«البلد اللي فيها.. يوسف زيدان بيعتبروه مفكر.. وفاروق جويدة شاعر.. والسبكي راعي الفن.. والنور حزب سياسي.. لازم يعتبروا فيها إن الأزهر وسطي.. وإن محمد حسان هيجدد الخطاب الديني في رمضان» «الأزهر» رفع قضية على برنامجي بأوامر من «دولة إرهابية» يقف إسلام بحيري فى منطقة وسط بين الدين والدنيا، لا يشترى دنياه بآخرته، ولا يبيع آخرته بدنياه، يدعى أن ما يفتى به، ويقوله، ويسبّ به شيوخ التراث والظلام والأزمة الراهنة.. وحي من عند الله لا يقدر أن يرده، أو يتخلَّى عنه لكن أكثرهم لا يفقهون. لا يقتحم «بحيري» منطقة الاجتهاد مع النص، إنما يجتهد مع تاريخ النص، يحتفظ لنفسه بصفته الأساسية.. الباحث.. فلا تخذله، ولا يتجاوزها إلى مناطق أخرى قد تضعه أمام مواسير المدافع، وأسنة السيوف، وفتاوى «إهدار الدم». كان يحتاج إلى بلاغ للنائب العام ضده بلا شك. لماذا؟ ليزيل به عن نفسه تهمة ازدراء الأديان، وإهانة الذات الإلهية، طالما أنه دخل مرمى نيران الجماعات الإسلامية وشيوخ «الأزهر»، وطاله التكفير، فلن يخرج من هذه الدائرة، أو يعلن آراءه ومواقفه ونتائج أبحاثه دون شوائب أو اتهامات ب«هدم الإسلام من داخله» إلا بحكم محكمة يثبت أنه على حق.. نقى النية.. لا يريد أن يقف على خراب وخرائب الدين إنما يريد أن يصل إلى الله من «الباب الخلفي». أحكام المحكمة ليس دورها أن تعلق الرؤوس على حبل المشنقة فقط.. لا بد أن تدلهم وتهديهم وتهدى الناس إليهم، وتبرِّئهم ممّا يلحق بهم من أذى. الوصول إلى الله مشروط بخلاص النية، فهل إسلام بحيرى مخلص بما يكفي؟ كل الشواهد تشير إلى أنه لا يبتغى وجه الله فقط، فالله ليس وحده وراء القصد دائمًا. هل يصدر «بحيري» تفسير القرآن باسمه؟ هذا الطلب مطروح على صفحة الباحث الإسلامى الذى يضع وجهة نظر واقعية لكل شيء، قالوا إنها أكبر خدمة يقدمها للدين الإسلامى الآن.. ولكن هل يقدمها للدين فقط؟ يقدم إسلام بحيرى هدية «تفسير القرآن» لاسمه، ونفسه، وطموحه.. يريد أن يضيف إلى ظهوره الإعلامى خبطات جديدة، و«شو» لا يصل به - فقط – إلى التكفير، ولكن إلى «الاغتيال». طموح بعض الناس أن يدخلوا السجن، الشهرة هدف فى حد ذاته، فلا تستغرب أن هناك من يستهدف «الموت» مقابل «البروباجاندا» أيضًا. إسلام بحيرى واحد منهم. تركيبة شخصية معقَّدة.. حين تنظر إلى وجه «الباحث الإسلامي» لا تعتقد أنه يبحث عن الإسلام، أو يريد تبرئة ذمة الرسول، يحاول أن يكسر كل الخطوط الحمراء.. يستخدم لغة حادة تليق بشخص «مقطّع بطاقته»، وكل هدفه أن «يعلّم» على الجميع. يقول بالضبط ما يقوله الشيخ على جمعة.. المفتى السابق هاجم «ابن تيمية» بسبب رأيه حول وجود المجاز فى القرآن، وقال: ابن تيمية عمل بلاوى كتير، و«بحيري» كان له رأى قريب من ذلك.. قال: «ابن تيمية زنديق وكبير السفاحين والقتلة». كل شيخ له طريقة، يعرض على جمعة رأيه مجرَّدًا من السب، والإهانة، وجرح المشاعر.. لكنه يصيب الهدف تماما، يهين الرموز الإسلامية، ورواة التراث بطريقته، التى لا تمسكها عليه، ولا يخفى أنه «يقلّ أدبه إذا لزم الأمر»، وهو ما جرى مع إسلام بحيري.. وقال عنه: «معفن وقليل الأدب». ما الفرق بين دين إسلام بحيرى ودين على جمعة؟ لا فرق.. كلاهما يتّبع «إسلام السوق» كما يجب أن يكون، الإسلام الذى يشبه أفلام «السبكي»، وروايات علاء الأسواني.. مثيرة، ومطلوبة، وتحقق أرباحًا هائلة، ولا تخرج منها ب«شيء لله». من يريد أن يخرج من الدين.. سيجد ألف من يدله على «باب الخروج».. وهل يريد إسلام بحيرى أن يخرج؟ بالطبع لا.. هو يأكل «باتون ساليه وعسل» بإسلامه، فلماذا يخرج إذن؟ فى هذا البلد التافه.. لا أحد يهتم بتشريح الطماطم قدر اهتمامه بالبحث عن اسم الله إذا كان مكتوبًا عليها أم لا.. دون أن يدرى أن من خلق كل هذا الكون لا يحتاج أن يوقّع باسمه على «كرة حمراء» لنعرف أنه موجود.. يدير الأرض من السماوات العلا، ولهذا السبب، ولأسباب أخرى كثيرة جدًا، كل من يريد أن يشوّه الدين.. عليه أن يدخله، ويناقشه.. فلا أحد يفهم، ولا أحد يريد أن يفهم، الكلّ يصلى دون أن يؤمن بالله حقًا، ويكفر الآخر دون أن يفكر فى كلامه.. ومن يقول كلامًا مختلفًا لا يصلح به الدين، فقط يريد أن يكسب ويظهر على القنوات، ويقبض دولارات، ويتحول إلى عملة فى سوق العملات.. يبيع نفسه واسمه وكتبه ب«الأجرة». ضع أمامك سؤالًا خطيرًا.. هل إسلام بحيرى على حق؟ يسارع من يؤيدونه ويسيرون فى طابور أنصاره، ويعتبرونه رمزًا للعقل والعلم والتفكير فى زمن التكفير، إلى سبك وقذفك واتهامك بالغيرة من شخص نجح.. هو بالفعل نجح.. لكن ضرب الإبر تحت الجلد مطلوب أحيانا.. يقولون إنه يملك الحقيقة المطلقة.. لكن منهج «بحيري» يؤكد أنه لا حقيقة مطلقة أصلًا. وهل أسامة الأزهرى على حق؟ من يعتبره جزءًا من مؤسسة عريقة تدافع عن الإسلام وحدها، وتدفع عنه بشيوخها ومشايخها وعمائمها الأذى وحدها، ويعتبر أن الأذى كله من عند إسلام بحيرى وأمثاله.. سيقولون إنه حافظ كتاب الله، ولا يفوته منه آية، أو من كتب الحديث حرفًا، ولا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه. أسامة الأزهرى مثل رجل قالوا للشيخ محمد عبده إنه «حفظ القرآن بقراءاته، والبخارى كله، ومسلم، ومسند الموطأ».. فقال: «زادت نسخة فى البلد».. أى أن قيمة الرجل لا تزيد علي نسخة «مطبوعة»، صماء، من كتاب «البخاري» وملقاة على الرصيف فى سور الأزبكية! هذه رؤية ما ل«الأزهري». رؤية أخرى يطرحها إسلام بحيري، ليس موجَّهة ل«الإمام أحمد الطيب» وحده إنما ل«الأزهر» كله.. يقول: «الراجل» جوليان أسانج ده وحش وبتاع إشاعات مغرضة.. الراجل الوحش بيدعى على شيخ الأهر بكلام غريب يا أخى فى الوثائق. وتقول الوثيقة إن «شيخ الأزهر» أخبر معالى سفير دولة أجنبية بأنه لا يود التحرك ناحية لقاء التقريب بين المذاهب الداعية له «إيران»، إلا لو تمت الموافقة من الدولة الأجنبية وبالتنسيق معها ومع قادتها الدينيين. والإشاعة الوحشة دى لو صدقت تعنى امتناع شيخ الأزهر ومؤسسته عن تلبية مطالب رئيس دولته بالتجديد الحقيقى فى الخطاب الدينى امتناع غير نابع من الداخل بل امتناع بعد مشاورة دولة أجنبية مثلا أعوذ بالله. وكمان استنتاج سيئ تاني، إن الهجمة الأزهرية الشرسة على شخصه وبرنامجه والتكفير والقضايا مش قرارات أزهرية، لكنها قرارات بأوامر من دولة أخرى ينفذها الأزهر كمقاول تنفيذ. أعوذ بالله من الإشاعات المغرضة يا جدع على الأزهر وشيخه. ثم يعود إلى رأيه فى كل شيء، قائلًا: «البلد اللى فيها.. يوسف زيدان بيعتبروه مفكر.. وفاروق جويدة شاعر.. والسبكى راعى الفن.. والنور حزب سياسي.. لازم يعتبروا فيها إن الأزهر وسطي.. وإن محمد حسان هيجدد الخطاب الدينى فى رمضان.. وألف مبروك».