قبل يومين من عيد الفطر، تغيب كل مظاهر الفرح والبهجة عن مخيمات اللاجئين السوريين المنتشرة بشكل عشوائي على كامل الأراضي اللبنانية. “,”عن أي عيد تتحدثون؟“,”.. هذا هو الجواب الوحيد على لسان كل اللاجئين السوريين حين تسألهم عن كيفية استعدادهم لاستقبال عيد الفطر. فهم يبحثون عن لقمة العيش ليسدوا جوع أطفالهم، فلا العيد يعنيهم ولا مظاهره تهمهم، مع تفاقم البؤس الذي يعيشونه بغياب حد أدنى من مقومات الحياة. ولم يسلم أطفال اللاجئين السوريين من هذه المعاناة، فلعبهم التي يستقبلون العيد بها هي بعض الحجارة، وكرات مهترئة أتوا بها من أحد مكبات النفايات، وأشرطة متسخة. في بلدة الكواشرة، بمنطقة عكار شمالي لبنان، توجد أكثر من 100 خيمة للاجئين سوريين منتشرة، وبشكل عشوائي في أحد سهول المنطقة المشهورة بكون معظم أهلها من أصول تركية، ولا يزالون يتحدثون اللغة التركية. البلدة استضافت المئات من اللاجئين، إلا أن القدرات المحدودة للأهالي، بعد مرور أكثر من عامين على اللجوء السوري إليها، دفع أبناء سوريا إلى البحث عن لقمة العيش في البلدات المجاورة، فيما اضطر عدد كبير منهم إلى اللجوء إلى العاصمة بيروت؛ بحثًا عن عمل، بينما تركوا عائلاتهم شمالي لبنان. علاء إبراهيم (25 عامًا) يتنقل على دراجته النارية في أنحاء السهل الواسع وبين الخيم، فهو لا يجد عملا رغم جهود حثيثة يتكبدها منذ أكثر من 6 أشهر. ويقول إبراهيم، لمراسلة وكالة “,”الأناضول“,”: “,”معاناتنا في لبنان كبيرة، نحن نُذل ونأمل العودة سالمين آمنين إلى أرضنا الحبيبة في سوريا، فللعيد هناك نكهته التي لا نجدها في أي مكان آخر“,”. ويتحدث عما يقول إنه تضييق شديد يعيشه السوريون في لبنان مؤخرًا، مضيفا: “,”حتى المياه التي تٌهدر أصلا في الأرض يريدون أن ندفع ثمنها“,”. مع معاناة أسرهم من مثل تلك الأوضاع، أصبحت الحجارة وكرات مهترئة وأشرطة متسخة، أتوا بها من أحد مكبات النفايات، هي كل ما يملكه أطفال اللاجئين السوريين، لتمضية أوقاتهم، وهي نفسها ستكون الألعاب التي سيلهون بها بالعيد. عمر وبلال ويوسف (10 و13 و14 عامًا على الترتيب) ابتكروا مؤخرًا لعبة جديدة تعتمد فقط على بعض الحجارة، يبحثون عن أحجام متفاوتة منها، إذ تقضي قوانين اللعبة بوضع الحجارة الصغيرة في الصفوف الأمامية والكبيرة منها في الخلفية ليتم بعدها القفز من فوقها. أما فتيات سوريا الصغيرات فجمعن بعض الأشرطة التي أخذن يركضن بها في أنحاء السهل لتتطاير في الهواء، ولهذه الأشرطة استخدامات أخرى أيضا فقد يلففن بها شعورهن أو تستخدم لشدّ الخيم الهشة التي أقاموها في السهل. وتبقى الكرة المهترئة أثمن ما يملك الأطفال السوريون في منطقة الكواشرة، حيث يركض العشرات وراءها، سواء في ممارسة كرة القدم أو كرة السلة، وغريها. “,”العيد في سوريا أحلى وأجمل.. نحن هنا لا نملك ثيابا أو ألعابا جديدة، فبالكاد والدي يؤمن لنا الطعام“,”.. هذا ما تقوله جنى (14 عاما) وهي تتنهد، أملة أن تمضي العيد المقبل، وكما جرت العادة، في منزل جدها بمدينة حمص وسط سوريا. وتبقى تعبئة المياه إحدى الهوايات الجديدة للأطفال اللاجئين، فالكل يحمل ما توفر من أوعية وغالونات، ويتوجهون إلى أحد الآبار القريبة من الخيم المتواجدة في سهل مقابل. وما إن يملئونها حتى يتقاذفون بالمياه التي تزيل عن وجوههم بعضًا من قسوة الدهر؛ لتطبع ابتسامة على وجنات حمراء أحرقتها أشعة شمس أغسطس/ آب الحادة في لبنان. الأناضول-