ترك الألماني هيرمان هسه، علامة بارزة في الأدب العالمي، وسجّلت أعماله الروائية فترات هامة في حياة أوروبا، تنقل بين العديد من الأعمال التي منحته خبرات حياتية عديدة، وكان احتكاكه بأنماط بشرية عديدة، إضافة إلى قراءاته في الأدب العالمي أخرجت أعمالًا فريدة تأثرت بثقافات أخرى، وبحصوله على جائزة نوبل في الأدب عام 1964 أثبت حقًا أنه واحد ممن سيذكر التاريخ أعمالهم. ولد هسه في الثاني من يوليو عام 1877 في بلدة كالف، والتي كانت تتبع في ذلك الوقت الإمبراطورية الروسية والألمانية أيضًا، وكان والده يعمل في دار نشر كالف، التي كان يديرها جده؛ والذي كان يُشجع حفيده على القراءة، وأتاح له أعمال عديدة من الأدب العالمي، كما كان والده معروفًا بكتابة الخطب وغيرها من الكتابات الدينية؛ وأظهر الفتى مبكرًا موهبته الشعرية، التي تخلى عنها سريعًا، ليُقرر أن يصبح كاتبًا. بدأ "هسه"، حياته العملية بالعمل في مكتبة، لكنه ما لبث أن استقال بعد ثلاثة أيام، ثُم بدأ العمل مع بائع كتب من توبنجن، وكانت هذه التجربة هي ما استلهم منها لاحقًا في كتابته لرواية "تحت الدولاب"؛ وبدأ يأخذ طريقه إلى عالم النشر، ففي عام 1896 ظهرت قصيدته "مادونا" في مجلة فيينا، وأعقبها في الخريف بأن أصدر مجلدًا صغيرًا من الأشعار والأغاني الرومانسية تحت عنوان "قصائد رومانسية"، وتلتها مجموعة "ساعة بعد منتصف الليل"، الذي باء بالفشل على الصعيد التجاري، ولم يُطبع سوى مرة واحدة فقط. وبينما يكافح هسه من أجل النجاح، كان الناشر صمويل فيشر قد انجذب إلى روايته "بيتر كامينتسيند" التي حصدت شعبية كبيرة في ألمانيا، وأشاد بها عميد التحليل النفسي سيجموند فرويد مُعتبرًا إياها واحدة من الروايات المفضلة لديه؛ لكن عند اندلاع الحرب العالمية الأولى تطوع الفتى للمشاركة في الحرب مع الجيش الإمبراطوري، قائلًا أنه لا يستطيع أن يجلس بجانب الموقد الدافئ بينما آخرون يموتون على خطوط القتال؛ إلا أن وفاة والده وإصابة ابنه مارتن بمرض خطير، ثُم تعرض زوجته لانفصام في الشخصية أجبروه على ترك الخدمة العسكرية والعودة إلى تلقى العلاج النفسي، والذي كان سبب لقائه بكارل يونج تلميذ فرويد شخصيًا؛ عندها كتب روايته الشهيرة "دميان"، والتي نُشرت عام 1919 بعد الهدنة وانتهاء الحرب تحت الاسم المستعار "إميل سنكلير". في مايو 1919 انتقل هسه إلى بلدة صغيرة، واستأجر هناك أربع غرف صغيرة في مبنى أشبه بالقلعة، وهناك كتب عمله الضخم "كلينجزور في صيفه الأخير"، ثُم روايته القصيرة "سدهارتا"، وفي عام 1923 حصل على الجنسية السويسرية؛ لتتابع أعماله الروائية من هناك "كورجاست، رحلة نورمبيرج، ذئب البوادي، ونرجس وفم الذهب"، ثُم بدأ يخطط لما سيصبح آخر أعماله الكبرى وهي رواية "لعبة الكريات الزجاجية"، والتي حصد بها جائزة نوبل في الأدب 1964، وكانت آخر أعماله فعلًا روايته القصيرة "رحلة إلى الشرق"، ليتوفيَّ بعدها في التاسع من أغسطس عام 1962، عن عمر ناهز الخامسة والثمانين عامًا.