل طليقته بالشيخ زايد    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    ملف يلا كورة.. الزمالك يتأهل لنهائي الكونفدرالية.. وطائرة الأهلي تتوّج بالرباعية    ميدو: لو أنا مسؤول في الأهلي هعرض عبد المنعم لأخصائي نفسي    بعد حركته البذيئة.. خالد الغندور يطالب بمعاقبة مصطفى شلبي لاعب الزمالك    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    فيصل مصطفى يكتب: عجلة التاريخ    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لا يعرفه الإخوان عن صنمهم المعبود (حسن البنا) المتاجرة بشعار إحياء الخلافة ومقاتلة مَن يعارضها

عندما يطَّلع أي مسلم على إرشادات حسن البنا في ما صدر عنه من رسائل إلى جماعته، أو مقالات في إصدارات جماعة الإخوان – مثل النذير، وكذا اعترافات قادة الإخوان التي وردت في مذكراتهم، ثم يربطها بممارسات وسلوكيات الجماعة عبر أكثر من ثمانين عامًا، سيتأكد له أنه حيال حركة سياسية تستهدف أولًا وأخيرًا الاستيلاء على الحكم والسلطة، وليس لها أدنى علاقة بالدعوة إلى طاعة الله وحده لا شريك له، وجهاد النفس وتزكيتها، وتطهير القلب، والهداية إلى الله تعالى، وهي جوهر رسالات رسل الله جميعًا إلى أقوامهم التي يوضحها كل القصص القرآني، وتؤكدها سنة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، التي تدعو المسلم إلى التخلّق بمكارم الأخلاق المحمدية التي بُعث بها حضرته، وبما يؤدّي في النهاية إلى الهداية إلى الله تعالى، ويحقّق السكينة للمسلم وصلاح حاله في الدنيا والآخرة، وبالتالي صلاح المجتمعات الإسلامية.
“,” “,”
وربما ليس عيبًا أن يسعى أي حزب أو حركة سياسية للوصول إلى السلطة والحكم إذا ما اتبع أصحاب هذا الحزب أو الحركة أساليب الصراع السياسي المعروفة دونما عنف أو إرهاب، إلا أن ما هو مرفوض رفضًا باتًّا هو ما اتبعته جماعة الإخوان عندما تدثَّرت أهدافها وطموحاتها السياسية بغطاء ديني، ورفع بشعارات إسلامية براقة مثل (الحكم بما أنزل الله)، و(تطبيق الشريعة)، و(تغيير المنكر)، وهي كلمات حق يُراد بها باطل، تستغلها جماعة الإخوان وتُطوِّعها طبقًا لمفهومها وبما يعطيها وحدها الحق في حكم المسلمين باسم (الخلافة)، وهو نوع من الدجالة والتجارة بالدين، لتحقيق أهداف سياسية وسلطوية بحتة، أما الأخطر من كل ذلك فهو تحريض حسن البنا وغيره من مرشدي الجماعة وقادتها عبر تاريخها لأعضاء الجماعة على استخدام القوة، واللجوء إلى ممارسات العنف والإرهاب لتحقيق هدف الوصول إلى السلطة والحكم وإقصاء غيرهم، حتى إن أدّى ذلك إلى تخريب وتدمير المجتمعات الإسلامية واستحلال حرمات أهلها.
“,” “,”
المتاجرة بشعار الخلافة
لم يحظَ شعار ديني من الشعارات التي رفعتها الجماعات المتأسلمة، وفي مقدمتها جماعة الإخوان، بالمتاجرة من أجل الوصول إلى السلطة والحكم، مثل شعار عودة الخلافة الإسلامية، رغم ما تسبب فيه ذلك من إسالة دماء المسلمين عبر القرون نتيجة صراعاتهم على مَن هو أحق بالخلافة بينهم. هذا رغم أن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حسم هذا الأمر في حديثه الشريف منذ 14 قرنًا: “,”الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا عضودًا، وقد ورد هذا الحديث في العديد من الكتب، ومن بينها مسند الإمام أحمد والترمذي.. وهو يعني أن الخلافة كانت لمدة ثلاثين سنة فقط، لإقامة دعائم الدولة الإسلامية، وهو ما حدث بالفعل إذ انتهت الخلافة بعد ثلاثين عامًا فعلًا بعد انتقال سيدنا علي بن أبي طالب، رضى الله عنه، وقيام الدولة الأموية سنة 30 هجرية، حيث أصبح الأمر ملكًا عضودًا، أي يتصارع عليه المتصارعون على السلطة والحكم، ويعضون عليه بالنواجز.
