حقوقيون: يتعارض مع أبسط الحقوق والحريات للمواطنين.. وقانونيون: لا يستهدف الإرهاب بل ال90 مليون مصرى «معركة القانون في 96 ليست ببعيدة» شعار رفعه الصحفيون بعد اصطدامهم بمشروع قانون مكافحة الإرهاب، الذي وجده الصحفيون تعديًا على مهنة الصحافة، وأن الإرهاب بعيد تمامًا عن الصحافة، فهل دخلت الصحافة في قائمة الإرهاب، فمنذ فترة قريبة تمهد لهذه الخطوة من خلال قانون الكيانات الإرهابية الذي تطور فيما بعد إلى قانون مكافحة الإرهاب فقد قوبل هذا القانون بالرفض والمعارضة، حيث رأى حقوقيون أن الدولة لا تمتلك غير أسلوب القمع والمحاكمات وأن القانون لم يكن موجهًا للإرهاب كما يبدو وإنما لجموع الشعب، زاعمين بأن الدولة تريد إحكام قبضتها على الشعب. فمنذ أن تم عرض مشروع قانون مكافحة الإرهاب على رئاسة الوزراء، أثارت عدد من القوانين الجدل، خاصة من جانب نقابة الصحفيين، ورغم تأكيدها الدائم على مساندتها للدولة في حربها على الإرهاب، إلا أنها رأت أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب حفل بالعديد من المواد التي تخالف بشكل صريح المادة (71) من الدستور، وما نصت عليه من حظر توقيع أي عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون، خصوصًا في مواده (26، 27، 29، 33، 37). وأشارت نقابة الصحفيين إلى أنها توجه نظر المسئولين في الدولة، وكل مَن يهمه أمر هذا الوطن، إلى أن يعيدوا قراءة نص المادة (33) من مشروع قانون مكافحة الإرهاب جيدًا، وهى المادة التي تنص على: "يُعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل مَن تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن". ولفتت إلى أن هذه المادة الخطيرة تخالف النص الدستوري، وتعيد من جديد عقوبة الحبس، بل وتصادر حق الصحفى في الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة وتحصرها في جهة واحدة، الأمر الذي يُمثل ارتدادًا واضحًا على حرية الرأي والنشر التعبير؛ حيث لم تكتف المادة المذكورة بإعادة الحبس في قضايا النشر بالمخالفة للدستور، بل أنها جعلت من السلطة التنفيذية رقيبًا على الصحافة وحريتها، ومعيارًا للحقيقة، وفتحت الباب لمصادرة حرية الصحافة، وإهدار كل الضمانات التي كفلها القانون للصحفي.
إنما للصحفي حدود! وللصحفيين الأمر كذلك، هل الصحافة ضمن قائمة الإرهاب، هكذا تساءل جمال عبدالرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين، أن النصوص المتعلقة بالصحفيين مرفوضة، ولا مطالب بتعديلها بل بإلغائها تمامًا، مشيرًا إلى أن تلك النصوص بالفعل موجودة في قوانين النقابة وقانون العقوبات، فلماذا يتم وضعها ضمن قانون مكافحة الإرهاب. وأشار «عبدالرحيم»، في تصريحات خاصة ل«المصريون»، إلى أن المادة (77) من الدستور تنص على أن الدولة تلتزم بأخذ رأي نقابة الصحفيين في أي مشروع قانون خاص بمهنة الصحافة، لافتًا إلى أن هذا لم يحدث، ولم يتم عرض المشروع على النقابة. وأعرب عن استغرابه لوجود قوانين تتعلق بالصحفيين، في قانون مكافحة الإرهاب، متسائلًا: «هل الصحفيون إرهابيون؟». فيما قال صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، إن القانون يضم مادة بالغة الخطورة ألا وهي المادة 33 الخاصة بتعمد نشر أخبار كاذبة وتخالف ما يرد في البيانات الرسمية بالحبس مدة لا تقل عن عامين وهذه مخالفة واضحة لمواد الدستور، خصوصًا أن هذا الفعل لا ينطوي على أي تحريض على العنف أو الإرهاب وهذه لا تعد جريمة تحريض، مشيرًا إلى أننا نطالب بإلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة من خلال ضبط صياغة هذه المادة بإضافة عبارة «إلا إذا ترتب عليه ضرر» فهذه هي المادة الوحيدة التي تضر بالصحفيين. وأشار «عيسى»، في تصريحات خاصة ل«المصريون»، إلى أن رئيس الوزراء وعد بالالتفات لملاحظات الصحفيين ووضعها في الاعتبار، خصوصًا أن المبررات واضحة وصريحة، كما أن أمامنا العديد من الوسائل حال