قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن المصريين على قناعة بأن "هجمات حماس" على إسرائيل تهدف لغرس "نصال سياسية" في مصر ورئيسها الجديد. واستشهدت الصحيفة بمقال للدكتور عماد جاد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية اعتبر فيه أنه لا يوجد تفسير منطقي ل"خرق" حماس اتفاق التهدئة مع إسرائيل عدا محاولة إرباك القيادة المصرية الجديدة، مشيرا إلى أن حماس تسعى لدفع القيادة المصرية للخضوع لابتزازها وضغطها بالشكل الذي يؤثر سلبا على العلاقات بين مصر وإسرائيل، ويعمل على توتير العلاقات بين القاهرة وواشنطن. جاد أوضح أن حركة حماس تمسكت بالتهدئة عندما كان الإخوان في حكم مصر، لإثبات أنه بإمكان النظام المصري الحفاظ على الهدوء في غزة، وعندما وصل السيسي للحكم قررت الحركة تحديه. "تسفي برئيل" محلل الشئون العربية بالصحيفة أكد أن مقال جاد معيب من الناحية التاريخية، لكنه يشير إلى ما وصفها ب"روح القائد" التي تسود الآن في مصر، مضيفا بالقول" هذا الموقف من الممكن أيضا أن يفسر لماذا ُيغْضِب "الخيار المصري"- الذي يقضي بأن مصر هي التي تتحمل مسئولية الهدوء في القطاع- الرئيس السيسي". وتطرق "برئيل" إلى تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لقناة "صدى البلد" حيث قال غاضبا: "لماذا يأتي المجتمع الدولي إلى مصر بزعم أنها لا تقوم بفتح معبر رفح، بينما يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على 6 معابر؟". وتابع المحلل الإسرائيلي: "أيا كانت أسباب خرق التهدئة، فإن استمرار الهجمات على إسرائيل يفتح ساحة مُرة بين حماس ومصر. خاصة على خلفية الأنباء التي تقول إن حماس توجهت لقطر وتركيا لمحاولة التوصل لوقف إطلاق النار". "صحيح أن حماس أنكرت أن يكون خالد مشعل زار تركيا لهذا الهدف، لكن نشر الأخبار في حد ذاته ولد موجة تحليلات في مصر تقضي بأن صواريخ حماس لم تعد وسيلة للدفاع أو الرد ضد إسرائيل، بل جزء من عملية سياسية لتحسين وضع الحركة وفرض طابع للمفاوضات". محلل" هآرتس" اعتبر أن هدف الصواريخ وفقا لهذا التحليل هو تحقيق نصر سياسي، بأن تظهر حركة حماس على أنها الجهة الوحيدة التي تواصل حرب المقاومة ضد إسرائيل، وإظهار محمود عباس كشخص "غير مفيد" للقضية الفلسطينية، وتحويل حماس إلى الجهة الوحيدة التي بإمكانها التفاوض على كبح إسرائيل والتوصل إلى حراك دولي تلعب حماس دور البطولة فيه. "لكن في الوقت ذاته يبدو أن نجاح حماس السياسي جزئي فقط، صحيح أنه من المتوقع أن يجتمع وزراء خارجية الجامعة العربية بالقاهرة اليوم لبحث الرد العربي على الحرب، وصحيح أن تظاهرات صغيرة أُحرقت فيها أعلام إسرائيل قد انطلقت في القاهرة والأردن، لكن معظم وسائل الإعلام العربية لا تدخر وسعا في انتقاد حماس بعنف إلى جانب دعمها لسكان غزة الذين يتعرضون للهجوم". وأضاف المحلل الإسرائيلي أن الانتقاد المصري كان الأكثر تطرفا ضد حماس وقادتها الذين وصفهم الإعلام في القاهرة بأنهم "يختبئون في مخابئ سرية، ويأكلون جيدا ويغتسلون في حمام ساخن بصابون مستورد"، لافتا إلى أن بعض الصحف استخدمت فعلا تعبيرات" إبادة جماعية" أو " قتل جماعي" في وصفها للهجوم الإسرائيلي على غزة، لكنهم أيضا يذَكرون أن في سوريا قتل نحو 170 ألف شخص. مع ذلك -والكلام ل"برئيل"- يبدو أن حماس تمارس منظومة ضغوط غربية وخاصة أمريكية، أكثر من نجاحها في إيقاظ الرأي العام العربي. وصرح دبلوماسي غربي ل" هآرتس" أن" هناك تخوفات من أن يؤدي استمرار القصف -رغم أنه لم يتسبب في خسائر بشرية في إسرائيل- إلى دفع إسرائيل لتنفيذ هجوم بري. هجوم كهذا من المتوقع أن يلعب لصالح حماس، وقتها سيقوم العالم كله ضد إسرائيل". وقال المحلل الإسرائيلي إنه وعلى خلفية العلاقات المتوترة مع مصر، من المتوقع أن تطلب حماس حال التوصل لأي اتفاق تهدئة مع إسرائيل ضمانات دولية لتنفيذ هذا الاتفاق، بعد أن كانت مصر وحدها المعنية منذ عام 2012 بهذا الدور من الطرفين. واعتبر أن هذا يعني اعترافا دوليا بوضع حماس، وهو ما سترفضه إسرائيل ويتوقع أن ترد عليه بتصعيد الهجوم على غزة، الأمر الذي ستقابله حماس بتسويق دعواتها للتهدئة لإظهار إسرائيل كمن تعارض وقف إطلاق النار، ومن هنا تظهر حماس وكأنها مضطرة لإطلاق مزيد من الصواريخ على إسرائيل.