رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نكشف الدور الخفي ل"الإخوان" في هزيمة القوات العربية عام 1948
نشر في البوابة يوم 07 - 07 - 2015

فى يوليو حدثت الثورة، وقبلها بنحو أربع سنوات، حدثت مسببات النكبة العربية، فى يوليو أيضا، لا فى مايو كما يعتقد الذين أرخوا لها ببداية الحرب ومفاوضات الهدنة، فيما الأحداث كلها تشير إلى أن يوليو الذى كان شهرا للنكبة والهزيمة فى 1948، تحول بعد تشكيل اللبنة الأولى للضباط الأحرار بعدها، ليكون شهر الثورة التى غيرت مجرى الأحداث فى مصر.. فى هذه السلسلة من الحلقات نتحدث عن الحرب وذكرياتها، من خلال أوراق الراحل البكباشى جلال ندا التى استودعها أمانة لدى الكاتب، وفيها أيضا الكثير من الوقائع التى ذكرها على لسانه باعتباره شاهدا على مجريات الأحداث، أو على ألسنة قادة الثورة أنفسهم، كاشفا ما غم على كثير ممن أرخوا للحدث العظيم فى تاريخ مصر الحديث، ومع تتابع الحلقات سنتعرف على ندا شخصيا مصحوبا بذكرياته عن الحرب التى شارك فيها، وكيف أنقذ جمال عبدالناصر من الموت، بينما هو قعيد مصاب لا يجد منفذا لعلاجه، وكيف كانت قيادة البطل أحمد عبدالعزيز للفدائيين، وعن الهدنة التى خربت التاريخ المعاصر للعرب، وتسببت فى هزيمتهم بالشكل الذى يؤرخ له المؤرخون باعتبارها النكبة العربية، ودور الإخوان المسلمين فى هذه الهزيمة، وخطة القائد عبدالعزيز لاحتلال القدس، ونتيجة رفض القيادة لها، وبعدها نستمع لشهادته عن بدء تشكيل تنظيم الضباط الأحرار، وكيف تشكلت علاقة محمد حسنين هيكل بعبدالناصر، ثم الحوارات التى أجراها مع بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة، وتحقيقنا لبعض مما ورد فيها، عبر شهادات أخرى لم ترد فى مذكراته، سعيا للبحث عن حقيقة ما حدث فى مصر منذ العام 1948 إلى قيام الثورة لنصل إلى ذهاب السادات إلى القدس، ورأى المعاصرين لعهده فى هذه المبادرة، كل هذا وأشياء أخرى ستمثل مفاجآت نتركها لوقتها.
أسرار استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز ومفاوضاته مع موشى ديان لدخول القدس
القائد «الإخوانى» رفض خطة حرب العصابات التى اقترحها «عبدالعزيز» لحماية الجيوش النظامية قبل استشهاده بأيام
سوف أموت اليوم.. قالها وكأنه كان يستشرف حدثا على بعد خطوات منه، يقف على عتباته أو يقترب منه فى صمت، لم يدم سوى أيام معدودة من العام 2003، قال لى: «لم أمت برصاص العصابات الصهيونية ولا بشظية لا تزال عالقة بكبدى، لكنى أرى اليوم فلسطين جديدة تضيع، إنها كل الوطن بينما الجميع صامت أو متآمر أو متخاذل.. الأفضل لى يا بنى أن أموت اليوم قبل أن يحملنى الأحفاد على محفة العار إلى قبر ترابه محتل».
