ولدت نيللي زاكس في العاشر من ديسمبر عام 1891 في برلين، وكانت الابنة الوحيدة للمخترع ويليام زاكس، ونشأت في أسرة مثقفة، وكانت حالتها الصحية سيئة، ما جعلها تتلقى دروسًا خاصة لمدة ثلاث سنوات، ثُم التحقت عام 1903 بمدرسة الفتيات العليا، وحصلت بعد خمس سنوات على الشهادة المتوسطة، وأثناء ذلك قرأت وهي لاتزال في الخامسة عشرة أولى روايات الكاتبة السويدية زيلما لاجرلوف وأعجبت بها لدرجة أنها تبادلت الرسائل معها لمدة 35 عاما، ثُم خاضت القلم مُبكرًا، فكتبت أولى قصائدها وهي في السابعة عشرة. عُرفت نيللي بالانطوائية ولم تكن تهتم بالحياة الاجتماعية، حتى أنها ظلت غير متزوجة، بعدما حاول والدها قطع علاقتها الغرامية برجل مطلق، ولكن العلاقة ظلت قائمة بينهما، وقد تم اعتقالهما معا في بداية الحرب العالمية الثانية ومات ذلك الرجل في إحدى معسكرات الاعتقال. أصدرت نيللي عام 1921 أولى مجموعاتها الشعرية بعنوان "أساطير وقصص"، بتشجيع ومساندة من الأديب شتيفان تسفايج، وكانت القصائد الأولى ذات الصبغة السوداوية لم تزل مصطبغة بتأثيرات من المدرسة الروائية الجديدة وتدور حول مواضيع من الطبيعة والموسيقى، ولم تنضم هذه المجموعة إلى أعمالها الكاملة التي نشرتها فيما بعد؛ وفي عام 1930 مات والدها بالسرطان، فانتقلت مع والدتها إلى إحدى البيوت في في برلين، وفي نهاية العشرينات من عمرها نشرت قصائدها في عدة صحف برلينية حيث لقيت الترحيب سواء من القراء أو النقاد، لتترك القصائد ذات الروح التجريبية والحائدة عن الطرق التقليدية وذات الأسلوب الصعب الفهم. عاشت نيللي مع والدتها في برلين حياة صامتة ومنعزلة كما كان الحال بالنسبة لليهود، وتم استدعاؤها أكثر من مرة للتحقيق من قبل الجستابو، كما تم نهب منزلها من قبل رجال قوات العاصفة، وعانت الكثير بسبب أصلها اليهودي؛ لكنها في الوقت ذاته قرأت لمارتن بوبر، ووجدت لديه في كتاباته ثروة فكرية صوفية أعطتها القوة مرة أخرى، وفي النهاية قررت الهرب من ألمانيا مع أمها؛ وسافرت صديقتها جودرون هارالان إلى السويد لطلب المساعدة من زيلما لاجرلوف للحصول على تأشيرة سويدية؛ لكنها لم تستطع المساعدة بسبب حالتها الصحية وماتت قبل أن تفعل شيئا؛ فاتجهت هارلان إلى الأمير الرسام أويْجن شقيق ملك السويد، والذي ساعدها، وبعد عقبات بيروقراطية عديدة استطاعت نيللي وأمها الخروج، بعد أن كان الأمر بنقلها إلى معسكر اعتقال قد صدر بالفعل، وسافرت في طائرة متوجهة إلى ستوكهولم. في السويد عاشت نيللي في فقر، وكانت ترعى والدتها وتعمل بشكل مؤقت غسالة لتكسب قوت يومها، وبدأت تتعلم السويدية، وتترجم الشعر السويدي الحديث إلى الألمانية؛ كما تطور شعرها أثناء سنوات الحرب بشكل كبير عن قصائدها الرومانسية، وكانت قصائدها التي صدرت فيما بعد في مجموعة "في مساكن الموت" تتضمن صورًا للألم والموت، كما كتبت في الأربعينيات مسرحيتان هما "إيلي" و"أبرام في الملح"، وبعد الحرب واصلت نيللي الكتابة بلغة عميقة ومريرة لكنها في الوقت ذاته رقيقة، ونشرت ديوانيها "في مساكن الموت" و"إظلام النجوم" في برلينالشرقية عام 1949، وفي العام نفسه نشرت مجموعتها الثانية "إظلام النجوم" في أمستردام، والتي أثنى عليها النقاد. في بداية الخمسينيات ماتت أمها، وترك ذلك أثرًا نفسيًا عميقًا لديها، لكنها بعد سنوات من العزلة وجد اسمها أخيرًا طريق الشهرة في البلاد الناطقة بالألمانية، ونشرت مجموعتاها "ولا يعرف أحد المزيد" و"الهروب والتحول"، ومسرحية "إيلي" فأذيعت كمسرحية إذاعية في راديو جنوب غرب ألمانيا؛ و كانت أول جائزة أدبية ألمانية تحصل عليها هي جائزة الشعر من الدائرة الثقافية من النقابة الاتحادية للصناعة الألمانية، لكنها حصلت عليها في غيابها، لأنها لم ترغب في العودة إلى ألمانيا، وبعد منحها جائزة دروسته للأديبات كانت المرة الأولى التي تطأ فيها أرض ألمانيا بعد عشرين عامًا من الرحيل، لكنها انهارت بعد عودتها إلى السويد وقضت ثلاث سنوات في مصحة نفسية في ستوكهولم. في عيد ميلادها الخامس والسبعين عام 1966 منحت نيللي زاكس جائزة نوبل في الأدب، وألقت خطابها القصير بالألمانية، واقتبست فيه من قصيدة لها " استبدلت بالوطن تحولات العالم"، وقامت بمنح القيمة المالية للمحتاجين، ومنحت نصفها لصديقتها القديمة جودرون هارلان؛ وفي سنوات عمرها الأخيرة انسحبت من الأضواء وعاشت في عزلة ثُم أصيبت بالسرطان الذي ماتت بسببه في إحدى مستشفيات ستوكهولم في 12 مايو 1970.