أصبح الإرهاب والتطرف هما الخطر الأكبر الذى يواجه المنطقة العربية فى المرحلة الراهنة، وخصوصا مصر ودول الخليج العربى الست، التى تواجه أشكالا جديدة ومتعددة من التنظيمات والسلوك الإرهابى.. فكيف يمكن لمصر والخليج أن يواجها هذه الأخطار المتنامية، وكيف يمكن أن ينسقا فى هذا المجال، وكيف يمكن أن يستفيد كل طرف من تجارب الطرف الآخر...كل هذه الأسئلة وغيرها طرحت داخل ورشة العمل التى نظمها المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، لمناقشة مخاطر التطرف والإرهاب في مصر ودول الخليج، وسياسات المكافحة المتبعة في هذه الدول سواء على مستوى كل دولة أو على المستوى الجماعي، فضلًا عن اقتراح سياسات محددة خاصة بكيفية تعزيز التعاون بين مصر ودول الخليج في مواجهة هذا التهديد. وقد شارك في اعمال الورشة نخبة من الخبراء والمتخصصين . وقد ناقشت ورشة العمل ستة محاور رئيسية شملت أشكال التطرف والإرهاب في دول الخليج، وتقييم جهود برنامج المناصحة داخل السجون، وتقييم جهود تجديد الخطاب الديني في دول الخليج، وتقييم برامج مكافحة التطرف بين الشباب في دول الخليج، وتقييم فاعلية الجهود الجماعية الخليجية لمكافحة الإرهاب، ومداخل تعزيز التعاون بين مصر ودول الخليج في مكافحة التطرف والإرهاب. وأكد اللواءأحمد الشربيني مدير المركز القومي في افتتاحه للورشة على تزايد أهمية قضيتي التطرف والإرهاب بالنسبة لمصر ودول الخليج، التي شهدت موجات متعددة من العمليات الإرهابية. ومن جانبه أوضح الأستاذ ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والذي أدار أعمال الورشة، أهمية تطوير مداخل متعددة للتعاون بين مصر ودول الخليج العربي في مجال مكافحة الإرهاب، والذي أصبح تهديداً مشتركاً تواجهه هذه الدول في المرحلة الحالية. إلى جانب ذلك، أكد الدكتور علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة على أهمية التمييز بين التطرف كسمة فكرية من ناحية، والإرهاب كسلوك فعلى من ناحية أخرى، وعلى أهمية التعاون بين الدول الخليجية وبعضها البعض، ومع الدول العربية الأخرى في مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل تنامي أخطار التنظيمات الإرهابية في عدد من الدول العربية، بما يهدد بتفكيك بعضها وعدم استقرار بعضها الآخر. وقد ناقشت الدكتورة إيمان رجب الخبير في شئون الخليج بمركز الأهرام للدراسات، التحول في أشكال التطرف والإرهاب في الخليج، من حيث انتشار نمط "الإرهاب بلا قيادة"، والذي أصبح يستهدف أهداف مدنية، سواء أخذ شكل الخلايا صغيرة العدد، والتي تعمل تحت اسم الدواعش المحلية، أو الذئاب المنفردة، وذلك إلى جانب اكتسابه بعداً طائفياً، مما يجعل التهديد الذي تواجهه هذه الدول مختلفاً عن الذي تواجهه دول أخرى في الإقليم مثل مصر، التي تعاني من نوع آخر من الإرهاب والتطرف. وكذلك أكدت على وجود عدد من الإشكاليات التي تجعل عملية مكافحة التطرف والإرهاب في دول الخليج عملية معقدة، على نحو يحدد سقفاً معينًا لفرص تعاون مصر معها في هذا المجال. كما قيم علي بكر، الخبير في الحركات الإسلامية في مجلة السياسة الدولية، برنامج المناصحة في السجون الذي تنفذه السعودية منذ العام 2006. بينما قدم الشيخ أحمد تركي، مدير عام التدريب وبحوث الدعوة بوزارة الأوقاف المصرية وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، رؤية حول جهود تجديد الخطاب الديني في دول الخليج، وتحديداً الجهود التي تبذلها كل من الإمارات والسعودية. وحول جهود دول الخليج في مكافحة التطرف بين الشباب، أشار يوسف ورداني الخبير في دراسات الشباب إلى تصاعد انجذاب الشباب الخليجي إلى الانضمام إلى التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق، وتحوله مؤخراً في السعودية والكويت إلى تنفيذ أعمال إرهابية ذات بعد طائفي. ونبه ورداني إلى تفاوت اهتمام الدول الخليجية بمحاربة التطرف، وقام بتقييم فعالية برامج مكافحة التطرف في وقاية الشباب الخليجي وتحصينه ضد الأفكار المتطرفة، واهتم بتقييم موقع "السكينة" في السعودية، وموقع "صواب" في الإمارات، وأكد على حاجة الدول الخليجية إلى تطوير هوية وطنية جامعة تتخطى الاختلافات المذهبية والسياسية، وتطوير سياسات فعالة للتعامل مع فئة الشباب. إلى جانب ذلك، قام الدكتور محمد عز العرب، الخبير في شئون الخليج بمركز الأهرام للدراسات، بتحليل الجهود التي تبذلها دول الخليج في إطار مجلس التعاون من أجل المكافحة الجماعية للإرهاب، والتي تعود للعام 2002، عندما عملت دول الخليج على تكثيف جهودها في إطار مجلس التعاون من أجل تنسيق سياسات مكافحة الإرهاب بصورة جماعية، وهو ما عبر عنه "إعلان مسقط" الذي صدر في 2002، ثم الاتفاقية الخليجية لمكافحة الإرهاب في 2004، ثم تشكيل اللجنة الأمنية المشتركة في 2006. فيما أكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على أن مصر تقوم بالتنسيق والإجراءات اللازمة مع دول الخليج العربي في مكافحة الإرهاب.وأكد أهمية الاستفادة من الخبرات التي قدمت في دول مجلس التعاون الخليجي في هذا الاتجاه، وخصوصا السعودية، بما في ذلك تقديم خبرات العائدين من الفكر الداعشي تحديدا وكذلك من فكر القاعدة وكيفية استيعابهم في المجتمع. واختتمت ورشة العمل أعمالها ببحث كيفية التعاون المشترك بين مصر ودول الخليج في مجال دحر الأفكار المتطرفة ووقف خطر انتشار الإرهاب على نحو يهدد استقرار المنطقة العربية بأسرها.