“,” “,”
وكان من نتيجة الصراع على الخلافة في عهد الدولة العباسية أن نصَّب (الخليفة) أبو جعفر المنصور نفسه خليفة الله في الأرض، وفي ذلك خاطب الناس قائلًا: “,”أيها الناس لقد أصبحنا لكم قادة، وعنكم زادة، نحكمكم بحق الله الذي أولانا، وسلطانه الذي أعطانا، وإنما أنا سلطان الله في أرضه، وحارسه على ماله، جعلني عليه فضلًا، إن شاء أن يفتحني لإعطائكم، وإن شاء أن يقفلني“,”. وغير ذلك اعتبر المنصور نفسه حاكمًا بالحق الإلهي يتصرف في أرواح وأرزاق وحرمات المسلمين كيفما شاء. أو الخليفة الأموي معاوية، فقد قال في هذا الشأن أيضًا “,”الأرض لله، وأنا خليفة الله، فما أخذت فلي، وما تركته للناس فبالفضل مني“,”.
“,” “,”
وإذا انتقلنا إلى العصر الحديث، بعد أن ألغى كمال أتاتورك الخلافة في تركيا وأنهى بذلك الخلافة العثمانية، فسنجد ملوك الدول العربية والإسلامية يتصارعون في ما بينهم، كل يزعم أنه خليفة المسلمين.. حيث طلبها الملك حسين بن علي في فلسطين عام 1924 لنفسه، وبايعه عليها علماء فلسطين، كما طلبها لنفسه أيضًا الملك فؤاد الأول في مصر في نفس العام، كما نازعهما على الخلافة أيضًا ملك الأفغان، وانقسم المسلمون واحتدمت معارك كلامية وفقهية، بل واشتعل الخلاف حول مدى شرعية الخلافة، ونشط عدد من العلماء والسلفيون في مصر لعقد مؤتمر في مارس 1925، لإعلان الملك فؤاد خليفة للمسلمين، وفشل فشلًا ذريعًا في تحقيق هدفه بسبب وقفة الزعماء السياسيين في مصر ضد دعوة خلط الدين بالسياسة، ومنهم مصطفى النحاس باشا رئيس مجلس الوزراء الذي أعلن إعجابه بكمال أتاتورك الذي أنهى الخلافة في تركيا “,”وصاغ بعبقرية تركيا الحديثة، وهو الأمر الذي أغضب حسن البنا وهاجم بسببه موقف النحاس باشا الذي أيّد الحكومة التركية لأنها “,”قلبت نظام الخلافة إلى الجمهورية“,”.
“,” “,”
وكانت استعادة الخلافة الإسلامية تشكّل محور سياسة وخطابات حسن البنا، فطوال حقبة الأربعينيات-وبينما كانت مصر كلها تغلي بالنضال ضد الاحتلال البريطاني، كانت مؤتمرات واجتماعات الإخوان تنحرف بالقضية كلها نحو ضرورة التركيز على “,”استرجاع الخلافة الضائعة“,”، ولم يوضح البنا الذي يرشّحه خليفة للمسلمين آنذاك، وإن كان في سياق نفاقه وتملّقه للملك فاروق نجده يقول: “,”إن لنا في جلالة الملك المسلم أيّده الله أملًا“,”، ولكن حسن البنا الذي كان يُصوِّره أتباعه في جماعة الإخوان ويروجون له باعتباره “,”خليفة رسول الله“,”، يؤكد هذا المعنى في حديثه “,”إن الخلافة تقوم لوراثة النبوة“,” (الرسائل ص 27). وهنا تساءل الكثيرون: إذا كان الخليفة وارثًا للنبوة كما يدّعي البنا فمن يمكن أن يعارضه؟! ثم كيف يكون الخليفة وارثًا للنبوة والنبي، صلى الله عليه وسلم، كان يحكم بوحى يُوحى إليه؟ وكيف ولم يُقل أي من الخلفاء الراشدين إنهم يحكمون بالحق والوحي الإلهي، بل صار الحكم في عهدهم إنسانيًّا يجوز عليه احتمال الخطأ والصواب، وهو ما برز كثيرًا في أحاديثهم، بل وطالبوا المسلمين بتقويمهم إذا ما أخطئوا؟
“,” “,”
إلا أننا نرى من جماعة الإخوان ومؤيديها في المشرق الإسلامي مَن يلحّ على عقول المسلمين في ضرورة إعادة حكم الخلافة، ومن هؤلاء أبو الأعلى المودودي في باكستان –وهو الأب الروحي للجماعات الإسلامية في الهند وباكستان، وكان على اتصال وثيق بكل من حسن البنا وسيد قطب- يقول في كتابه (نظرية الإسلام.. ص71) “,”إن الدولة الإسلامية تقوم على أساس حاكمية الله الواحد، فالأمر والحكم والتشريع كلها مختصة بالله وحده، وليس لفرد أو أسرة أو طبقة أو شعب ولا حتى النوع البشري كله، وإنما تكون لحاكم يقوم بوظيفة خليفة الله، فليس لأحد أن يأمر وينهي من غير أن تكون له سلطة من الله“,”. ثم يأتي على دربه رشيد علي رضا ليكرر نفس المعنى في كتابه (الخلافة أو الإمامة العظمى – ص 116، 128)، فيقول “,”الخلافة الإسلامية هي الحكومة المثلى التي بدونها لا يمكن أن يتحسّن حال البشرية.. فهي خير دولة ليس بالنسبة إلى المسلمين فحسب، ولكن بالنسبة إلى سائر البشر“,”.
