اختتمت بالقاهرة ورشة عمل نظمها المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط؛ لمناقشة مخاطر التطرف والإرهاب في مصر ودول الخليج وسياسات المكافحة المتبعة في هذه الدول سواء على مستوى كل دولة أو على المستوى الجماعي، فضلًا عن اقتراح سياسات محددة خاصة بكيفية تعزيز التعاون بين هذه الدول في مواجهة هذا التهديد، وشارك في أعمال الورشة نخبة من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال. وأكد مدير المركز اللواء أحمد الشربيني - خلال الورشة - على تزايد أهمية قضيتي التطرف والإرهاب بالنسبة لمصر ودول الخليج التي شهدت موجات من العمليات الإرهابية والتي يستند مرتكبوها إلى أفكار متطرفة نشط تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات المتشددة في نشرها مؤخرًا لاسيما بين الشباب على نحو جعل التطرف والإرهاب مصدر تهديد رئيسي لهذه الدول خلال المرحلة الحالية، وقد أكد كذلك على أهمية الخبرة المصرية في مجال مكافحة الإرهاب والتي يمكن أن تستفيد منها دول الخليج بصور مختلفة في إطار علاقات الأخوة والتعاون. من جانبه، أوضح ضياء رشوان مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، والذي أدار أعمال الورشة، أهمية تطوير مداخل متعددة للتعاون بين مصر ودول الخليج العربي في مجال مكافحة الإرهاب والذي أصبح تهديدًا مشتركًا تواجهه هذه الدول في المرحلة الحالية لاسيما في ظل تأكيد القيادة المصرية على ارتباط أمن دول الخليج العربي بالأمن القومي المصري. إلى جانب ذلك، أكد الدكتور على الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على أهمية التمييز بين التطرف كسمة فكرية من ناحية والإرهاب كسلوك فعلي من ناحية أخرى وعلى أهمية التعاون بين الدول الخليجية وبعضها البعض ومع الدول العربية الأخرى في مكافحة الإرهاب. وقد ناقشت ورشة العمل ستة محاور رئيسية شملت أشكال التطرف والإرهاب في دول الخليج وتقييم برامج مكافحة التطرف بين الشباب في دول الخليج وتقييم فاعلية الجهود الجماعية الخليجية لمكافحة الإرهاب ومداخل تعزيز التعاون بين مصر ودول الخليج في مكافحة التطرف والإرهاب. وقد ناقشت الدكتورة إيمان رجب الخبير في شئون الخليج بمركز الأهرام للدراسات، التحول في أشكال التطرف والإرهاب في الخليج من حيث انتشار نمط "الإرهاب بلا قيادة" والذي أصبح يستهدف أهدافًا مدنية سواء أخذ شكل الخلايا صغيرة العدد والتي تعمل تحت اسم الدواعش المحلية أو الذئاب المنفردة وذلك إلى جانب اكتسابه بعدًا طائفيًا. وأكدت على أهمية إدراك أبعاد التحول في ظاهرة الإرهاب الذي تشهده دول الخليج خلال المرحلة الحالية مقارنة بموجة الإرهاب التي عانت منها هذه الدول في الفترة ما بعد احتلال العراق في 2003 سواء من حيث الفئة العمرية لمن ينفذون العملية الإرهابية أو من حيث نمط العمليات الإرهابية أو من حيث نمط العمليات أو أهدافها أو من حيث تزايد أهمية العوامل الداخلية المتمثلة في جاذبية الأفكار الإرهابية والمتطرفة بالنسبة للشباب الخليجي، كما أكدت على وجود عدد من الاشكاليات التي تجعل عملية التطرف والإرهاب في دول الخليج عملية معقدة على نحو يحدد سقفًا معينًا لفرص تعاون مصر معها في هذا المجال. فيما قيم الخبير في الحركات الإسلامية في مجلة السياسة الدولية على بكر برنامج "المناصحة" في السجون الذي تنفذه السعودية منذ عام 2006 من خلال "مركز الأمير نايف للمناصحة والرعاية"، بهدف إعادة تأهيل الموقوفين أثناء فترة وجودهم في السجون ورعايتهم بعد تراجعهم عن الفكر المتطرف. وقد أوضح الأستاذ بكر أن نسبة من عاد إلى "الفعل العنيف" مرة أخرى ممن خضعوا لهذا البرنامج بلغت 19% من معتقلي جوانتامو و13% من المعتقلين داخل السعودية، وأكد على أن الاختبار الحقيقي لهذا البرنامج يكون عندما يوجد هؤلاء في بيئة توجد بها هذه الأفكار المتطرفة يمكن اعتناقها دون قيود. بينما قدم الشيخ أحمد تركي مدير عام التدريب وبحوث الدعوة بوزارة الأوقاف المصرية وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية رؤية حول جهود تجديد الخطاب الديني في دول الخليج وتحديدًا الجهود التي تبذلها كل من الإمارات والسعودية باعتبارهما من أوائل الدول الخليجية التي اهتمت بهذا البعد في مكافحة التطرف والإرهاب. وأوضح الشيخ ترك أهمية تجديد الفكر الإسلامي كنقطة انطلاق في تجديد الخطاب الديني في دول الخليج وضرورة تدريب الأئمة والخطباء على التواصل مع الشباب بلغة يفهمونها وإطلاق منابر إعلامية جديدة وقنوات متخصصة في نشر الوسطية الإسلامية. وحول جهود دول الخليج في مكافحة التطرف بين الشباب أشار يوسف ورداني الخبير في دراسات الشباب إلى تفاوت اهتمام الدول الخليجية بمحاربة التطرف، وقدم فعالية برامج مكافحة التطرف في وقاية الشباب الخليجيي وتحصينه ضد الأفكار المتطرفة، واهتم بتقييم موقع "السكينة" في السعودية وموقع "صواب" في الإمارات، وأكد على حاجة الدول الخليجية إلى تطوير هوية وطنية جامعة تتخطى الاختلافات المذهبية والسياسية وتطوير سياسات فعالة للتعامل مع فئة الشباب. إلى جانب ذلك، قام الدكتور محمد عز العرب الخبير في شئون الخليج بمركز الأهرام للدراسات بتحليل الجهود التي تبذلها دول الخليج في إطار مجلس التعاون من أجل المكافحة الجماعية للإرهاب والتي تعود للعام 2002 ثم الاتفاقية الخليجية لمكافحة الإرهاب في 2004 ثم تشكيل اللجنة الأمنية المشتركة في 2006. واختتمت ورشة العمل أعمالها ببحث كيفية التعاون المشترك بين مصر ودول الخليج في مجال دخر الأفكار المتطرفة ووقف خطر انتشار الإرهاب على نحو يهدد استقرار المنطقة العربية بأسرها.