طالب بتوسيع المجرى الملاحى ووصفها ب«قلب النظام العالمى».. وأشهر نبوءاته عن «سقوط أمريكا» ظل المفكر جمال حمدان طى النسيان على مدار أعوام طويلة مضت على وفاته، وبقيت أفكاره حبيسة فى كتبه التى أودعها إياها قبل أن يفارق الحياة، وفى كلمته بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة، بعثّ الرئيس عبدالفتاح السيسى، من طيات النسيان بعض كلمات «حمدان» عن القناة جاء فيها: «لنا أن نطمئن رغم كل التحديات والعقبات أن مستقبل قناة السويس وثيق كما هو مضمون.. بل مشرق أكثر مما كان فى أى وقت مضى، فقط بشرط أن نقبل بالتحدى.. وأن نتصدى للخطر باليقظة وبالإصرار وبالتخطيط الدؤوب ثم بالعمل الحازم الحاسم»، وتابع الرئيس: ها هى نبوءة جمال حمدان تتحقق.. واقعًا جديدًا يجرى الآن متدفقًا فى مياه هذه القناة. فى حفل الافتتاح تحدث الرئيس عن كتاب «قناة السويس نبض مصر» الصادر عام 1975 والذى طالب فيه حمدان بتوسيع قناة السويس وقال إنها القلب النابض فى النظام العالمى لأن التوسع هو المصل المضاد لوباء الناقلات العملاقة، ولكن كتب جمال حمدان تحوى من الافكار ما يرقى إلى مرتبة النبوءات ولا يقتصر على القناة وحدها. دعا حمدان فى مؤلفاته إلى الاهتمام بتعمير سيناء والتوسّع أفقيًا على ضفتى نهر النيل، مؤكدًا أن هذا التوسع لن يقضى فقط على أزمات التضخم السكانى وتوابعها، لكنه كذلك حماية للأمن القومى المصرى من الأطماع التى تُثيرها المساحات الخالية فى نفوس الأعداء، وهناك إجماع تام على ضرورة نقل الكثافة السكانية المكتظة فى الوادى إلى أطراف الدولة وحدودها، بما فيها وعلى رأسها سيناء. الاستراتيجى كان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا فى ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ، ففى الستينات وبينما كان الاتحاد السوفيتى فى أوج مجده، والزحف الشيوعى الأحمر يثبت أقدامه شمالا وجنوبا، أدرك جمال حمدان أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك فى 1968م، فإذا الذى تنبأ به يتحقق بعد 23 سنة وانهار الاتحاد السوفيتى عام 1991م. توقع حمدان أيضا سعى الغرب لخلق صراع مزعوم بين الحضارات من أجل حشد أكبر عدد من الحلفاء ضد العالم الإسلامى، حيث أكد أنه «بعد سقوط الشيوعية وزوال الاتحاد السوفيتى، أصبح العالم الإسلامى هو المرشح الجديد كعدو الغرب الجديد، وهو ما تحقق بالفعل. من الرؤى المستقبلية التى طرحها جمال حمدان، وتبدو فى طريقها إلى التحقق، تلك النبوءة الخاصة بانهيار الولاياتالمتحدة، حيث كتب حمدان فى بداية التسعينيات يقول: «أصبح من الواضح تمامًا أن العالم كله وأمريكا يتبادلان الحقد والكراهية علنًا، والعالم ينتظر بفارغ الصبر لحظة الشماتة العظمى فيها حين تسقط وتتدحرج، وعندئذ ستتصرف أمريكا ضد العالم كالحيوان الكاسر الجريح»، ومضى مضيفا «لقد صار بين أمريكا والعالم »«تار بايت»، أمريكا الآن فى حالة «سعار قوة» سعار سياسى مجنون وقد تسجل مزيدًا من الانتصارات العسكرية، فى مناطق مختلفة من العالم عبر السنوات القادمة، ولكن هذا السعار سيكون مقتلها فى النهاية».