قالها من لقبته الصحافة بالشهيد الحى، القائمقام جلال ندا أحد أبطال حرب فلسطين عام 1948، ثم مسح بمنديله دمعة مكابرة، فأطرقت وجلا دون أن أدرى أن اليوم هو آخر أيام لقاءاتى به، وأنها ستكون المرة الأخيرة التى أراه فيها حيا، كان اليوم هو الأربعاء الأخير من يناير 2003، وكنت أزوره كعادتى بعد أن حملنى أمانة السؤال عنه فى ظل تنكر الكثيرين له، وأمننى على وريقات يحكى فيها تاريخه وتاريخ الوطن الذى التصق به، على أن أذكر للتاريخ من هو جلال ندا؟ وماذا فعل لوطنه ضابطا مقاتلا وصحفيا وفدائيا؟ حمل من ذكريات الدفاع عنه فى ميدان القتال شظية، علقت بكبده واستقرت فيه، كان استمرارها خطرا على حياته كما أكد له الأطباء، لكنه قال فى لهجة عسكرية صارمة «اتركوها»، ولما علمت «إسرائيل» عرضت علاجه عن طريق الصليب الأحمر لكنه رفض وفضل البقاء بين جنوده وزملائه، كان يشير إليها وكأنها تذكره، بما كان إذا ما حملت عليه الأيام ونال منه اليأس.
روى لى قصصا مثيرة عن حرب فلسطين، وعبدالناصر ونجيب وباقى أعضاء مجلس الثورة، التى انتقد قادتها وتحاور معهم دون أن يستغل صداقتهم له، فى تحقيق مصلحة شخصية ولو كانت حصوله على معاشه الذى حارب ليحصل عليه طويلا دون مجيب، منذ أن أحاله الملك فاروق للاستيداع، ورفض ترقيته التى كان يستحقها، انتقدهم لكنه أبدا ما شكك فى وطنية أحدهم، معتبرهم طول الوقت مخلصين، لكن وسيلتهم فى إدارة البلاد لم تؤت الهدف المرجو منها.
تذكرت صوته فعدت مرة أخرى للواقع حينما قال لى: لا يقلقنى سوى أولادى وحكاية المعاش.. صدقنى سوف أموت اليوم، لكنه لم يمت فى ذلك اليوم منذ ما يقرب من اثنتى عشرة سنة، بل مات بعده بثلاثة أيام لينهى بذلك حلقة مريرة يزيد عمرها على 60 عاما.. قال عنه الرئيس محمد نجيب يوما: «جلال ندا مثل فرسان العصور الوسطى الذين اندثروا بعد أن تفشى الانحلال»، وقال لزملائه بعد أن استشهد شقيقه النقيب فريد ندا فى 25 يناير 1952: «هنئونى لقد استشهد».
كان يرى أن حقه ضاع قبل الثورة وبعدها، فقبل يوليو بأشهر رفع دعوى قضائية ضد الملك السابق فاروق، عندما أمر بحل مجلس إدارة نادى الضباط، وكان جزاؤه الإحالة للاستيداع ليحصل على معاش قدره 40 جنيها فقط، لكنه لم ييأس فواصل حياته كجندى متطوع لتدريب الفدائيين وقيادة كفاحهم ضد الاستعمار الإنجليزى فى منطقة القناة.
تخرج ندا فى الكلية الحربية فى نفس الدفعة التى شهدت تخرج الزعيم جمال عبدالناصر، فبينما كان ناصر يدافع عن «الفالوجا» كان هو مع رفاقه يصدون الهجمات عن «عراق سويدان».. هذه هى بداية قصة جلال ندا المحارب، التى بدأت بطلب استعجال أرسله إلى الفريق حيدر باشا، القائد العام للقوات المسلحة وقتها، عبر برقية قال فيها: «أخشى أن تنتهى المعركة فى فلسطين، قبل أن أشارك فيها لآخذ بثأر صديقى عبدالقادر الحسينى»، حتى أن جاء يوم الثانى والعشرين من مايو عام 1948، يحمل أمر النقل ليغادر جلال ندا القاهرة متوجها إلى فلسطين، وهناك تولى قيادة إحدى السرايا بدلا من الشهيد الصاغ عز الدين صادق الموجى، ويتولى ورفاقه وظائف الشهيدين مصطفى كمال وأحمد تيسير بشير.