“,” “,”
ومن عباءة حسن البنا خرج آخرون يكررون نفس المزاعم، ومنهم شكري مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة التي اغتالت وزير الأوقاف حسن الذهبي عام 1977، حيث نصّب شكري نفسه (أميرا) للجماعة المسلمة التي أسماها “,”جماعة الحق في آخر الزمان“,” وأطلق على نفسه “,”طه المصطفى شكري أمير آخر الزمان“,”!! ونمضي مع الداعين بعودة الخلافة، ومنهم صالح سرية (حزب التحرير الإسلامي) – الذي قاد العملية الإرهابية في الكلية الفنية العسكرية عام 1977- حيث نجده يقول في “,”رسالة الإيمان“,” ص -16“,” لا جهاد إلا بوجود خليفة للمسلمين“,”. أما الشيخ عمر عبد الرحمن – مفتي الجماعة الإسلامية الذي أفتى باغتيال الرئيس الراحل أنور السادات ومهاجمة مديرية أمن أسيوط التي سقط فيها 118 شهيدا من ضباط ورجال الشرطة، فنجده يقول في كتابه “,”حتمية المواجهة“,” ص 63: “,”الإمامة في الإسلام موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا. والخليفة في الإسلام مهمته وراثة النبوة بإقامة أحكامها ويجمع ذلك أمران إقامة أحكام الدين وسياسة الدنيا بالدين“,”. أما المدعو عمر بكري عضو حزب التحرير الإسلامي في بريطانيا، فنجده يقول في مجلة (المجلة) اللندنية في 31/12/1995 “,”إننا نطمح إلى خلافة تقوم على سلسلة من الانقلابات العسكرية في كل بلاد المسلمين“,”. وحتى الدكتور سليم العوا نجده بدوره يترحم على زمان الخلافة العثمانية، فيقول “,”منذ انهارت الخلافة العثمانية تفرقت قوة المسلمين، وتمكن عددهم من السيطرة على مقدرات بلادهم جميعًا“,”.
“,” “,”
الرد على دعاوى استعادة الخلافة
وفي مواجهة هذه الدعاوى الباطلة حول حتمية استعادة الخلافة، وهو ما يناقض أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، السابق الإشارة إليه حول انتهاء الخلافة بعد انتقال حضرته بثلاثين عاما، وانتهاء خلافة سيدنا على بن أبي طالب، لم تعقم الأمة الإسلامية العلماء الذين تصدّوا لهذه الدعوى وإظهار بطلانها وتسببها في إشاعة الفتنة والصراعات الدموية في ربوع البلاد الإسلامية. ومنهم الشهرستاني الذي قال في كتابه (نهاية الاقدام) “,”إن الإمامة ليست عن أصول الاعتقاد“,”. والجرجاوي في كتابه (شرح المواقف): “,”إن الخلافة ليست من أصول الديانات والعقائد، بل هى من الفروع المتعلقة بأفعال المكلفين“,”. أما الغزالي فيقول في (الاقتصاد في الاعتقاد): “,”إن نظرية الامامة ليست من المعتقدات“,”. وأيضا نجد أبو حفص بن عمير يقول في (عقيدة التوحيد) ص 154 “,”إن الإمامة مستخرجة من الرأي، وليست مستخرجة من الكتاب والسنة“,”.
وعندما ألغى كمال أتاتورك الخلافة في تركيا وتصور البعض أن الدنيا قامت ولن تقعد، قام عدد من رجال الدين الأتراك فأصدروا كتابًا بعنوان “,”الخلافة وسلطة الأمة“,” فنَّدوا فيه فكرة الخلافة وقالوا في ص92: “,”لو كان مسألة الخلافة – كما يظن البعض من المسائل الدينية الرئيسية لبيّن الرسول الاكرم تفاصيلها وهو الذي لم يضن ببيان وصاياه في أبسط الفروع والآداب والعادات.. وفضلا عن هذا فإنها لو عُدَّت من المسائل الدينية الأصلية للزم حينئذ أن يكون دين الإسلام ناقصا ولم يكتمل في زمن النبي (حاشا لله)، لأنه لم ترد نصوص شرعية بخصوصها في زمنه، في حين تقول الآية الكريمة “,” اليوم أكملت لكم دينكم“,”، ومن ثم فإن ترك الحديث عنها إنما يعني أنها ليست لازمة“,”. ويمضى أصحاب الكتاب قائلين:“,” الرسول الكريم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد سكت عنها وعن موضوع الحكم جملة وشكله وكيفية اختيار الحاكم وسلطته وحدود سلطانه، ومن ثم فهي من الأمور المسكوت عنها، والمسكوت