وسط تصريحات متضاربة للمسئولين فى إسرائيل وحماس، بشأن جولة تفاوض حول اتفاق تهدئة طويلة الأمد، قد تتراوح بين 8 و10 سنوات، تاهت الحقائق، ففى كل جانب يعلن المسئولون القليل من المعلومات، بينما يخفون الكثير، رغم تأكيدات كثير من المحللين أن الجانبين سيكسبان من الاتفاق فى حال إبرامه، ووصل الأمر إلى حد زعم محلل إسرائيلى أن «ثمن الصفقة بالنسبة للحكومة الإسرائيلية هو صفر». كانت الأنباء المتداولة حول المفاوضات بين الجانبين انطلقت عقب اجتماع بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ورئيس المكتب السياسى لحركة حماس، خالد مشعل، فى العاصمة التركية أنقرة، تلاه تصريحات ياسين أقطاي، مستشار رئيس الوزراء التركي، لجريدة هآرتس العبرية، قال فيها: إن «اتفاقا بين إسرائيل وحماس بات فى الطريق»، متوقعا أن ينهى الحصار المفروض على قطاع غزة، ويؤدى إلى فتح المعابر، ووقف إطلاق النار. وبعد مقابلة أردوغان ومشعل، توجه الأخير إلى السعودية، بعدما أصبحت الرياض معنية بإعادة حماس إلى الأحضان العربية، وإبعادها عن التحالف الإيراني، ما جعلها تسعى إلى دعم الاتفاق، وفى الوقت نفسه، توجه وفد رفيع المستوى من قيادات حماس، يضم إسماعيل هنية، وفوزى برهوم، وخليل الحية، إلى القاهرة، لمناقشة ترميم العلاقات بين الجانبين، والاتفاق المرتقب بين إسرائيل وحماس. ورغم الأنباء المتواردة عن اتفاق التهدئة، والتحركات الإقليمية المكثفة لقيادات حماس، تمسكت إسرائيل بنفى وجود مفاوضات مع الحركة، مؤكدة عدم وجود مباحثات مباشرة أو عبر وسطاء، بحسب بيان أخير صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وأثار نفى نتنياهو وجود مفاوضات مع حماس جدلا فى الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، خاصة مع تأكيدات بأن إسرائيل ستستفيد كثيرا من الاتفاق، الذى لن يلزمها بشيء، على حد وصف وسائل الإعلام الإسرائيلية. ومن جهته، اعتبر الكاتب والمحلل الإسرائيلي، تسفى برئيل، فى تصريحات لجريدة هآرتس العبرية، أن «إسرائيل ليست فى حاجة لإنكار التفاوض مع حماس، بل المفترض أن تعلن ذلك وتتباهى بوجوده، لأنها تثبت للعالم أن حماس معنية بالتسوية الآن، وأنها تلقت درسا قويا فى حرب الجرف الصامد جعلها تسعى نحو الهدنة». وأشار برئيل إلى أن إسرائيل لن تخسر شيئا من الاتفاق، لأن وقف إطلاق النار على المدى البعيد سيخدم حكومة نتنياهو، كما سيحسب لها، على حد قوله، مضيفا أن بناء ميناء فى غزة لا يلزم إسرائيل بالانسحاب من المناطق الخاضعة لسيطرتها، أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو منح الحقوق ل1.8 مليون نسمة من سكان القطاع. وأضاف، أن «الاتفاق سيجعل موقف الرئيس الفلسطينى محمود عباس هامشيا، ولن يعد فى إمكانه تهديد إسرائيل بأنه سيزور إيران فى نوفمبر المقبل، لأنه سيجد أن حماس أصبحت صديقا لإسرائيل»، موضحا أن «الحركة فى وضع سيئ، فهى تضطر إلى الحفاظ على الهدوء فى المناطق الحدودية مع إسرائيل، بينما تسعى من جهة أخرى خلف مصر التى تحارب الحركة الأم لها، وهى جماعة الإخوان، لذلك فإن إسرائيل وجدت فرصة تاريخية لصفقة مجنونة ثمنها صفر». وفى تحليله للأنباء المتداولة حول المفاوضات، قال البروفيسور إيال زيسر فى مقال بجريدة إسرائيل اليوم: إن «الاتفاق المتبلور يؤكد أن حرب الجرف الصامد حققت أهدافها، وأن حماس فقدت شهيتها للتصعيد فى مواجهة إسرائيل». وأوضح أن «توتر العلاقة بين مصر وحماس، واعتبار كثير من المصريين أن حماس هى جزء لا يتجرأ من الإرهاب فى سيناء، دفع الحركة إلى السعى وراء التهدئة مع إسرائيل»، مضيفا أن «ضمان نجاح الاتفاق يستلزم تأكيد أن الهدوء فى غزة لا يصاحبه تصعيد مع الرئيس الفلسطينى فى الضفة الغربية، أو استفزازه، لأنه الرئيس الشرعى للفلسطينيين أمام المجتمع الدولي، كما يحب التوصل من خلال الاتفاق إلى تفاهمات جديدة مع تركيا وقطر، بوصفهما رعاة حماس، والأهم ضمان ألا تؤدى التهدئة إلى تغلغل إيران فى غزة تحت نظر إسرائيل».