«قلاش»: مخالفة صريحة للدستور ويقوض حرية الصحافة وسنتصدى له.. وفقيه دستوري: يشوبه أخطاء في الصياغة تباينت ردود أفعال عدد من الفقهاء والسياسيين، حول قانون مكافحة الإرهاب، وذلك بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء برئاسة المستشار أحمد جمال الدين رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس، على مشروع القانون، حيث اعترضت نقابة الصحفيين على المادة 33 من بنود القانون، والتي تنص على الحبس في قضايا النشر الصحفى حال عدم الالتزام بالبيانات الرسمية الصادرة عن الأحداث الإرهابية الواقعة. وقال يحيى قلاش، نقيب الصحفيين، إن قانون مكافحة الإرهاب الجديد يُعد مخالفة صريحة للدستور المصري، مشيرًا إلى أن مجلس نقابة الصحفيين يرفض القانون الجديد، لا سيما أنه يمثل قيدًا على حرية الصحافة، مشيرا إلى أن المجلس سيتخذ خطوات جدية للتصدى له. وأضاف قلاش، في تصريحات ل«البوابة»، أن الجماعة الصحفية ونقابة الصحفيين لن توافق على المشروع المُقدَّم لمكافحة الإرهاب، لأنه يشوبه عوار دستورى لمُخالفته المادة 71 من الدستور، مؤكدا أن المواد الموجودة بالمشروع تجيز الحبس في جرائم ليست تحريضًا على الإرهاب، بينما الدستور ينهى العقوبات السالبة في جرائم النشر باستثناء 3 جرائم، وهى التحريض على العنف، والطعن في الأعراض، والدعوة للتمييز. وأكدت نقابة الصحفيين، في بيان لها، أن القانون جاء ليغلق الباب أمام كل المحاولات التي تسعى إلى أن تكون الصحافة معبرة عن المجتمع بكل طوائفه، ويفتح الباب أمام عودة الرقابة على الصحافة والإعلام عبر نصوص قانونية تضرب حرية الصحافة في مقتل، وهو ما ظهر في العديد من مواد ذلك القانون، حيث حفلت المواد (26، 27، 29، 37) بالعديد من العبارات المطاطة التي تتعدى الهدف الرئيسى للقانون وهو مواجهة الإرهاب، إلى مصادرة حرية الصحافة، وفتح الباب واسعًا عبر تفسيرات مطاطة للنيل منها، ومصادرتها من خلال السلطة التنفيذية، بالمخالفة لنص المادة (70) من الدستور. ودعت النقابة، الجماعة الصحفية وكل المدافعين عن الحريات، للوقوف صفًا واحدًا أمام محاولات تقويض حرية الصحافة بدعوى محاربة الإرهاب، موضحةً أن الطريق لمحاربة الإرهاب لن يكون بإهدار الدستور وإقرار نصوص قانونية غير دستورية، لكن بتفعيل نصوص الدستور، خصوصًا في مجال الحقوق والحريات. فيما انتقد الكاتب الصحفى مصطفى بكري، رفض نقابة الصحفيين، لمواد قانون مكافحة الإرهاب، في تغريدة له على شبكة التواصل «تويتر»، قائلًا «يجب أن نعرف أننا نعيش حالة حرب ولسنا في ظروف طبيعية، وفى حالة الحرب يجب أن يلتزم الجميع بالبيانات الصادرة عن الجهات الرسمية فيما يتعلق بالبيانات الصادرة عن الحرب التي تخوضها مصر ضد الإرهاب». وأضاف بكري، أن حرية الصحافة شيء مقدس، وأن هناك فارقا بين الدفاع عن حرية الصحافة والدفاع عن حرية الإعلام المروج «للإرهاب» وبياناته، وأنه يجب أن نقف مع الدولة وندافع عن كيان الوطن، وأن الوطن هو الأهم. وقال بكري، إن المادة 33 تنذر بأننا نعيش في حالة حرب، وتُطالب فقط بالالتزام بالبيانات الرسمية عن الحوادث وأعداد القتلى ولا تتضمن أبدًا مصادرة للحريات، وأنه يجب أن نقف مع الدولة وأن نخلع إرادتنا السياسية وأن نكون سندًا للدولة وليس أداة للتحريض عليها. وأشار إلى أنه لا يجب افتعال المعارك وتصدير الأزمات، مشيرًا إلى أن تونس فرضت حالة الطوارئ، متسائلا هل خرجت نقابة الصحفيين هناك تتباكى على الحريات المهدرة؟ وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير السياسي، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إنه كان من الممكن تجاوز أزمة الخلاف على نصوص قانون مكافحة الإرهاب، وأن يتم التركيز على مطابقته لنصوص الدستور المصري، منوهًا بأنه يرفض نص المادة 33 والخاصة بالصحفيين، والتي تنص على أن «يُعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن». وأكد أنه يجب إعادة النظر في المادة، وحذفها من بنود قانون مكافحة الإرهاب، تجاوزًا لمخالفة نصوص الدستور المصري، والدخول في زوبعة الطعون، منوها بأن وجود المادة المقيدة لحرية الصحافة لا يمنع من انتشار الإرهاب ولا يصب في مصلحة مكافحته. بينما أكد عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن قانون مكافحة الإرهاب وجد من أجل سد الثغرات الموجودة في قانون العقوبات لعام 1992، والصادر قانون بتعديله 1997 ابتداء من المادة 86 من أجل أن يتم وضع جرائم الإرهاب، موضحا أن القانون شمل عقوبات لمن يمول هذه العمليات بعد أن كانت غير موجودة من قبل، ولم تنص مادة في القانون على معاقبة من يقوم بالتمويل. وأكد شكر، أنه لا يوجد فرق كبير بين القانونين، ومن الممكن الاكتفاء بالتعديلات التي تمت على قانون العقوبات عام 1992 وكانت كافية لمحاربة الإرهاب، مشيرا إلى أن هذا لن يكون كفيلا بالقضاء على الإرهاب، ولكن قدرتنا العسكرية وتماسك الجبهة الداخلية وتحسين المعيشة والقضاء على الجهل والفقر، كل ذلك سيكون عاملا أساسيا في القضاء عليه منوها بأن العقوبات لم تردع المجرمين. فيما قال المستشار نور الدين على، الفقيه الدستوري، إنه للمرة الأولى في تاريخ مصر يتم فرض قانون خاص بمكافحة الإرهاب بعيدًا عن قانون العقوبات، إضافة إلى أن هذا القانون له العديد من الأسانيد الدستورية منها المادة الثانية والمتعلقة بالشريعة الإسلامية وكيفية مكافحة المفسدين من خلال تطبيق حد «الحرابة»، حيث إن الإرهاب هو أشد صور الفساد في الأرض، كما توجد المادة 237 من الدستور، والتي تلزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله وتعقب مصادر تمويله باعتباره تهديدًا للوطن والمواطنين. وأضاف «على» أن القانون يتماشى أيضًا مع الاتفاقيات التي أبرمتها مصر مع الدول الأجنبية في مكافحة الإرهاب، معلقًا على المادة 33 الخاصة بالتزام الإعلام والصحافة بالبيانات الرسمية، أن الجميع مؤمن بحرية الصحافة والإعلام، ولكن يجب أن يتم تفعيل قانون تداول المعلومات لكى يعتمد الصحفى على مصادر المعلومات الرسمية، وعدم اللجوء إلى مصادر أخرى قبل وضع تلك المادة. وأشار على، إلى أن القانون يشوبه بعض الأخطاء الصرفية، إضافة إلى وجود مصطلحات واسعة ومطاطة وغير واضحة، من الممكن أن يتم الطعن بسببها بعدم الدستورية، مشيرًا إلى أنه يجب أن تكون بنود القانون متقنة أكثر، لكى تأخذ العدالة مجراها حتى لا يتم ضياع حق شهداء الغدر والإرهاب في حالة التقاضى.