بدا واضحا أن جماعة الإخوان أيقنت أنها تحارب في معركتها الأخيرة بعدما أصبحت بين مطرقة الرفض الشعبي وسندان الضربات الأمنية المتلاحقة والموجعة والتي استهدفت تقريبا أبرز قادتها، ونتيجة تلك الضربات لم تجد الجماعة بداً من الاستعانة بالحليف الأقوى لها، وهو “,”ماما أمريكا“,” فاتخذت قياداتها الآن من ال“,”سي آي إيه“,” (وكالة الاستخبارات الأمريكية) قائدا ومرشدا عاما لها طبقا لما أكدته مصادر سيادية ل“,”البوابة نيوز“,”، حيث رصدت الأجهزة الأمينة لقاءات سرية بين عملاء مصريين من التنظيم الدولي للإخوان وضباط لجهاز المخابرات الأمريكية مسئولين عن تشغيلهم في العديد من الدول بالمنطقة، خاصة تركيا وقطر وإيران وفلسطين ومصر لتبادل المعلومات ومعرفة الرسائل وتكتيك العمليات المستقبلية للضغط على الجانب المصري. وقالت المصادر، إن عناصر التنظيم السري للجماعة طلبوا من ضباط المخابرات الأمريكية معرفة موقف الولاياتالمتحدة حال قيام العناصر الجهادية والإرهابية في سيناء بفرض أمر واقع جديد على الأرض يهدف إلى تهديد المجرى الملاحي لقناة السويس عن طريق ضرب إحدى السفن المارة لخلق رأي عام دولي يؤكد تفاقم الوضع الأمني في مصر لدرجة تهديد أمن المجرى الملاحي العالمي لتجد فيه الولاياتالمتحدة الفرصة لتشديد لهجتها تجاه مصر بجانب الموقف الدولي الأوروبي الذي كان ضاغطا على مصر منذ نجاح ثورة 30 يونيه خاصة بعد أن نجحت تلك التنظيمات المسلحة في استقطاب آلاف من الإرهابيين المسلحين من العديد من الدول مثل سوريا وفلسطين واليمن وروسياوأفغانستان وباكستان إلى جانب مصر . اللواء محمود زاهر الخبير العسكري يؤكد ل“,”البوابة نيوز“,” أن القيادات السرية المسئولة الآن عن تنظيم جماعة الإخوان نصبوا أمريكا والسي آي إيه مرشدا عاما لهم، وهذا ليس جديدا على الإخوان لأن الحقيقة التي لا تحتاج إلى مواربة وآن الأوان لكشفها، والتعامل معها على أنها من أدبيات التاريخ السياسي للجماعة هي أن الإخوان عميل أمريكا الأول في المنطقة، وهذا ليس جديدا لأن تنظيم الإخوان منذ نشأته، وهو العميل الأساسي لدعم المخططات الغربية ففي عام 1948 كان التنظيم عميلا لبريطانيا والآن هو عميل للولايات المتحدة، وهذا هو التطور الطبيعي للتربية التي نشأ عليها ذلك التنظيم. ويشدد الخبير العسكري على أن أمريكا لن تفرط في عميلها بسهولة لأنه لا يوجد الآن في مصر البديل المنظم الذي يستطيع لعب هذا الدور غير السلفيين الذين رأت الإدارة الأمريكية استحالة اعتمادهم بديلا للإخوان لاختلاف العقيدة السياسية بينهما، فالسلفيون لا تحكمهم لغة المصالح كما أن الوازع الديني والأخلاقي لديهم يحد من التوافق مع النوايا الأمريكية لذا تلعب واشنطن الآن دور المخطط لحليفها وعميلها للحفاظ على بقائه، وهو ما يظهر في الخطة التي وضعها ال“,”سي آي إيه“,” للإخوان في مصر بعد رفض خيارهم الإستراتيجي بتبني العنف والسيطرة على سيناء وتهديد أمن قناة السويس. وأضاف: ويعود رفض أمريكا لخطة الجماعة في تهديد المجرى الملاحي الدولي إلى خوف واشنطن من أن ينقلب الأمر وبدلا من أن يتحول