قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن الآثار المصرية المكتشفه دلت على أن المصريين القدماء هم أول من بنوا السفن وقادوها في القنوات والأنهار ثم البحار، ومن أقدم السفن تلك التي وجدت صورتها منقوشة على أوان خزفية يرجع تاريخها إلى 7000 أو 8000 ق.م، ويرجع أول صور لمركب شراعي مصري إلى سنة 6200 ق.م، وفيها ركُبت السارية على شكل مربع منحرف. وتابع: "وُجدت نماذج خشبية للمراكب المصرية القديمة في مقابر الفراعنه، وقد استعمل تلك السفن الأولى الشراع المربع والمجاديف معًا، كما كان بعضها يزيد شراعًا مثلثًا فوقها وكانت السفن التجارية عادةً أضخم في البناء وتزيد في العمق والعرض عن السفن الآخرى". وأضاف في تصريحات صحفية، أن تلك الآثار التي عثر عليها في بلاد النوبة تدل على أن المصريين وصلوا بمراكبهم الحربية إلى بلاد النوبة في عهد ملوك الأسرة الأولى، وأولى البعثات البحرية المهمة في عهد الإمبراطورية الأولى هي تلك الرحلة القديمة التي قامت بها أربعون سفينة مصرية من شواطئ مصر إلى سواحل فينيقية؛ لاستجلاب خشب الأرز من بلاد لبنان في عهد الملك سنفرو، وقد ثبت من الكشوف الأثرية أن مراكب قدماء المصريين جاوزت أقصى شمال الشام، كما بلغت وسط القارة الأفريقية وتوغلت في بلاد بونت الغنية بمنتجاتها الزراعية. وأكد أن "المسيو دي مرجان" قد عثر على مقربة من هرم سنوسرت الثاني ناحية "دهشور" عام 1894م على خمس سفن كبيرة يبلغ طول الواحدة منها ثلاثين قدمًا وعرضها ثمانية أقدام، وهي مصنوعة من خشب الأرز اللبناني، وهي موجودة بالمتحف المصري ومتحف شيكاغو ومتحف برلين، كما عُثر في صيف عام 1892م بجهة "مير" على سفن للأموات بطوائفها من الملاحين ومجاديف صغيرة وسفينة بشراع صُنعت الخشب، وسفن تمثل تشيع جنازة ونقل الميت من مدينته إلى قبره ومن قبره إلى الدار الآخرة، وقد قامت كثير من البعثات بواسطة المراكب إلى بلاد بونت، واستخدموا طريق البحر الأحمر وهو الطريق الرئيسي الموصل إليها، وجلبوا من شواطئ هذا البحر الأصداف، كما عرفوا المُرجان الموجود في البحر الأحمر. كما استخدموا الزجاج البركاني الذي يُعتقد أنهم استوردوه من الحبشة، وعلاوةً على ما ذكرناه كان هناك نوع آخر من المراكب وهو "مراكب الشمس" فقد اعتقد المصري القديم أن الشمس "الإله رع" تستعمل هي الآخرى المراكب في تنقلاتها. وقال: إنه بمرور الزمن تطورت صناعة السفن في مصر القديمة حيث استخدمت دفة حقيقية تُدار بواسطة مقبض من الخشب، وذلك بدلًا من المجاديف التي يحركها البحارة في المؤخرة وقلّ ارتفاع السارية وازدادت مكانتها وسمكها وثباتها، وهكذا استغنى المصري القديم عن كثرة الحبال التي كانت تربط في ساري السفينة، وبالتالي ازدادت مساحة الشراع الذي أصبح متحررًا لا يثبت في السارية وإنما يربط في حلقة يمكن رفعها بواسطة الحبال إلى أعلى الساري أو إنزالها، ثم تطورت صناعة السفن بشكل كبير في الدولة الحديثة وتفنن صانعي السفن في صناعتها من أنواع مختلفة منها ذات قمرات مزركشة وأعلام، كما نوعوا أيضًا في أشكال القوارب والسفن وجعلوا مؤخرتها على شكل زهور البردي ولونها بألوان براقة. وتابع: "كانت سفن النقل من أهم أنواع السفن التي كانت تتطلب مكونات خاصة، وذلك نظرًا لطبيعة الأشياء التي تنقلها، واختلفت أطوال السفن في النصوص القديمة من 57م في عصر الدولة القديمة إلى 69م في عصر تحتمس الأول، ويمكننا القول إن السفن المصرية تطورت منذ عصر ما قبل الأسرات وفق ما تطلبته الحاجة ونظم النقل والتجارة ومطالب المباني الدينية من قطع الأحجار ونقلها كل هذا أدى إلى تقدم وتطور هذه الصناعة المهمة حتى استطاع المصري القديم أن يكون لنفسه أسطول حربيًا وأسطول تجاريًا".