يقول فلسطينيون قدموا من سوريا إلى قطاع غزة الفلسطيني إنهم يسعون إلى الهجرة بطريقة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية، عن طريق البحر، على أمل التخلص من الأوضاع الصعبة التي يعيشونها في القطاع المحاصر إسرائيليا منذ سبع سنوات . هؤلاء الحالمون بالرحيل إلى أوروبا يقولون إنهم يعانون من أوضاع قاسية في غزة التي وصلوا إليها خلال الفترة الماضية، هاربين من جحيم القتال الدائر في سوريا منذ مارس 2011 بين القوات النظامية وقوات المعارضة، التي تطالب بإنهاء أكثر من أربعين عاما من حكم عائلة بشار الأسد، وإقامة نظام حكم ديمقراطي يتم فيه تداول السلطة . ويقيم نحو 472 ألف فلسطيني في 12 مخيما في سوريا، إضافة إلى 120 ألف خارج المخيمات . وبحسب إحصائية ل“,”دائرة شؤون اللاجئين“,” التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فقد دخل إلى غزة، منذ بدء الصراع في سوريا، أكثر من 150 أسرة فلسطينية، ثم توقف الدخول إلى القطاع منذ أكثر من شهرين؛ جراء الحملة العسكرية التي يشنها الجيش المصري ضد ما يسميها “,”جماعات إرهابية“,”، وتدميره لأنفاق التهريب بين شبه جزيرة سيناء (شمال شرق) وقطاع غزة . ويقول الفلسطيني القادم من سوريا، “,”أبو سائد“,” (50 عاماً)، الذي رفض نشر اسمه بالكامل، إنه رحل من سوريا إلى غزة قبل أكثر من ثمانية أشهر مع زوجته وأبنائه بعد تصاعد الأحداث على الأراضي السورية . ويتابع “,”أبو سائد“,”، بقوله، في حديث مع وكالة الأناضول: “,”اتخذت قرارا بالهجرة غير الشرعية، بعد أن يئست من الحياة التي أعيشها في غزة، فالحياة هنا صعبة للغاية.. لا عمل ثابت فيها، ولا مقومات جيدة للحياة “,”. ويوضح قائلا: “,”لو تحدثنا عن السكن، فإن أسعار الشقق السكنية سواء للإيجار أو للشراء مرتفعة جداً، وحتى هذه اللحظة لم تتكفل بسكننا أي جهة رسمية أو خيرية في غزة “,”. ويضيف: “,”لم أجد حلاً لتحسين ظروف حياتي سوى الهجرة غير الشرعية إلى أي بلد أوروبي عن طريق البحر، فهناك يمكن للأحلام أن تتحقق، ويمكن للواقع أن يتحسن، ورغم أن رحلة الهجرة غير الشرعية محفوفة بالمخاطر، إلا أن المجازفة مطلوبة لتوفير حياة أفضل لي ولأسرتي “,”. ويتابع “,”أبو سائد“,”: “,”في هجرتنا إلى دولة أوروبية عن طريق البحر، هناك احتمال أن يتم القبض علينا من القراصنة، أو من الدول التي سنمر بها، لا سيما من السلطات المصرية، كما أنه يجب توفير مبلغ ربما يزيد عن 3000 دولار أمريكي لكل شخص، سيتم دفعها إلى جهات مسئولة عن ترتيب رحلة الهجرة غير الشرعية “,”. ويوضح أنه “,”على تواصل مع الكثير من المعارف الذين هاجروا بحراً إلى دول أوروبية بطريقة غير شرعية، ووصلوا بسلام، حيث يتمتعون الآن بحياة جيدة، إذ توفر لهم الدول المضيفة المسكن، والتعليم المجاني، فضلا عن العمل “,”. وعن مراحل الهجرة الشرعية عبر البحر، يقول “,”أبو سائد“,”: “,”نخرج من المياه المصرية بواسطة قوارب، تعاقدات مع قوارب أخرى في مياه الدول التي ستستضيفنا فيما بعد، وتستمر الرحلة البحرية ما بين خمسة وسبعة أيام “,”. ويشدد على أن “,”الخطر الأكبر هو أن تلقي السلطات المصرية القبض علينا“,”. وفي نهاية الشهر الماضي، ألقت الأجهزة الأمنية المصرية القبض 84 سوريا وفلسطينيا بينما كانوا يحاولون الهجرة إلى أوروبا بطريقة غير شرعية . هو الآخر، يبدي الشاب الفلسطيني القادم من سوريا محمد (23 عاماً)، والذي يرفض نشر اسمه، جاهزيته للهجرة غير الشرعية إلى السويد عن طريق البحر . ويوضح أن “,”الهجرة تتكلف حوالي 4000 دولار، تكاليف الرحلة يحددها أصحاب القوارب.. لا يمكننا الاستمرار في غزة؛ فبالكاد تحاول غزة تدبير أوضاع السكان المحليين (حوالي 1.7 مليون نسمة)، ونحن حتى اللحظة لم نحصل على أقل حقوقنا، مثل السكن والتعليم المجاني “,”. عن هذه الظاهرة، يقول مصدر من “,”لجنة متابعة شؤون اللاجئين من سوريا إلى غزة“,” في السفارة الفلسطينية بمصر، لوكالة الأناضول، إن “,”الفلسطينيين القادمين من سوريا، والذين يتم القبض عليهم في مياه بحر (مدينة) الإسكندرية (شمالي مصر) ويحملون وثائق سورية (خاصة باللاجئين الفلسطينيين)، يتم ترحيلهم إما إلى الأراضي السورية أو اللبنانية على نفقتهم الخاصة “,”. ويضيف المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، أن “,”من يحاول الهجرة، ويقع في قبضة قوات الأمن المصرية، يتم احتجازه، ثم تخيره السلطات بين الترحيل إلى سوريا أو لبنان، لأن حاملي الوثائق السورية لا يدخلون أراضي بقية الدول العربية بسهولة، إذ إن لبنان هي الدولة العربية الوحيدة التي تعترف بتلك الوثائق “,”. هو الآخر، يرجع عصام عدوان، رئيس “,”دائرة شؤون اللاجئين“,” في حركة “,”حماس“,” (التي تحكم غزة منذ يونيو/ حزيران 2007)، نية فلسطينيي سوريا في الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية، إلى “,”سوء الأوضاع المعيشية في غزة ومصر على السواء “,”. ويوضح أنه “,”حتى هذه اللحظة لم تتكفل أي جهة بسكن اللاجئين الفلسطينيين في غزة، وتلك أكبر المعضلات التي يعانيها هؤلاء الفلسطينيون القادمون من سوريا “,”. ويضيف عدوان أن “,”وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كانت قد وعدت بتوفير مبلغ 125 دولار شهريا لكل عائلة قدمت من سوريا؛ ليوفر كل منهم سكنا، إلا أنها لم تقدم لهم أي شيء حتى هذه اللحظة، وتعاملهم معاملة السكان المحليين في غزة، حيث لا توفر لهم إلا خدمات الصحة والتعليم “,”. أما بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين قدموا من سوريا، وأقاموا في مصر، فيقول عدوان إن “,”ما يتعرض له هؤلاء اللاجئون من مضايقات من السلطات المصرية يدفعهم إلى الهجرة غير الشرعية إلى البلاد الأوروبية، حيث سيعيشون حياة أفضل رغم المخاطر“,”. ويفضل عدوان عدم توضيح ما يعنيه بالمضايقات أو حتى سرد أمثلة لها . الأناضول