الإصرار على هذه المادة والمتمثلة في الطعن على دستوريتها أمام المحكمة الدستورية العليا. ومن جانبه، قال خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، إن النقابة دعت للعديد من الاجتماعات للتوصل إلى وضع بدائل بالتعاون مع أعضاء النقابة وأعضاء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير للصحف المختلفة وكذلك النقابات المهنية المختلفة لمحاولة وضع بدائل للمواد والتوصل لحلول للأزمة. وأكد «البلشي» أن النقابة ستسعى لتقديم مقترحاتها وبدائلها للحكومة من أجل إعادة النظر في مواد القانون الخاصة بالصحفيين وننتظر منها اتخاذ إجراءات معينة؛ إما بإلغاء هذه المواد أو إجراء بعض التعديلات عليها بما يسمح بالالتزام بالدستور واحترام الحقوق والحريات للصحفيين وعدم تقييدها ومنع تدخل الحكومة في الشأن الصحفي. وأشار «البلشي» إلى أن بيان النقابة عبر على أن هذا القانون جاء ليغلق الباب أمام كل المحاولات التي تسعى إلى أن تكون الصحافة معبرة عن المجتمع بكل طوائفه، ويفتح الباب أمام عودة الرقابة على الصحافة والإعلام عبر نصوص قانونية تضرب حرية الصحافة في مقتل، مؤكدًا أن النقابة لديها من التصعيدات إذا أصروا على تطبيق هذا القانون، قائلًا: «معركة القانون في 96 ليست ببعيدة» وقد تم التصدي لها من خلال الجمعية العمومية وسنخوض معركة جديدة أشد شراسة من السابقة إذا استمر الإصرار على انتهاك المهنة بهذا الشكل، وخصوصًا أن هناك إصرارًا على أن يكون صوت الحكومة هو الصوت المعتمد أي أنها توجه رسالة للصحفي "حدودك تقف عند البيانات الرسمية - بحسب قوله.
كارثة تهدد الدولة فبعيدًا عما لاقاه القانون من رفض من الصحفيين إلا أن خبراء القانون آراؤهم لم تتعارض مع الصحفيين كثيرًا؛ حيث قال ثروت بدوي، الفقيه الدستوري وأستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إن القانون الجنائي العادي لديه من الإجراءات الجنائية ما يكفي ويحول دون الحاجة لأي قوانين أو إجراءات استثنائية أخرى، مشيرًا إلى أن هذه القوانين الجديدة إنما تعد كارثة تهدد الدولة وتسبب الاضطرابات والاعتراضات لأنها تكون غير دقيقة والإعداد لها يتم بسرعة ودون دراسة جيدة. وأوضح «بدوي»، في تصريحات خاصة ل«المصريون»، أن قوانين الإجراءات الجنائية موجودة منذ عشرات السنين وتحوي مجهود رجال قانون عظام فكيف نعدل أو نلغي ما به لنطالب بقوانين وإجراءات يضعها «شوية عيال» على حد تعبيره، منوهًا بأن هناك طرقًا عديدة للقيام بتغييرات دون المساس بالقوانين الأصلية كما يجب أن نعلم الضمانات الأساسية للمواطن وهى أهم من أي شىء حاليًا. أكد محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن إدارة الدولة والحكومة لم تجد حلًا للإرهاب غير المحاكمات والقوانين، مشيرًا إلى أن هذا لم يمنع الإرهاب فلدينا من القوانين ما يصل إلى حد الإعدام كما أن الشرطة لها من الإمكانيات ما يؤهلها لاستخدام السلاح في التعامل مع هذا الإرهاب. وأشار «زارع» إلى أن التشريعات والمحاكمات تم تجريبها من قبل ومع ذلك لم تجد أي نتيجة فهي طريقة غير فعالة بالمرة؛ فالإرهاب فكرة لابد ألا تحارب بغير الأفكار فهذا دور العدالة الانتقالية ووزارة الشباب والرياضة والأزهر لتوعية الشباب ومحاربة الفكر الإرهابي، منوهًا بأن هذا القانون لا يطبق فقط على الإرهابيين وإنما سيطبق على 90 مليون مصري. وأوضح «زارع» أن قوانين مكافحة الإرهاب تعمل على تعطيل الحقوق الدستورية وحقوق الصحفيين وتتطرق إلى أكثر من فئة فما يحدثه هذا القانون من شأنه يزيد الاحتقان عند الشرفاء حيث يجعلهم عرضة للخطر من جراء أي فعل من الممكن أن ينظر إليه على أنه إرهاب. فيما أكد الدكتور محمد محيي الدين، الخبير القانوني، أن القانون يتعارض إجمالًا مع قانون 2012 بتعديلاته في 2014، مشيرًا إلى أن هناك تعددًا تشريعيًا في العقوبات في نفس الموضوعات، مؤكدًا أنه سيتم الطعن فيه لعدم دستوريته إلا