رغم أعماله التي توصف بالقليلة إلى من عاصروه، ترك هيرمان هسه، علامة بارزة في الأدب الألماني والعالمي، حيث كان شاهدًا على العديد من الفترات المهمة في حياة أوربا، وساعدته قراءاته في الأدب العالمي على أن يخرج بأعمال فريدة تأثرت بثقافات أخرى، وكان حصوله على جائزة نوبل في الأدب تتويجًا لهذا. ولد هيرمان هسه في الثاني من يوليو عام 1877 في بلدة كالف، والتي كانت تتبع في ذلك الوقت الإمبراطورية الروسية والألمانية أيضًا، وكان والده يعمل في دار نشر كالف، وهي دار متخصصة في النصوص اللاهوتية والكتب المدرسية، وكان جده يدير دار النشر في ذلك الوقت؛ وكان يُشجع حفيده على القراءة، وأتاح إليه الوصول إلى مكتبته الخاصة التي كانت مليئه بأعمال من الأدب العالمي، وشارك الفتى حب الموسيقى مع والدته التي كانت كذلك تكتب الشعر، وكان والده معروف بكتابة الخطب وغيرها من الكتابات الدينية؛ وأظهر الفتى مبكرًا موهبته الشعرية، ثُم قرر أن يصبح كاتبًا. بعد فترة من الدراسة والاضطرابات في حياته العائلية بدأ هسه العمل في مكتبة، لكنه استقال بعد ثلاثة أيام، ثُم بدأ العمل مع بائع كتب من توبنجن، وكانت هذه التجربة هي ما استلهم منها لاحقًا في كتابته لرواية "تحت الدولاب"؛ وفي عام 1896 ظهرت قصيدته "مادونا" في مجلة فيينا، وفي الخريف أصدر مجلد صغير من الأشعار والأغاني الرومانسية تحت عنوان "قصائد رومانسية"، ثم نشر مجموعة "ساعة بعد منتصف الليل"، ولكن العمل باء بالفشل على الصعيد التجاري، ولم يُطبع سوى مرة واحدة فقط وبيع بصورة بطيئة، ثُم اهتم الناشر صمويل فيشر بروايته "بيتر كامينتسيند" التي حصدت شعبية كبيرة في ألمانيا،وأشاد بها سيجموند فرويد واعتبرها واحدة من الروايات المفضلة لديه؛ وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى تطوع للمشاركة في الحرب مع الجيش الإمبراطوري، قائلًا أنه لا يستطيع أن يجلس بجانب الموقد الدافئ بينما مؤلفون آخرون يموتون على خطوط القتال؛ ولكن وفاة والده وإصابة ابنه مارتن بمرض خطير، ثُم تعرض زوجته لإنفصام في الشخصية أجبروه ترك الخدمة العسكرية والعودة إلى تلقى العلاج النفسي، والذي كان سبب لقائه بكارل يونج تلميذ فرويد شخصيًا؛ وكتب روايته الشهيرة "دميان" والتي نُشرت عام 1919 بعد الهدنة وانتهاء الحرب تحت الاسم المستعار "إميل سنكلير". في مايو 1919 انتقل هسه إلى بلدة صغيرة، واستأجر هناك أربع غرف صغيرة في مبنى أشبه بالقلعة، وهناك كتب عمله الضخم "كلينجزور في صيفه الأخير" ثُم روايته القصيرة "سدهارتا" وفي عام 1923 حصل على الجنسية السويسرية؛ وتتابعت أعماله "كورجاست، رحلة نورمبيرج، ذئب البوادي، ونرجس وفم الذهب"، ثُم بدأ يخطط لما سيصبح آخر أعماله الكبرى وهي رواية "لعبة الكريات الزجاجية" التي حصد بها جائزة نوبل في الأدب 1964، ثُم أصدر روايته القصيرة "رحلة إلى الشرق"، وتوفيَّ في التاسع من أغسطس عام 1962، عن عمر ناهز الخامسة والثمانين عامًا.