أحمد عبدالعزيز
من ميدان المعارك تشرق قصص البطولات، ومنها ما رواه ندا عن الفدائى الأول كما أطلق عليه بقوله: «هاهو يقف وقفته الرائعة وسط رجاله، كذلك كان البطل المرحوم أحمد عبدالعزيز، حين يتكلم: «أيها الرفاق البواسل إن مهمتنا عظيمة، هائلة، أنتم تشعرون بها تدركون تماما ما هى الأخطار، التى ستتعرضون لها كعصبة محدودة العدد من الأبطال، إن مهمة الفدائى أخطر المهمات، ولكن قوتنا قليلة ستعرف كيف تنفذ من جميع الجهات، لتصل إلى أعناق أولئك الدخلاء الذئاب، سنجعل.. وأقسم أننا سنجعل منهم عبرة لكل غاصب، أيها الرفاق إن الله معنا، ونعلم أنه من المستطاع قتلنا لكن ليس من الممكن التغلب علينا، إننى أقدم نفسى فداء للمجاهدين، فتعالى الهتاف الذى دوى كالرعد «الله أكبر»، فانطلقوا فى صمت حتى وصلوا إلى أنقاض متناثرة، فوق هضبة خفيضة، بعض الشيء، وهناك أخذوا يوزعون الأسلحة التى لم تكن سوى مدافع سريعة الطلقات وبنادق عادية بعيدة المدى ومسدسات وخناجر».
وكما قال: لم يمتد بهم الوقت حتى رأى المُراقب جموعا تتقدم فى حذر، وكشف المنظار أنهم من عصابات الهاجانة، فأبلغ القائد الذى أصدر أوامره لجنوده بالاستعداد للمواجهة، كان الموقف رهيبا فالقوة المهاجمة تزيد على 200 فرد من هذه العصابات، قال القائد لجنوده: «لا تطلقوا النار حتى أصدر أمرى، ومن نظرة خاطفة أدرك أنه لا بد أن يكون البادئ لتكون له الجولة الأولى، فأصدر أمره فكانت جهنم مكشوفة الغطاء، فأخذ العدو على غره حتى أن رده لم يكن سريعا، وظهرت فى الصفوف حركة تراجع واضطراب مكنت الفدائيين من كسب المعركة».
كان البطل يعارض بشدة دخول الجيش المصرى الحرب، على أساس أن قتالهم يجب أن تقوم به كتائب الفدائيين والمتطوعين، لأن دخول الجيوش النظامية يعطى اليهود فرصة كبرى لإعلان أنفسهم كدولة ذات قوة تدفع بالجيوش العربية إلى مواجهتها، وهنا نتذكر شهادة اللواء محمد رفعت وهبة حول البطل أحمد عبدالعزيز، ودوره فى حرب فلسطين، حيث قال فى حوار له مع إحدى الصحف المصرية: «البطل أحمد عبدالعزيز اختلف مع اللواء أحمد المواوى وحدثت بينهما مشادة كبيرة، وقد كنت جالسا أثناء ذلك الموقف وقلت للمواوى باشا، إن أحمد عبدالعزيز قائد ذو شأن وخطته جيدة للغاية، فقام بطردى من حجرة الاجتماعات، بسبب عبدالعزيز الذى كانت خطته تتمثل، فى ألا نتوقف عند مستعمرة بعينها ونستمر فى قتالها، حتى لا تستنفذ طاقتنا فى مكان واحد، لكن نقوم بالسير عبر المستعمرات حتى نصل إلى مدن «حيفا» و«القدس» و«تل أبيب»، وأن تكون الحرب عبارة عن «حرب عصابات» ولكن المواوى رفض تلك الخطة نهائيا.
وعن قصة استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز قال: «فى الحقيقة لم يكن مقتل البطل أحمد عبدالعزيز مدبرًا، كما كان يُعتقد، فأنا حضرت حادثة استشهاده شخصيا، الذى حدث عندما دخلنا الحرب كنا نقيم كمائن للحراسة، عبارة عن «حفرة» يجلس بها طاقم الحراسة، ويخرج منها جندى واحد وعند مرور سيارة البطل «أحمد عبدالعزيز»، أخذ الجندى المكلف بالحراسة فى هذه الليلة بالإشارة إليه لكى يتوقف، ولم يكن يعلم هوية تلك السيارة أو قائدها ولم ير عبدالعزيز الإشارة، وكان يقود السيارة بنفسه، فقال له الجندى «من أنت؟»، لكنه لم يسمعه بسبب الضوضاء وصوت الرياح، فأصيب برصاصة أطلقها الجندى عليه، واستشهد على الفور عن طريق الخطأ من الجانب المصرى».
