ما تلبث أن تعبر البوابة الأمنية للسيرك القومى، حتى تشعر ببهجة تسرى فى أنحاء جسدك.. تمتزج بأصوات الأسود التى تزأر استعدادا لإبهار الجمهور بحركات بهلوانية مثيرة.. بينما يمكث «البلياتشو» فى غرفته يعيد مرارا وتكرارا «الإفيهات» التى يحفظها، وهو يلون وجهه بألوان فاقعة تميزه عن غيره.. كما تتأكد لاعبة «الأكروبات» من سلامة معداتها من حبال وأطواق، بعد أن هيأت جسدها المرن للقفز من علو شاهق.. فيما تنتظر «الكوبرا» فى صندوقها الخاص، لمواجهة مدربها الذى علمها أصول الهجوم.. وأخيرا يجلس الساحر فى جلسة مغلقة مع نفسه، يجهز أدواته من صناديق وأوراق الكوتشينة وأحبال، وحمامة بيضاء صغيرة يخرجها من كُم قميصه. رغم احتراف لاعبى السيرك، إلا أنهم يقدمون فقراتهم، وكأنها المرة الأولى.. تُحبس الأنفاس.. يتأهب الجميع.. يتخذ كل فرد موقعه انتظارا لموعد فقرته، فلا مجال لحدوث أى خطأ، من أجل أن يعيش الجمهور ساعتين ممتزجتين بالسعادة والإثارة والخوف والترقب. سنوات طويلة قضاها لاعبو السيرك وأسرهم، يمنحون الجمهور بهجة مجانية، تفوق ساعات التدريب الطويلة التى يقضونها، فلا يشعرون بحجم المخاطر التى يتعرضون لها فى عروضهم، غير عابئين بما قد يصيبهم، ليبقى شاغلهم الوحيد هو رسم الابتسامة على شفاه الحضور.