عنه متورك لاستحسان البشر“,”. ثم يستشهد الكتاب بما ذكره المحقق الإسلامي “,”صدر الشريعة“,” المتوفى سنة 747ه، القائل في كتابه (تعديل العلوم) بعد أن ذكر شروط الخلافة، وصرّح بأنها ختمت في الثلاثين سنة التالية لانتقال الرسول، وتأسست بعدها السلطنة التي هى عبارة عن الرئاسة الدنيوية، فانه “,”قد سقط من الشرائط ما تسقطه الضرورة“,”. ثم يستطرد الكتاب فيُذكِّر بأن “,”حضرة الامام المعظم أبي حنيفة وهو من أكبر أئمة الدين لم يقبل الخلافة الأموية ولا العباسية ولم يجزها، ولهذا رفض تولي القضاء أولا في زمان الأمويين ثم في دور العباسيين حين كلفوه بها، بل كان يعطى الفتاوى سرًا..“,” ثم يقول: لا يخفى على قارئ تاريخ الإسلام ما ارتكبه الخلفاء الأمويون من الظلم والسفه بحق أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم. وما سبق منهم من الجور عليهم والجفاء لهم، ثم تأسست الدولة العباسية على الظلم والاعتساف والقهر والتغلب، فإن عدد الذين قتلهم أبو مسلم الخرساني من الأمويين يبلغ ستمئة ألف.. أما عبد الله بن على عم ابي العباس السفاح أول الخلفاء العباسيين فقد أجرى مقتلة عامة في الشام حين استيلائه عليها، وقتل تسعين من الأعيان بالعصي بعد أن دعاهم إلى مأدبة طعامه.. كما أنه فتح قبور الخلفاء الأمويين وأهرق أجسادهم وعظامهم.. وكذلك فعل سليمان بن على أخوه الذي قتل كل من لقيه من الأمويين بالبصرة، وأمر بجرجرتهم في الأزقة وتركها طعاما للكلاب.“,” فهل نستغرب بعد ذلك بعدة قرون، أو تصيبنا الدهشة من ممارسات أتباع حسن البنا في جماعة الإخوان – الطالبين باستعادة الخلافة – تلك الممارسات التي اتسمت بالقتل والسحل والتعذيب والدموية في ميادين رابعة والنهضة وكرداسة وناهيا ودلجا في محافظات مصر، وهم في ذلك على نهج سابقيهم الذين استحلوا حرمات المسلمين في عهود الدول الأموية والعباسية والعثمانية والفاطمية، حيث كان كل فريق يزعم الخلافة لنفسه؟! ثم يختتم العلماء الأتراك كتابهم “,”الخلافة وسلطة الدولة“,” قائلين: “,”إن النص في القانون الأساسي العثماني على أن: ذات الحضرة السلطانية مقدسة وغير مسئولة أمام أحد هو أمر مخالف للشرع كليا.. ونقول بكمال الإخلاص أن مسألة الخلافة لا تستحق الإعظام، لأن الذي عظَّمها ليس الشريعة بل أصحاب الأفكار الجامدة الذين يميلون دائما إلى إبقاء القديم على قدمه من غير نفاذ إلى الحقائق الشرعية، والخلاصة أن مسألة شكل الحكومة هي من المسائل التابعة لمقتضيات الزمان، وتتعين أحكام مثل هذه المسائل حسب تطورات هذه الأحوال والبواعث، ولذلك لم يضع الشارع أحكاما شرعية في مثل هذه المسائل، واختار السكوت عنها“,”.
أما د. أحمد البغدادي، فيؤكد في كتابه (تجديد الفكر الديني – دعوة لاستخدام العقل) ص 414 أن “,”حكم الخلفاء كان يدور دوما حول شخصهم وحول استمرار ملكهم وتسلطهم على البشر، وهو ما أوضحه معاوية في قوله: لا نحول بين الناس وألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا“,”. ثم نمضى مع معارضي فكرة الخلافة، فنجد قاسم أمين يقول في كتابه (المرأة الجديدة) ص 34: “,”أما من جهة النظامات السياسية فإننا مهما دققنا البحث في التاريخ الإسلامي لا نجد عند أهل العصور ما يستحق أن يسمى نظاما. ذلك أن شكل حكومتهم كان عبارة عن خليفة أو سلطان غير مقيد يحكم بموظفين غير مقيدين. وربما يُقال إن هذا الخليفة كان يولى بعد أن يبايعه أفراد الأمة، وأن هذا يدل على أن سلطته مستمدة من الشعب الذي هو صاحب الأمر، لكن هذه السلطة التي يتمتع بها الشعب إلا شكلا ولبضع دقائق هي سلطة لفظية، أما في الحقيقة فإن السلطان هو صاحب الحق وحده“,”.