غلق القناة من أداة للضغط على مصر يتحول إلى أداة للضغط على أمريكا والدول الغربية، إذا قامت مصر بانتهاز الفرصة وغلق القناة لفترة طويلة مما يهدد مرور حاملات النفط القادمة من الخليج لأمريكا والغرب وهو بالطبع ما يؤثر سلبا على أمريكا وحركة التجارة الأوروبية للمنطقة، وفي المقابل لن تخسر مصر سوى إيراد رسوم العبور الذي لن يتعدى 5 مليارات دولار حال إغلاقها لمدة عام إلا أنها ستعوضه من خلال الدعم الخليجي لها. ولهذه الأسباب كما يقول اللواء زاهر رفضت أمريكا هذا السيناريو للإخوان، وطلبت منهم الالتزام بخطة السي أي إيه البديلة التي تعتمد على حشد الإخوان في الشارع بطريقة سلمية حتى تضعط على الحكومة المصرية لتحسين شروط التفاوض، وتشغل الرأي العام مما يمكن واشنطن من استخدام عناصرها في الإعلام الدولي لإبراز حقوق ومطالب هذا الفصيل السلمي ثم تلعب المخابرات الأمريكية دورا داخليا باستخدام رجال الطابور الخامس للترويج لفكرة المصالحة عن طريق رجالها في مصر، وبالتالي تنجح الولاياتالمتحدة في بقاء شجرة الإخوان. اللواء رضا داوود، الخبير العسكري يشير إلى أن أمريكا ترفض الوقوف في خندق تبني العنف مع جماعة الإخوان لأن هذا الموقف يجعل أمريكا تخسر مصالحها مع مصر، وهو ما أكدت عليه مراكز وجهات المعلومات في أمريكا، خاصة أن إدارة أوباما تحصل على فوائد ومنافع إستراتيجية في مصر تتعلق بتسهيلات عسكرية ولوجستية في المرور من قناة السويس. كما أن أمريكا تستخدم المجال الجوي المصري بما لا يخالف ويهدد المصالح المصرية، وهناك تعاون بين الدولتين في محاربة الإرهاب، إلى جانب حماية حدود إسرائيل، وأن أوباما وأمريكا يعلمان جيدا الآن أن دعمهما للانفلات الإجرامي للإخوان في مصر أصبح مرفوضا من الشعب الذي تحول زمام السلطة إليه، وربما يضغط على قادته لقطع العلاقات مع أمريكا فتذهب مصر إلى أحضان روسيا لتغرف من مخازن أسلحتها وتذهب مليارات الدولارات التي أنفقتها أمريكا والتي تجاوزت ال50 مليار دولار في الدعم الفني والمعونة العسكرية طيلة 30 عاما هباء لذلك كله تعمل الولاياتالمتحدة على بقاء حليفها دون خسارة العلاقات الإستراتيجية مع مصر من خلال قيادة الملعب السياسي والوجيستي لجماعة الإخوان التي لا تستطيع أن تفعل شيئا في مصر دون الاستئذان من أمريكا نصيرها المبين . مسئول تنظيم الجهاد السابق نبيل نعيم يؤكد أن العمليات القذرة لجماعة الإخوان ليس لها سقف، ولكن قدرتهم على بسط سيطرتهم على سيناء وتهديد قناة السويس أمر مشكوك فيه بل بالغ الصعوبة بالنسبة للعناصر الموجودة في سيناء، لأن العوامل الطبيعية والإقليمية لحرب العصابات لا تتوافر لهم في سيناء، وذلك لأن طبيعة الأرض منبسطة وليست جبليه كما أن الطرق تتيح للمركبات والمدرعات الحركة بسرعة وإجراء المناورات عكس الطبيعة الجبلية القاسية في أفغانستان . ويشير نعيم إلى أن هناك عاملا آخر ليس أقل أهمية هو غياب العمق الإقليمي للتنظيمات المسلحة، فمصر ليست دولة مفتوحة على الجيران مثل سورياوأفغانستان، وقد نجحت القوات المسلحة في عزل تلك التنظيمات عن ظهيرها في غزة .