إذا كان بالقانون مادة تنص على أن القانون الجديد يلغي العمل بالقوانين السابقة له. وأضاف «محيي الدين» أن هناك بعض المواد بالقانون تتعارض مع أبسط الحقوق والحريات للمواطنين ومن أهمها المادة «6» والتي تنص على أنه من الممكن أن يقوم فرد الأمن أو الضابط بأن يقتل المتهم دون محاكمة عادلة، الأمر الذي يجعل المادة مطاطة، ليس لها ضوابط وهو ما يتعارض مع حقوق المواطن وبالتالي يتعارض مع الإسلام، مؤكدًا أن المحكمة الدستورية ستعترض على هذا القانون بالبنود التي تخالف الدستور. وأشار إلى أن الدولة تجابه حربًا شرسة في سيناء ويجب أن تفرق المعارضة وجماعة الإخوان ما بين اختلافها السياسي مع النظام والحكومة وبين الحرب التي يخوضها الجيش ضد داعش في سيناء، لافتًا إلى أن المعارضة وخاصة جماعة الإخوان تشمت وتسخر من الجنود المستشهدين هناك وهو خطأ ديني ووطني، الأمر الذي يجعل النظام بالتالي يأخذ مثل تلك القوانين، مؤكدًا أن الخطأ مشترك بين المعارضة والنظام. وأكد الخبير القانوني أن الحل الأمني ليس هو الحل بل يجب أن يكون الحل سياسيًا وفكريًا وثقافيًا، مشيرًا إلى أن كل بلاد العالم لديها إرهاب وتضع قوانين تكافح الإرهاب إلا أن كلها يكون متوائمًا مع الدستور الذي حلف عليه الرئيس وأقسم على احترامه. وبشأن القوانين التي تتعارض مع حرية الصحافة، قال الخبير القانوني، إن الصحفي وتقييد حق الصحفي في الحصول على المعلومات أو نشرها لا يختلف كثيرًا عن القانون في مجاله، فهناك تعدد تشريعي بعض المواد المكررة في قانون العقوبات، مؤكدًا أن النظام يجب أن يتأكد من أننا جميعًا ضد الإرهاب وضد ما يحدث في سيناء. وأضاف «محيي الدين» أن قانون مكافحة الإرهاب لم ينفذ بعد وإذا تم تنفيذه يجوز الطعن عليه، ويشترط التقدم لمحكمة القضاء الإداري أو أي محكمة أخرى باستثناء المحكمة الدستورية، فإذا وجدت المحكمة أن القانون يجوز الطعن عليه تقوم برفعه إلى المحكمة الدستورية، مؤكدًا أن هذا القانون غير دستوري ولا يحارب الإرهاب، فالإرهاب يحارب بالعدل. وأضاف أن المحكمة لا تملك تعديلًا للقوانين، فوظيفتها هي الطعن على مادة مقدمة بعينها، فسلطة المحكمة تقتصر على الطعن على المواد وليس تغيير القوانين جملة، مشيرًا إلى أنها ليس لديها سلطة للتعديل، فمن يملك التعديل فقط من بيده السلطة التشريعية والبرلمان. وأشار إلى ضرورة وجود مجلس نواب يوضح الرأي والرأي الآخر، فمصر في حاجة إلى توازن سلطة، وهناك دستور تم الاستفتاء عليه وصدر منذ سنتين ولم يطبق حتى الآن. تشريعيًا.. يحتاج وقتًا للحكم على دستوريته أكد الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون ورئيس لجنة التشريعات في اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، أن الدولة لجأت لقانون مكافحة الإرهاب على غرار كل دول العالم نظرًا لوجود حادث إرهابي طال الآمنين، وقامت الدولة من قبل بعمل مشروع قانون الكيانات الإرهابية أعقبته حاليًا بقانون مكافحة الإرهاب ويتضمن من الأحكام الإجرائية والموضوعية، منوهًا بأن القانون لم يقتصر على الصحفيين أو يضيق على الصحفيين وإنما الحبس لمن ينشر أخبارًا كاذبة جملة عامة تنطبق على مَن يمتلك وسيلة إعلام أو مَن يعبر بأي شكل آخر. أشار «فوزى» إلى أن جريمة نشر الأخبار الكاذبة جريمة عمدية تتعلق بعمليات الإرهاب فالنص وقائي لمنع محاولات أضعاف الروح المعنوية للشعب والتأثير عليهم، مؤكدًا أنه لا يستطيع الجزم بشأن دستورية القانون من عدمه، لأن ذلك يتطلب منه وقتًا كافيًا لدراسة القانون بمواده ليكون حكمه واضحًا. وأضاف «فوزي» أن هذا القانون عرض على لجنة الإصلاح التشريعي على عكس ما قيل فأدرج القانون في الجلسة رقم 12 بتاريخ 16 /6 وقد تمت مناقشة مواده إلا أننا كنا نحتاج للمزيد من الوقت وهو الآن في قبضة مجلس الوزراء الذي سيرد على بدء تنفيذه أو إرجاعه للجنة لتعديل بعض المواد التي قد تحمل رؤى معينة عند البعض.