“,” “,”
ثم يأتي الإمام الشيخ محمد عبده الذي يؤكد في كفاية الأعمال الكاملة – تحقيق د. محمد عمارة – ج2) ص287:
“,”الأمة هي صاحبة الحق في السيطرة على الحاكم، وهى التي تخلعه متى رأت ذلك من مصلحتها، فهو حاكم مدني من جميع الوجوه، فالإسلام لا يجعل للقاضي أو المفتي أو لشيخ الإسلام أية سلطة على العقائد وتقرير الأحكام، وكل سلطة تناولها واحد من هؤلاء هي سلطة مدنية، ولا يسمح لواحد منهم أن يدَّعي حق السيطرة على إيمان أحد، أو عبادته لربه، أو أن ينازعه في طريقة نظره“,”. ثم يمضي الشيخ محمد عبده قائلًا: “,”أما الفكرة الشائعة عن توحيد الإسلام بين السلطتين المدنية والدينية فهي خطأ محض، ودخيلة على الإسلام، ومن الضلال القول بأن الإسلام يحتم قرن السلطتين في شخص واحد، والزعم تبعا لذلك بأن السلطان مقرر الدين وواضع أحكامه ومنفذها، وأن المسلم مستبعد لسلطاته“,”. ويستطرد الشيخ محمد عبده قائلا في نفس الموضوع: “,”إن الإيمان بالله يرفع الخضوع والاستعباد للرؤساء الذين استذلوا البشر بالسلطة الدينية، وهى دعوى القداسة والوساطة عند الله، ودعوى التشريع والقول على الله بدون إذن الله، أو السلطة الدنيوية، وهى سلطة الملك والاستبداد، فالمؤمن لا يرضى أن يكون عبدا لبشر مثله.. ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مُبلغًا مذكرًا، لا مهيمنا ولا مسيطرًا، وليس لمسلم مهما علا كعبه في الإسلام على آخر مهما انحطت منزلته إلا حق النصيحة والإرشاد.. والأمة هي صاحبة الحق في السيطرة على الحكم، وهى تخلعه متى رأت ذلك مصلحتها، فهو حاكم مدنى من جميع الوجوه.“,” فأين هذا من القول الباطل بسلطة مطلقة ومقدسة وأبدية للخليفة الذي يسمونه “,”خليفة الله“,”، أو يقولون إنه “,”ظل الله في الأرض“,” أو “,”وريث النبوة“,” وهو ما يدعيه ويزعمه لنفسه حسن البنا؟!
ثم نمضي لنستعرض جزءًا من معركة الشيخ علي عبدالرازق ضد فكرة الخلافة، فنجده يقول في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) ص36 “,”فشعائر الله تعالى ومظاهر دينه الكريم لا تتوقف على ذلك النوع من الحكومة الذي يسميه الفقهاء خلافة، ولا على أولئك الذين يسميهم الناس خلفاء، والواقع أن صلاح المسلمين في دنياهم لا يتوقف على شيء من ذلك، فليس من حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا، أو لأمور دنيانا، ولو شئنا لقلنا أكثر من ذلك، فإنما كانت الخلافة ولم تزل نكبة على الإسلام والمسلمين، وينبوع شر وفساد“,”، ثم يقول: “,”وإذا كان في الحياة الدنيا شيء يدفع المرء إلى الاستبدال والظلم ويسهل عليه العدوان والبغي، فذلك هو مقام الخليفة.. إن الخلفاء والسلاطين استبدلوا بالمسلمين وحجبوا عنهم نور الحق وأذلوهم باسم الدين، وحرَّموا عليهم النظر في أمور السياسة باسم الدين، وخدعوهم وضيقَّوا على عقولهم في فهم الدين، فصاروا لا يرون غير الدين مرجعًا حتى في أمور الإدارة الصرفة والسياسة الخالصة، وأدى ذلك إلى موت ملكة التفكير الرصين عن المسلمين.. ولا شيء في الدين يمنع المسلمين من أن يدينوا ذلك النظام العتيق (نظام الخلافة) الذي ذُلُّوا به واستكانوا إليه، وأن يبنوا قواعد ملكهم ونظام حكومتهم على أحدث ما أنتجت العقول البشرية“,”.
“,” “,”
ونسرع نحو مكفر آخر هو د. حسين فوزي النجار في كتابه (نقلاً عن السيد يوسف: الإخوان المسلمون والدولة الدينية) ص26، فنجده يقول: “,”وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم مبادئ الأخلاق وهدي الرسالة وخير المسلمين.. ولم يأت في القرآن ما يشير إلى إقامة الدولة، وأن ما ورد فيه مما يشير إلى الأمة الإسلامية إنما قد ورد بدعوى الدعوة للخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ثم إن التشريع الإسلامي تشريع للحياة والحضارة وليس تشريعًا للدولة“,”.
ويكشف الأستاذ سليمان فياض في مقالة له “,”بالمجلة“,” في 6/1/1996 عن استغلال تنظيمات إرهابية لشعار الخلافة لتبريرها أعمال العنف والإرهاب التي تمارسها من أجل الاستيلاء على السلطة والحكم في البلاد الإسلامية، وتكفير أنظمة الحكم القائمة حاليًا في هذه البلاد، وتحت شعار الجهاد لإقامة دولة الخلافة من جديد، فيقول: “,”إنهم بذلك يريدون العودة بالحاضر إلى الماضي بمظالمه وصراعاته وفتنته وثوراته، ومصارع رجاله، وإلغاء حق الشعوب المدني والدنيوي في تقرير المصير واختيار الحاكمين، وتحديد مدة الحاكم تفاديًا لقهر الحاكمين، وتجديدًا لنظام الحكم وروحه كل بضع سنين“,”.
