لم تشفع الأصول التركية ل300 عائلة سورية نزحت من منطقة “,”القصير“,” غربي سوريا إلى بلدة “,”دورس“,” شرقي لبنان، في انتشال تلك العائلات من البؤس الذي تتخبط فيه منذ عام تقريبا في غياب حد أدنى من مقومات الحياة في الخيم التي أقاموها للاحتماء من برد الشتاء وحرارة الصيف . فمئات اللاجئين السوريين التركمان يصارعون للعيش في “,”دورس“,” بعدما لم يجدوا العون من منظمات الأممالمتحدة، وفي ظل عدم قدرة الدولة اللبنانية على إعانتهم، فاحتموا في غرف صغيرة غير مكتملة البناء فور وصولهم إلى لبنان . ومع تدفق المزيد منهم إلى البلدة، اضطروا إلى المغادرة باتجاه السهول الواسعة، حيث أقاموا فيها، بما توفر من مواد خشبية أو من الكرتون أو السجاد وحتى البلاستيك الخاص باللوحات الإعلانية . ومنذ اندلاع الأزمة في سوريا مارس 2011، يعيش في لبنان، بحسب مفوضية شؤون اللاجئين 732 ألف لاجئ سوري مسجلين، فيما تؤكد السلطات اللبنانية أن عددهم الفعلي يتخطى المليون و200 الف لاجئ . “,” تركنا كل شيء.. أرضنا وأرزاقنا شجرنا من التفاح والمشمش.. تركنا بيئتنا“,”، هكذا يتحدث بحسرة الحاج السبعيني، رياض فياض كانجو، الذي يتحدث طويلا عن “,”عزّ“,” كان هو وعائلته ينعمون به في سوريا . ويضيف “,”كانجو“,”، في حديثه لوكالة “,”الأناضول“,”: “,”صحيح أننا تركنا أغلى ما نملك، ولكن الأهم أن العائلة سالمة، ولم يصب أحد بأذى. اليوم لم نعد نهتم إلا بالعودة إلى ديارنا.. هذا هو هدفنا في الحياة .“,” قرب الحاج السبعيني الوسيم، ذو العينين الزرقاوين والوجنتين المتوردتين، تلهو حفيدته “,”براءة“,” ابنة السنوات الخمسة بدمية لا تمتلك مثلها بقية فتيات المخيم، فهي محظوظة بكون عائلتها تمكنت من الاتيان بأربعة بقرات من مزرعتها في سوريا تؤمن اليوم مصاريف الأسرة بعد بيع الحليب إلى أهالي المنطقة . “,” أم هاني“,”، زوجة “,”كانجو“,”، التي تحكي الرسومات على وجهها ويديها عن أصولها التركية، تعيش حالة من الاكتئاب بعدما تركت منزلها وحديقتها المثمرة في سوريا، لتنزوي في خيمة شرقي لبنان، لا تحوي إلا موادا أساسية للعيش . تقول “,”أم هاني“,”، “,”نعيش في ضيق كبير وحالتنا صعبة إلى حد الإهانة؛ لذلك لا نطمح اليوم الا إلى العودة إلى أرضنا وديارنا وممتلكاتنا في سوريا .“,” بين خيمة الحاج “,”كانجو“,” وخيمة “,”فواز غورلي“,”، التي تحتوي 10 أفراد، يلهو “,”عمر“,” الصغير، ابن السنوات الأربعة، بإطار سيارة يدحرجه طوال اليوم لتمضية ساعات طوال تحت أشعة الشمس، فهو كأخوته وكالقسم الأكبر من أطفال اللاجئين السوريين في “,”دورس“,” لن يتمكن من الالتحاق بالمدرسة؛ لأن مدارس المنطقة لم تعد تستوعب أعدادا إضافية من التلامذة . وتشكو والدة “,”عمر“,”، “,”فاطمة غورلي“,”، عدم قدرتها على تأمين الدراسة لأولادها منذ ثلاثة أعوام، وتقول لوكالة الأناضول: “,”لم يستطع أولادي الالتحاق بالمدرسة العامين الماضيين في سوريا جراء الأحداث، وها نحن اليوم في لبنان غير قادرين على تعليمهم أيضا؛ لأنه لا مدارس في المنطقة تتسع لهم لكافة أطفال اللاجئين “,”. وتحمّل “,”فاطمة“,” الأممالمتحدة والدولة اللبنانية مسؤولية الأوضاع “,”المذرية“,” التي يعيشونها، وتضيف: “,”أعتبر نفسي ميتة، ولكن ما ذنب هؤلاء الأطفال أن تضيع سنوات عمرهم في البراري (السهول) بعيدا عن صفوفهم الدراسية؟ “,”. ويبحث الأطفال السوريون اللاجئون في “,”دورس“,”، كما في بقية المناطق اللبنانية، عن اطارات السيارات والشاحنات المستعملة وعلب المواد الغذائية الفارغة والأحذية المهترئة للهو بها وتمضية الوقت تحت أشعة شمس الصيف الحارقة . ويتداول أهالي “,”دورس“,”، كما معظم اللاجئين السوريين في لبنان والأردن وتركيا، كل ما يُحكى عن ضربة عسكرية غربية محتملة على نظام بشار الأسد في بلادهم، فلا يتردد قسم كبير منهم في إعلان تأييدهم للضربة المحتملة لحل الأزمة، فيما يتحفظ آخرون عليها، قائلين إن كل ما يطلبونه هو العودة إلى سوريا . وهو ما يعبّر عنه “,”أبو محمود“,”، الذي يرفض الكشف عن اسم عائلته وحتى عن وجهه أمام الكاميرا، بقوله: “,”ما يطلبه السوريون اللاجئون هو العودة إلى ديارهم، فإذا كانت الضربة ستأتي بالحل، وتؤمن العودة فأهلا بها.. نريد أن يعود أولادنا الى مدراسهم وينعموا ببعض الدفء في موسم الشتاء المقبل .“,” ويختصر “,”علي غورلي“,”، عضو بلدية “,”دورس“,”، مجمل المشاكل التي يواجهها اللاجئون السوريون من أصل تركي في المنطقة، بقوله إن عائلات لبنانية من أصل تركي استقبلت عددا كبيرا من اللاجئين، ولكن بعدما تزايد عددهم اضطروا إلى السكن في خيم تفتقر إلى أدنى مقومات العيش . ويمضى “,”غورلي“,” قائلا إنه يتلقى يوميا تمنيات من اللاجئين بالانتقال من لبنان إلى تركيا، باعتبار أنّهم من أصول تركيا، مضيفا: “,”نقلنا هذه التمنيات إلى السفارة التركية في بيروت، ونتمنى التجاوب معها؛ فلا مدارس هنا تستوعب أعداد أطفال اللاجئين، كما أن الامكانيات اللبنانية محدودة، والمشاكل الاقتصادية والصحية والتربوية تتفاقم يوما بعد آخر “,”. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية شئون اللاجئين بلبنان 663 ألفاً، فيما تؤكد السلطات اللبنانية تخطي العدد الإجمالي للسوريين في لبنان المليون ومائة ألف لاجئ، يحصل جزء منهم على مساعدات من الأممالمتحدة . وتطالب الحكومة اللبنانية المنظمات الدولية والدول المعنية بتقديم العون لها؛ كون إمكانياتها الاقتصادية لا تتحمل هذا العدد . الأناضول