كثير من شباب هذه الأيام لا يعرفون من هو البطل أحمد عبدالعزيز، ولو أن هؤلاء الذين لا يعرفون البطل، رأوا صورته النادرة وهو يتفاوض مع موشى ديان- قائد قوات قطاع القدس آنذاك- من الوضع واقفا، رافضا أن تجمعهما طاولة واحدة، ذلك بعد أن تكبدت القوت الإسرائيلية خسائر كبيرة فى معركة «جبل المكبر» قرب القدس أمام قوات المتطوعين، فكانت الهدنة التى دعت إليها هيئة الأمم، وقالت مصادر عسكرية إنها بطلب من الجانب الإسرائيلى، الصورة هى إحدى الوثائق النادرة التى كشف عنها الفيلم الوثائقى «الطريق إلى القدس» الذى نفذته شركة «إيمدج باور» المصرية، وأعده وأخرجه رضا فايز، وهو الأول من نوعه عن البطل، عام 2008 بمناسبة مرور 60 عاما على نكبة فلسطين ومقتل عبدالعزيز.
يلقى الفيلم الضوء على جوانب هامة من حياة البطل الراحل، ويسجل جوانب من يوميات معاركه ضد العصابات الصهيونية التى أصبحت فيما بعد قوات دولة الكيان الصهيونى، ويكشف عن الوثيقة التى يأمره فيها قائد الجيش المصرى النظامى، بوقف التقدم نحو القدس الغربية، قبل يوم من قبول الحكومات العربية للهدنة الثانية، بعد أن كانت قواته تكبد القوات الإسرائيلة، خسائر كبيرة وتقطع خطوط اتصالاتهم، وبعد أن طلب عبدالعزيز أن يمهلوه يوما واحدا، لكى يستولى على كل المستعمرات الصهيونية، وتصبح كل القدس فى أيدى القوات العربية، تظل قوات المتطوعين مرابطة ما بين بيت لحم وصور باهر قرب القدس، إلى حين الحادث الغامض الذى قتل فيه أحمد عبدالعزيز فى أغسطس 1948، بعد ساعات من اجتماعه مع موشى ديان، وأثناء توجهه فى سيارة جيب إلى مقر قيادة الجيش المصرى فى غزة، لينقل لهم ما دار فى الاجتماع.
بالإضافة إلى رواية جلال ندا واللواء وهبة، تتعدد الروايات حول مقتله، وما نشر من روايات رسمية ومنها رواية صلاح سالم أن السبب نيران صدرت بالخطأ من كتيبة مصرية كانت تعسكر فى منطقة «عراق المنشية» واشتبهت فى السيارة - وهو ما قاله جلال ندا - بينما تشير رواية أخرى إلى أنها مجموعة فلسطينية مقاتلة تقوم بعمليات عشوائية واشتبهت أيضا فى السيارة، ويلمح البعض إلى دور قيادة الجيش المصرى الغاضبة من أحمد عبدالعزيز، وحماسه وعدم التزامه التام بالأوامر، وهناك روايات عديدة تلمح إلى أنها عملية اغتيال وراءها الملك فاروق، الذى خشى من تصاعد نجم عبدالعزيز الذى بدأت الصحافة تصفه ب«البطل»، هناك رواية أخرى تلمح إليها بعض المصادر من مؤرخى «الإخوان»، عندما تنقل إشارة حسن التهامى إلى أن كتيبة «عراق المنشية» كانت فى ذلك الوقت تحت قيادة جمال عبدالناصر!.