وأخيرًا نعود مرة أخرى إلى د. محمد عمارة في كتابه (الإسلام والسلطة الدينية) ص25 فنجده يرى أن شكل الخلافة المعمول بها حاليًا، والسلطات المطلقة والمقدسة الممنوحة للخليفة تجعلنا وبقليل من التأمل أمام شكل قديم من أشكال الفاشية الحديثة وتأليه لفرد يزعم البعض أن له من القدرات والصفات مما لا يشاركه فيه فرد آخر، بل ولا تشاركه فيه الأمة كلها مجتمعة، والنتيجة هي احتقار الجماهير، وهذا الاحتقار هو المقدمة لاغتيال مصالحها لحساب من تخدمهم وتخدم مصالحهم هذه النظريات، والوسيلة النظرية إلى ذلك هي الزعم بأن السلطة ليست مدنية حت تتولاها الأمة، وإنما هي دينية تستأثر بها السماء التي أنابت عنها حاكمًا، حسابه أمامها وليس أمام البشر المحكومين“,”، ثم يؤكد د. عمارة: “,”إن ما هو دنيا وأحكام وسياسة لم يعرض لها القرآن بنص وتفصيل علينا أن نجعل الاحتكام فيها للاجتهاد والرأي، وأن يكون المعيار والهدف هو المصلحة المبتغاه لجموع الأمة ودفع المضرة المحتملة عنها، على أن يكون ذلك كله في إطار الوصايا العامة والقواعد الكلية التي حدّدها القرآن عندما دعا إلى الخير والعدل والشورى، وحذّر من الضرر والضرار“,”، (المراجع: د. رفعت السعيد: “,”المتأسلمون... ماذا فعلوا بالإسلام وبنا“,” وأيضًا: “,”الإرهاب المتأسلم.. لماذا ومتى وإلى أين؟“,”)
ولم يسأل أحد ممن يعتقدون ويعتنقون الفكر الخاطئ باستعادة نظام حكم الخلافة.. سؤال بديهي وهو: مع الافتراض – نظريًا – بأننا استعدنا نظام الخلافة، فمن الذي سيحكمنا باسم خليفة المسلمين؟ أليس في النهاية هو بشر مثلنا يمكن أن يصيب ويخطئ، سواء انتخبه المسلمون خليفة لهم أو فرض نفسه بالقوة والعنف نفسه خليفة عليهم كما حدث في الماضي، وتحاول اليوم التنظيمات الإسلامية كالإخوان وغيرها فرض زعمائها علينا خلفاء لله في الأرض، أن الله تعالى – حاشا لله ونستغفره – لن يُنزِّل علينا شخصًا من السماء أو يخرج لنا من الأرض رجلاً يحكمنا باسم الحق الإلهي، ولكن سيكون رجلاً من بيننا يزعم لنفسه باطلاً هذا الحق الإلهي، فكيف يستسيغ إنسان عاقل قول من يدّعون في جماعة الإخوان وحلفائها أنهم سيأتون بمن يحكمنا باسم الله تعالى؟!.
“,” “,”
دعوة حسن البنا لمقاتلة معارضي الخلافة
دعا حسن البنا صراحة إلى حمل السلاح والإعداد لمقاتلة كل من لا يستجيب لدعوة إحياء الخلافة والاستيلاء على الحكم والسلطة لإقامة دولة الخلافة، فنجده يقول في كتاب (مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا) ص 159 عن مراحل الدعوة التي تتضمن إعداد الجنود ثم التنفيذ: “,”الدعوة لها ثلاث مراحل هي: مرحلة الدعاية والتعريف، ثم مرحلة التكوين وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف، ثم بعد ذلك مرحلة التنفيذ“,”.
ثم يُحدِّد البنا في ص 162 متى يبدأ غزو الإخوان المسلمين، فيقول: “,”في الوقت الذي يكون فيه منكم – معشر الإخوان المسلمين – ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها روحيًا بالإيمان والعقيدة، وجسميًا بالتدريب.. في هذا التوقيت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإني فاعل إن شاء الله.. ألِّفوا الكتائب، وكوِّنوا الفرق، وأقبلوا على الدروس، وسارعوا إلى التدريب“,”.
ويؤكد حسن البنا عزم جماعته على استخدام القوة لإسقاط النظام السياسي والاجتماعي في مصر عندما يستكملون استعدادهم، وأن المسألة في نظره وقت واستعداد، فنجده يقول في ص168 تحت عنوان “,”الإخوان والقوة والثورة): “,”يتساءل كثير من الناس: هل في عزم الإخوان أن يستخدموا القوة في تحقيق أغراضهم والوصول إلى غايتهم؟ وهل يفكر الإخوان المسلمون في إعداد ثورة عامة على النظام السياسي أو النظام الاجتماعي؟ ولا أريد أن أدع هؤلاء المتسائلين في حيرة، بل إنني أنتهز هذه الفرصة فأكشف اللثام عن الجواب السافر لهذا في وضوح وفي جلاء، فليسمع من يشاء.. أما القوة فهي شعار الإسلام في كل نظمه وتشريعاته.. ولابد لمن يتبع هذا الدين أن يكون قويًا، والإخوان المسلمون لابد أن يكونوا أقوياء.. قوة العقيدة والإيمان، ثم قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح“,”.
