يسببان الأنيميا وتزايد معدلات الإصابة بالسكر وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكبد والقلب والكلى بين الأطفال أستاذ الغدد الصماء والسكر عند الأطفال: قنابل تنفجر في المعدة مسببة أمراضًا يصعب علاجها.. و«التعليم» تواجه بمنع بيعها في المدارس بعد تحذيرات «الصحة» يتهافت قرابة 10 ملايين طفل على تناول رقائق المقرمشات (الشيبسى والكاراتيه) والمياه الغازية وغيرها من الأصناف، سعادتهم بها تجعلنا نسعى لشرائها، غير أن هذه المنتجات ترسم البهجة على شفاههم، كما أنها ترسم أيضا خطوطا للموت على قلوبهم، تشبه في ذلك العسل مغموسا بالسم فهل يجب أن نشعر بالخوف على صحة أبنائنا أم نكذب ما نقرؤه عن خطورة المواد الحافظة والملونة الصناعية عليهم؟ ليس في هذا نوع من المبالغة، فقبل أيام أصدرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، قرارا بمنع بيع وتداول أكياس شرائح البطاطس بكل أنواعها إضافة إلى أكياس «الكاراتيه والمياه الغازية» داخل المدارس، وأكدت الوزارة أن قرار حظر بيع هذه المنتجات داخل المدارس جاء حرصًا على سلامة الطلاب. وأوضحت الوزارة أن القرار جاء بناءً على توصية من قبل وزارة الصحة، وتم تعميم منشور إلى المديريات ومسئولى المدارس والتغذية بالمحافظات بمنع دخول هذه الأصناف الثلاثة إلى كانتين المدرسة والاقتصار على الوجبات الرسمية المقررة من قبل الوزارة، والتي تخضع للإشراف من قبل وزارتى الصحة والتموين. بعيدا عن القرار الحكومى الذي بات واحدا من الإجراءات الروتينية التي تتخذها الوزارة مطلع كل سنة دراسية دون أن تجد صدى في أرض الواقع، لعدة أسباب أهمها نقص الوعى بخطورة هذا النوع من الأطعمة، سواء لدى الأسرة أو لدى القائمين على أمر المدارس، فإن القضية شديدة الخطورة على مستقبل جيل بأكمله. هل نتحدث بلغة علمية أكثر دقة؟ خطورة هذه المواد كشفتها الدراسة الميدانية التي أجرتها الطبيبة نهاد بدر عبد العاطى المعيدة بقسم الصحة العامة وطب المجتمع بطب المنوفية للحصول على درجة الماجستير حول انتشار أنيميا نقص الحديد بين تلاميذ المدارس الابتدائية، وأكدت أن نسبة الإصابة بلغت 25٪ من الطلاب بواقع 57.5٪ بين الإناث و42.5٪ بين الذكور. خطورة هذه الأطعمة المعلبة والتي تحتوى على مواد حافظة لا تقتصر على كونها تسبب الأنيميا وحدها، ولكنها أدت إلى ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السكر بين أطفال المدارس بقوة، واحتلت مصر المركز التاسع عالميًا في نسبة الإصابة بين الأطفال. الدكتور عادل الركيب أستاذ الباطنة طب الأزهر يحذر الأمهات أن السكر من صنع أيديهن، مؤكدا أن تناول الوجبات ذات القيمة الغذائية مهم جدا لصحة الطفل وقدرته على الاستيعاب، وتعويض المجهود البدنى والذهنى الذي يبذله الطفل يوميا. لماذا ارتفعت بشكل ملحوظ نسبة الإصابة بمرض السكر بين الأطفال؟ يجيب أستاذ الأمراض الباطنة قائلا: في الماضى كانت الأم توقظ أطفالها قبل المدرسة بوقت كافٍ لتناول الإفطار، الذي كان يحتوى على البيض والخضراوات والجبن واللبن، وأحيانا كثيرة الفول بالزيت والليمون والطعمية، وهذه الوجبة قادرة على بناء جسد وعقل سليمين، وتزيد من قدرة الطالب على استيعاب ما يقال من أساتذته، أما الآن فمن النادر تناول الإفطار وتقدم الأم لطفلها ساندوتش فينو وكيس شيبسى وعلبة عصير أو بيبسى، وتكون النتيجة انخفاضا في سكر الطفل وغياب التركيز وعندما يتناول تلك الوجبة التي تساعد على ارتفاع السكر بسرعة يتعرض جسم الطفل لهزات من الانخفاض والارتفاع في السكر. ويضيف الركيب: أعتقد أن تغير عاداتنا الغذائية هو السبب الأكبر في انتشار سكر الأطفال، فالطفل بعد أن يتناول البيبسى والشيبسى والحلويات يجلس ساعات على اللاب توب يلعب دون حركة، وهذه كارثة أخرى تؤدى إلى الإصابة بالسكر أو التعجيل به، وسوف يصبح مرض السكر المشكلة الصحية الأولى في مصر قريبا، لأنه مرض مزمن وتكاليف علاجه باهظة، لأنه يؤدى إلى وجود أمراض أخرى في العين والقلب والكلى، والمشكلة أيضا أن الإحصائيات لدينا غير دقيقة، ويمكن أن تكون مضاعفة، لدينا 8 ملايين مصاب بالسكر وهناك 4 ملايين على الأبواب، أضف إلى ذلك الذين يكتشفون الإصابة بالصدفة وهم بالملايين، وتشير الإحصاءات إلى أنه عام 2050 سيكون نحو 32 في المائة من المصريين مصابون بالسكر وهذا معناه ضياع المليارات من خزينة الدولة على العلاج. كيف تساهم الأم في منع هذا المرض عن صغارها؟ يستطرد الركيب قائلا: على الأمهات العودة إلى مطبخ الماضى، الطعام الغنى بالفيتامينات والألياف الطبيعية المهمة جدا للجهاز الهضمى، وليس عيبا أن تضع الأم في شنطة ابنها جزرا وخسا وفواكه طبيعية وأن تبعد عن حقيبة ابنها الحلويات والمعلبات والمقرمشات، أيضا يجب أن توقظ أطفالها بوقت كافٍ لتناول الإفطار وشرب اللبن وتناول الزبادى، مع الحرص على الحركة وعدم اللعب لساعات طويلة وهو جالس. للموضوع أبعاد أخرى يوضحها الدكتور عماد الدين فهمى أستاذ التغذية العلاجية بجامعة المنوفية إذ يقول: للأسف لا يوجد مكان في العالم تقريبا يعانى العشوائية في سوق الغذاء مثلما يحدث في مصر، فالغذاء يلعب الدور الأكبر في الإصابة بالكثير من الأمراض الخطرة مثل السرطانات ومتاعب الكبد والقلب والكلى، وعندما يقوم الإعلام بحملات تحذيرية من تلك الأغذية تقوم الشركات بإسناد حملاتها الإعلانية لنجوم كبار يحبهم الأطفال، وبالتالى يزيد الإقبال ولنأخذ هنا مثال الشيبسى المدمر لصحة الكبار فما بالنا بالأطفال!. ويتابع فهمي: كيس المقرمشات هو كيس أمراض، فهو يحتوى على كمية هائلة من المواد المضرة صحيًا، فالجرام الواحد من الشيبسى يعطى الجسم نحو 3 سعرات حرارية ونحو 50 جراما دهونا، وهذا يؤدى إلى مشاكل في الشرايين لمن يتناوله سواء كان كبيرا أم صغيرا، والآن أصبحنا نرى شبابا يعانى من مشاكل في الشرايين، أضف إلى ذلك أن الشيبسي به كمية هائلة من الملح وهنا تظهر مشكلة أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم. مستعد للتعرف على مزيد من التفاصيل تكشف مدى خطورة الأمر؟ يوضح أستاذ التغذية العلاجية: تعرض البطاطس لدرجة حرارة عالية يؤدى إلى تكون مادة الأكريلاميد، وهى مادة مسببة للسرطان أيضا، يحدث تفاعل لمادة أخرى ومن خلال الحرارة أيضا، وهى مادة الإسبراجين هذه المادة تتفاعل مع السكريات والنشويات مع الحرارة وتصبح مسرطنة، وكيس الشيبسى يحتوى على 520 ضعفا من مادة الأكريلاميد المسموح بها في الحدود الآمنة، وهذه كارثة بكل المقاييس يجب على الأم إدراكها وهى تضع لطفلها كيس شيبسى في شنطة المدرسة، بل هناك عائلات للأسف أصبح الشيبسى موجودا على المائدة كطبق أساسى مثلما يحدث في إعلانات التليفزيون. كيفية تكوين الأكريلاميد في المواد الغذائية؟ وتتكون هذه المادة في المواد الغذائية التي تحتوى على كربوهيدرات أو مواد نشوية ويتم تعرضها لدرجات حرارة عالية من أجل عملية التحميص أو التحمير أو الشى، مثلما في الخبز المحمص أو البطاطس المقلية والشيبسى وحبوب القهوة المحمصة ومنتجات الحبوب مثل: البسكويت، فعند 120 درجة مئوية تبدأ تكوين (الأكريلاميد) بكميات ضئيلة وما تلبث أن تتزايد النسبة مع ارتفاع درجات الحرارة، إلى أن تصل الحرارة إلى ما بين ال 170 و180 درجة مئوية، وهنا تكون فرصة تكوين المادة بصورة كبيرة جدا في المواد الغذائية عندما يكون محتوى المياه قليلا جدا، كما ثبت أن النشويات المطهية بأفران الميكروويف تصل فيها نسبة (الأكريلاميد) إلى مئات الأضعاف عن المعدلات المصرح بها عالميًا. وتكمن خطورة هذه المادة في أنها تدخل في عملية التمثيل الغذائى للكائن الحى بشكل مباشر، كما أنها تتدخل في إنزيمات الكبد وتُكون ماده تسمى Glycidamide ولها تأثير سُمىٍ على الجينات، كما أن مادة Glycidamide المتكونة تتحد مع بعض الأحماض الأمينية الأخرى وتُكون مركبات ذات تأثير سلبى على وظائف ال DNA، وكذلك الهيموجلوبين، مما يتسبب في النهاية في تكوين الأمراض السرطانية، كما أن لها تأثيرا ضارا على الجهاز العصبى. في العديد من الدول قامت الجمعيات المهتمة بالصحة بحملات تحذيرية ضد تلك المنتجات، وتم إجبار الشركات المنتجة على كتابة تحذيرات على الكيس بالأضرار المتوقعة، لأن هذه المنتجات أخطارها تفوق أخطار السجائر، فأضرار المقرمشات متعددة حيث تصيب العديد من أعضاء الجسد مثل القلب والكبد والكلى أضف إلى ذلك أنها تدمر أسنان الأطفال. وجهة نظر علمية أخرى نتعرف عليها مع الدكتورة هالة العيسوى أستاذ الغدد الصماء والسكر عند الأطفال، إذ تقول: نحن ندمر أنفسنا وندمر أطفالنا باعتمادنا على الأغذية المعلبة، التي تمثل قنابل تنفجر في المعدة مسببة الكثير من الأمراض التي يصعب علاجها، وقد أصبحنا بسبب المقرمشات نرى «الطفل الكرنبة» وهذا الطفل في الغالب يكون أقل من أقرانه في التحصيل الدراسى ويصبح عصبيا وشديد الانفعال والحركة لأن والدته وضعت له كيس شيبسى مع سندوتش لانشون أو هامبورجر في حقيبته المدرسية - لأنه في الغالب لا يفطر - مع علبة عصير معلب وأحيانا مياه غازية. وتشرح العيسوي: هذه الوجبة ترفع سكر الطفل بشكل فجائى بعد انخفاضه بسبب النوم، ومع تكرار هذا الأمر كل يوم أصبحنا نرى أطفالا صغارا مصابين بالنوع الثانى من السكر، وهو الذي كان يصيب كبار السن بعد الأربعين.. صحيح أن هناك عوامل أخرى للإصابة لكن لا يمكن إغفال ما يتناوله الطفل الذي أصبح «طفلا معلبا» وهذا يدمر الجهاز الهضمى والقولون. وتحمل العيسوى الأسرة المسئولية فيما يجرى قائلة: في نهاية الأسبوع تذهب الأسرة إلى محال الدجاج الغارق في البهارات ومكسبات الطعم والرائحة، وكل هذه المواد تضر المعدة إضافة إلى أنها تسبب السمنة وتسبب مشاكل للجهاز الهضمى، كما أن اللحوم المصنعة كالهامبورجر وخلافه قاتلة للصحة، ويمكن للأم أن تصنع المقرمشات في البيت من خلال قلى شرائح البطاطس في زيت جديد بدل الزيت القاطع في المصانع، أيضا لابد للأم من إعداد الطعام المنزلى النظيف الخالى من المواد الحافظة.