انطلقت في مدينة ورزازات المغربية أو كما يسمونها "هوليوود المغرب" وتحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان أحواش، الذي تنظمه وزارة الثقافة المغربية ويشارك فيه عدة فرق من الفرق الفنية للأحواش من مختلف مناطق المغرب. وتهدف وزارة الثقافة المغربية من إقامة هذا المهرجان بحسب ماقاله محمود الزماطى مندوب وزارة الثقافة المغربية إلى حماية التراث الفني الامازيغى من الاندثار من خلال الاستمرارية وإنعاش الذاكرة به وإبراز أصالته وقوة الإبداع فيه عن طريق جعل هذا المهرجان سنويا. وعلى هامش فعاليات الليلة الأولى للمهرجان والذي من المقرر أن يعقد على مدى ثلاثة أيام تم تكريم الفنانة كبيرة أوفينت وهى من بين أشهر وأقدم الفنانات اللواتي تركن بصمة ولمسة خاصة على فن أحواش بورززات بصفة خاصة وبجهة سوس بصفة عامة وشاركت بالعديد من المحافل والمهرجانات الوطنية والدولية.. كما تم أيضا تكريم الفنان محمد أيت الغاشي الذي يعتبر هو كذلك من قدامى فن أحواش بالمنطقة. وتشارك في المهرجان، 18 فرقة فلكلورية أمازيغية تمثل تلوينات مختلفة من فن أحواش والذي تشتهر به القبائل الأمازيغية بمناطق جبال الأطلس الكبير وجبال الأطلس الصغير والواحات الصحراوية التي تقطنها هذه القبائل، لتعبر من خلال هذا التراث الفني الذي يؤدي بشكل جماعي راقص عن أفراحها، وابتهاجها بأيام الخصب ومواسم الحصاد، وأعراس أبنائها، وتحضره النساء والرجال على حد السواء في تناغم يستحضر العادات الخاصة بكل منطقة. ورقصة "أحواش" حسب ما ذكره محمود الزماطى في لغة أهل هذه القبائل هي "الرقص الشعبي الجماعي" وهي أحد أقدم أشكال التعبير الفني الذي عرفت به مختلف القبائل الأمازيغية التي استوطنت منطقة سوس "وسط المغرب"، وجبال الأطلس الصغير إلى حدود الصحراء، وأوضح أن هذه الرقصات تتنوع وتختلف حسب الطبائع السائدة في هذه المناطق، والروافد التاريخية التي تأثرت بها مشيرا إلى أن بعض الباحثين في تاريخ الفنون الشعبية بالمغرب، يربطون هذه الرقصة، برقصة أخرى قديمة اندثرت تدعى "الدرست" اشتهرت بها قبائل الأمازيغ منذ مئات السنين، تقول الرواية التاريخية إنها عبارة عن "مجموعة من الرقصات المتصلة أساسها ترديد الأغاني القديمة، ونقر الدفوف ومنها تفرعت باقي رقصات "أحواش" وتعتبر فرقة "أحواش قلعة مكونة"، التي تزين نسوتها رءوسهم ب"تاج الصوف الملون"، أحد أنواع هذه الفرقة الراقصة التي ارتبطت بمجال جغرافي، زاخر بالإرث الثقافي وبتاريخ قديم نشأ بأحد أكبر واحات المغرب فعلى ضفاف وادي "مكون" و"دادس" "بالقرب من مدينة ورزازات المغربية "، حيث تقيم قبائل أمازيغية عريقة ك"آيت عطا" وقبائل "مكونة"، تشتهر هذه الواحات بنخيلها وحقولها الشاسعة الذي تختار قبائل المنطقة في موسم قطافه "ملكة جمال" تدعى "ملكة الورود"، في تقليد قديم دأبت على إقامته بشكل سنوي، كما تتميز المنطقة ببناء معماري فريد، والمؤلف من "قصبات وقصور طينية" أو ما يسميه أهلها بالأمازيغية"إيهرمان"، والذي يحوي عددا من المنازل يقطنها أهل ذات "النسب" من نفس القبيلة، أو من تجمعهم علاقة قربى، يحصنها سور القصبة، حيث يشبه هذا التنظيم الاجتماعي ما يعرف اليوم ب"الإقامات السكنية المشتركة"، وداخل أسوارها تقام "رقصة أحواشط عند كل احتفال. وحين يبدأ قرع الدفوف، وترديد أول أبيات الشعر الأمازيغي، يكون الرجال "الراقصون" قد انتظموا في صفوف مقابلة لصفوف النسوة، اللواتي يشترط فيهن أن يكن من غير المتزوجات، حيث تمنع القبيلة على أي فتاة المشاركة في أداء هذه الرقصات بعد الزواج، تنطلق الرقصة ب"تحواشت" وهي المرحلة الأولى التي تضبط فيها الفرقة إيقاعها، تبدأ الصفوف مع نقر بطيء للدف في التمايل يمنة ويسرى، تتحرك النسوة في منحى معاكس للرجال، فإن رددوا هم بيت شعر مرتجل أو من وحي الثرات، حتى تجبهن بدورهن بمقطع آخر، في محاورة غنائية راقصة تتواصل طوال أطوار أداء "رقصة أحواش" يسميها أهل المنطقة ب"تنطامين". ويرى الدارسون أن لهذه الحركات دلالة خاصة لدى كل قبيلة تعكس طبيعة العلاقة بين أفرادها وتستحضر موروثا لا يعود فقط لعهد الفتح الإسلامي لهذه المناطق بل يمتد لمئات السنين قبله.