أكد أيمن عقيل، رئيس مجلس أمناء مؤسسة ماعت للتنمية وحقوق الإنسان، أنه مما لا شك فيه أن أحداث 11 سبتمبر 2001 كانت نقطة فارقة في علاقة الإرهاب بحقوق الإنسان، أو بعبارة أدق علاقة مكافحة الإرهاب بالتزامات الدول بالمعايير التي أقرتها المنظومة الأممية لحقوق الإنسان وتضمنتها مجموعة واسعة من الإعلانات والاتفاقيات، فتحت شعار "الحرب على الإرهاب" خاضت بعض القوى الدولية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية حربًا في كل الاتجاهات، تلك الحرب التي تجاوزت نطاق الجُرم الذي أودى بحياة الآلاف في برجي التجارة العالمي، ولم يقتصر على توجيه ضربات لجماعات وتنظيمات تتوفر أدلة كافية على ضلوعها في الجريمة، بل تجاوزتها للتدخل العسكري في دول ومجتمعات وإسقاط حكومات بقوة السلاح. وأشار إلى أنه في خضم هذه الحرب "المشروعة" ارتكبت الكثير من الانتهاكات غير المشروعة لحقوق الإنسان، ولأن مرتكب الانتهاكات كان يتمتع بالنفوذ العسكري والاقتصادي والسياسي، وكان يتمتع بحق الاعتراض على قرارات مجلس الأمن ذاته، فقد "خلعت" المنظومة الدولية رداء الشرعية على ممارساته، وغضت الطرف عن جرائم، كانت قواعد العدالة تقتضي أن تكون موضع إدانة وتحقيق وحساب. وأضاف عقيل، أنه من وقتها وقضية مكافحة الإرهاب وعلاقتها باحترام حقوق الإنسان موضع شد وجذب، فمن جانب لم يعد منطقيًا وضع الأمرين في حالة صراع، بمعنى أن الحرب على الإرهاب تستلزم بالضرورة انتهاك حقوق الإنسان أو أن احترام حقوق الإنسان يغل يد الدول التي تتعرض لمخططات وجرائم إرهابية، ومن جانب آخر لم يعد من المنطقي أن تظل التشريعات المنظمة لاحترام حقوق الإنسان عاجزة عن تطوير نفسها لتتعامل مع هذا النوع من الجرائم. وأكد أن المنطقة العربية، منيت بهجمات إرهابية شرسة في معظم البلدان، وقد ازدادت ضراوة العمليات الإرهابية، واشتد عود التنظيمات في الدول التي انحازت شعوبها لخيار الدولة المدنية، ورفضت السلطة الدينية، وأسقطت الجماعات المتطرفة التي وصلت للحكم وأرادت أن تقلب قواعد اللعبة لصالحها، وتعاملت مع الديمقراطية على أنها سلم يرفعها للسلطة وتحرقه وراءها. وأضاف عقيل، أنه في ظل هذه المعطيات الجديدة، وفي إطار هذا الوضع المرتبك أصبحت علاقة حقوق الإنسان بالإرهاب علاقة رمادية، لا يمكن فهمها وفك طلاسمها إلا بالتحليل الدقيق والعميق للواقع من جهة، وللصكوك الدولية المرتبطة بالقضية من جهة ثانية، وذلك كله من أجل غاية وحيدة، ألا وهي التأكيد على احترام حقوق الإنسان على مستوى الفرد والمجتمع على السواء، فمكافحة الإرهاب حق أصيل للمجتمع، وواجب لازم على أي سلطة تنحاز لشعبها، وفي نفس الوقت احترام حزمة الحقوق والحريات العامة للأشخاص له مكانته في أي مجتمع ديمقراطي.