ثم يضيف حسن البنا موضحًا: “,”سيستخدم الإخوان القوة حين لا يجدي غيرها، وحين يستكملون عدة الإيمان والعدة، وعندما يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء ينذرون أولاً، ثم ينتظرون، ثم يقدمون“,”.
ويزعم البنا بأن طلب الحكم وممارسة السياسة هي الإسلام، وأن المطالبة بالحكم والحكومة ركن من أركان الإسلام، وأن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة، فنجده يقول في ص144: “,”إذا قيل لكم إلام تدعون؟ فقولوا إلى الإسلام، والحكومة جزء منه، فإن قيل لكم هذه سياسة فقولوا هذا هو الإسلام، نحن دعاة حق نعتقده ونعتز به، فإن وقفتم في طريق دعوتنا فقد أذن الله أن ندافع عن أنفسنا وكنتم أنتم الظالمين“,”.
“,” “,”
ثم يمضي حسن البنا في دعواه التي يخلط فيها بين الدين والسياسة فيقول في ص 170: “,”يتساءل فريق آخر من الناس: هل في منهاج الإخوان المسلمين أن يكونوا حكومة، وأن يطالبوا بالحكم؟.. ولا أدع هؤلاء المتسائلين في حيرة ولا نبخل عليهم بالجواب.. فالإسلام كما يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنًا من أركانه، ويعتمد على التنفيذ كما يعتمد على الإرشاد، فالإسلام حكم وتنفيذ، كما هو تشريع وتعليم.. لا ينفك واحد منها عن الآخر، فالإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم.. فالحكم من منهاجهم، وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أمر الله، فالإخوان المسلمون لم يروا في حكومة من الحكومات التي عاصروها من يبدي الاستعداد الصحيح لمناصرة الفكرة الإسلامية، فلتعلم الأمة ذلك، ولتطالب حكامها بحقوقها الأساسية، وليعمل الإخوان المسلمون لتحقيق الفكرة الإسلامية التي يؤمنون بها“,”.
ويصف عدم مطالبة الإخوان بالحكم بأنه جريمة إسلامية، فيقول في ص170:“,” إن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف“,”.
ولدعم جماعته ومساندتها في أداء مهمتها القتالية هذه، نجد البنا يدعو كبراء الأمة والهيئات والأحزاب للانضمام مبكرًا للإخوان المسلمين لينعموا بالخير ويشاركوا في الرئاسة، فيقول في ص159: “,”ونحن الآن نهيب بالكبراء والأعيان والهيئات والأحزاب أن ينضموا إلينا، وأن يسلكوا سبيلنا، وأن يعملوا معنا، فإن أجابوا فهو خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وإن أبوا فلا بأس علينا أن ننتظر قليلاً، وأن نلتمس المعونة من الله وحده حتى يُحاط بهم ويسقط في أيديهم ويضطرون للعمل أذنابًا، وقد كانوا يستطيعون أن يكونوا رؤساء.. والله غالب على أمره“,”!!
ويُعرِّف حسن البنا جماعته بأنها هيئة سياسية، وشركة اقتصادية، وينفي عنها أن تكون جمعية خيرية إصلاحية أو جماعة دراويش، فيقول في ص 156: “,”تستطيع القول ولا حرج عليك أن الإخوان المسلمين هيئة سياسية لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل، وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج، وأن الإخوان المسلمين شركة اقتصادية؛ لأن الإسلام يعني تدبير المال وكسبه من وجهه، وهو الذي يقول نبيه صلى الله عليه وسلم (نِعم المال الصالح للرجل الصالح)، وفي ص 87 يقول البنا “,”يخطئ من يظن أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة دراويش) حصروا أنفسهم في دائرة ضيقة من العبادات الإسلامية“,”، ثم في ص 105 يقول: “,”يا أيها الإخوان المسلمون: لسنا جمعية خيرية إصلاحية“,”.
ثم يصدر حسن البنا أحكامًا خطيرة بوجوب قتال من بلغته الدعوة حتى ولو لم يبدأ بالقتال!! فيقول في ص 258 تحت عنوان (حكم الجهاد عند فقهاء الأمة، حكما خطيًّا منسوبًا إلى أحد الفقهاء الأقدمين، ويزعم هذا الحكم وجوب قتال من بلغته الدعوة حتى لمن لم يبدأ هو بالقتال!! وأن على الإمام أن يرسل سرية لمقاتلة من هم في دار الحرب على الدوام مرة أو مرتين في العام!! فروِّج البنا لهذا الحكم الخطير فيقول: “,”الجهاد يفرض علينا أن نبدأهم بالقتال بعد بلوغ الدعوة وإن لم يقاتلونا.. ويجب على الإمام أن يبعث سرية إلى دار الحرب كل سنة مرة أو مرتين“,”، وبديهي أن هذه الدعوة باطلة لتعارضها تعارضا تامًا مع قوله تعالى: “,”وجاهدوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا“,”.
“,”((img14))“,”
ويدعو حسن البنا أتباعه إلى التعالي على المسلمين تحت الزعم بأنهم حافِظوا القرآن، وحملة لواء الإسلام بعد الرسول، فنجده يقول في ص 106: “,”نحن ولا فخر– أصحاب رسول الله حملة رايته من بعده.. ورافعوا لواءه كما رفعوه، وحافظوا قرآنه كما حفظوه.. هذه منزلتكم، فلا تُصعِّروا في أنفسكم فتقيسوا أنفسكم بغيركم، لقد دعوتم وجاهدتم، فواصلوا جهودكم، واعملوا والله معكم، فمن تبعنا الآن فقد فاز بالسبق، ومن تقاعد عنا من المخلصين اليوم فسيلحق بنا غدًا، وللسابق عليه الفضل“,”، وحسن البنا في هذا الاستعلاء والكبر الذي يدعو أتباعه له يتجاهل كل الآيات القرآنية التي تنهي عن التكبر والاستعلاء، وحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم “,”لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر“,”.
كما يدعو حسن البنا إلى تكفير من لا يؤمن بمنهج الإخوان المسلمين، ولا يعمل لتحقيقه، فيقول في ص 86:“,” إننا نعلن في وضوح وصراحة أن كل مسلم لا يؤمن بهذا المنهج ولا يعمل لتحقيقه لا حظ له في الإسلام“,” ثم في ص 276 من (رسالة التعاليم) نجده يدعو لمقاطعة كافة الهيئات والمحاكم والمدارس والصحف المناهضة للإخوان المسلمين، فيقول عن واجبات الأخ الصادق: “,”أن تقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامي، والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة“,”، لذلك لم يكن غريبا أن ينقل زعيم جماعة التكفير والهجرة شكري مصطفى– وكان من قبل عضوًا في الإخوان المسلمين– نفس هذا التوجيه لجماعته من حيث إسقاط الانتماء للمجتمع الكافر والدولة الكافرة، والامتناع عن المشاركة في أي هيئة أو جماعة من أجل إسقاط الدولة، فنجد شكري مصطفى يقول في تعليماته التابعية في التعليمة رقم 37: (عليك أن تتخلى عن صلتك بأي هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتك الإسلامية).
وأخيرًا، نجد عمر التلمساني المرشد السابق للإخوان في كتابه (ذكريات لا مذكرات) ينقل عن حسن البنا تهديده بمحاربة كل من لا يستجيب لدعوة الإخوان المسلمين، فيقول في ص69 “,”نحن حرب على كل زعيم أو رئيس أو هيئة لا تستجيب لدعوتنا.. وسنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق“,”، ثم يؤكد التلمساني نفس التهديد، بل ويبرره حين قال في 69: “,”إننا نجاهد في سبيل إنقاذ الإنسانية من كل شرورها بالدعوة إن قبلوا.. أما إن أبوا فليس إلا الكفاح الحربي بيننا“,”!!
وفي الخلاصة هذه بعض– وليس كل– آراء حسن البنا وأقواله وأفكاره كما وردت على لسانه، ونُشرت في الكتب التي أصدرتها دور النشر التابعة للإخوان، وهي تؤكد أن دعوة هذه الجماعة هي دعوة دجالة لا علاقة لها بهداية قلوب المسلمين إلى الله تعالى، وأنها تستهدف استغلال الدين من أجل الوصول إلى الحكم والسلطة، ولا تتردد في سبيل ذلك عن تكفير المسلمين الذين يلتزمون بأداء كل الفرائض، ويعتقدون الإيمان بأركانه في قلوبهم، ويسعون لسلوك طريق الإحسان تقربا إلى الله تعالى، إذا لم يؤيدوا دعوة جماعة الإخوان، كما لا تتورع هذه الجماعة عن استخدام كل الأساليب لتحقيق مآربها بما فيها العنف وسفك الدماء، ونشر الفوضى، والفرقة في المجتمعات الإسلامية لإضعافها، وبث الوهن فيها، متسترة بالشعارات الدينية الخادعة من أجل هدفها في الوصول إلى الحكم، والتربع على السلطة بدعوى إحياء دولة الخلافة، وهي كلمات حق يراد بها باطل، كما وصفها سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه منذ 14 قرنًا.
“,” “,”
أما هؤلاء الذين يرددون أقوال حسن البنا اليوم من جماعة الإخوان والجماعات الأخرى المتحالفة معها، فهم خوارج هذا العصر الذين يخبرنا عنهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: “,”يخرج فيكم حُداث الأسنان، سفهاء الأحلام، تحقرِّون صلاتكم لصالتهم، وصيامكم لصيامهم، وأعمالكم لأعمالهم، يقرءون القرآن ولا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية“,”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.