معركة عراق سويدان
لا يزال الراحل جلال ندا عبر أوراقه وبخط يده يحكى قصة الحرب، التى مهدت الطريق إلى ثورة يوليو، وفى أكثر من رواية أن فيها تأسس تنظيم الضباط الأحرار، ليستمر فى سطوره التى كتبها مؤرخا للحرب: «قبل الهدنة بنحو خمس ساعات حاول اليهود أن يحققوا نصرا عسكريا، باحتلالهم مركز عراق سويدان، ومنه يمكنهم السيطرة على كل المواقع وقطع خطوط المواصلات، فشنوا هجوما مركزا فى الساعة الثانية و45 دقيقة، لكننا كشفنا أمرهم بمحض الصدفة فقد كنت فى موقع المراقبة، وأشعلت مصباحا كشافا لأنير الطريق أمام ضابط حضر إلى من بلدة عراق سويدان، ليتزود بصندوق ذخيرة، وفى هذه اللحظة وجه العدو نيرانه ناحية الكشاف فدمرته، وساعتها تنبهنا لوجودهم».
تسلح اليهود بجميع أنواع الأسلحة الخفيفة والهاون والطوربيد المحشو بالديناميت، ومتفجرات لفتح الثغرات فى جدران الحصن، لكنهم رغم كثرة عددهم والظلام الدامس لم يستطيعوا إشعال «بنجلور» واحد -قنبلة مضيئة- أو قذف طوربيد، ذلك بسبب تطبيق خطة مبتكرة، فقد كان معنا فى هذه الليلة البكباشى يوسف حبيب من المدفعية، وبعد التأكد أن كل الجنود مشتبكين مع العدو تحت إشراف صف الضباط، أخذت باقى الضباط ومعنا يوسف حبيب، وصعدنا إلى سطح القسم وبحوزتنا ما لدينا من قنابل يدوية، وبدأنا نقذف العدو بالقنابل ال«ميلز» التى كان لها أكبر الأثر فى منع تقدمه، وإيقاع أكبر خسائر فى صفوفه، ما اضطره للانسحاب وهو يلملم خسائره ويسحب قتلاه، لكنه نسى قتيلا واحدا، التقطنا صورا بجواره ثم دفناه فى مزرعة للكروم مواجهة للحصن».
السياسة تطل برأسها
«عادت السياسة تطل برأسها فتم إعلان الهدنة، بداية من الساعة الثامنة من صباح يوم 11 يونيو 1948، وجيوشنا قد بلغت الهدف قبل الأخير فى نصر سريع حاسم واكتساح عسكرى بالغ الروعة، كانت القوات المصرية الغربية زاحفة تجاه حيفا، بينما القوات الشرقية بلغت مشارف القدس، وكذلك وصلت القوات العراقية المشاركة إلى مشارف تل أبيب شمالا، واتخذت القوات السورية واللبنانية خطة الهجوم العام، فى موقعة كبيرة وقامت قوات شرق الأردن بهجوم عنيف على القدس للسيطرة عليها».
ليتها لم تعلن هكذا قال، وسمعت صوت تنهداته الحارة حتى بين سطور كتبها فقال: «لقد أعلنت وقبلنا مرغمين، وهكذا أفلتت من بين أيدينا مفاتيح الموقف، وضاعت ثمرات انتصار جنودنا البواسل.. قبل ذلك بأيام وتحديدا فى يوم 8 يونيو مر علينا القائد العام اللواء أحمد على المواوى، وأثناء الحديث قال: يظهر أنهم ها يفرضوا علينا الهدنة، قلت له: تبقى غلطان يا باشا لو قبلتها، فقال: انت مجنون يا جلال؟ فقلت له –خلينى أكمل يا باشا، دلوقتى انت القائد العسكرى المسئول هنا، ولو قبلت الهدنة، مش هانكسب معركة بعدها، والأحسن إنك تقول للى قبلوا الهدنة، إنهم يحلوها سياسيا أشرف وأكرم لنا، فقال: لا أنت اتخبلت خالص».
الغريب هو أن ما ظهر فى شهادة جلال ندا وحواره مع اللواء المواوى، وكذلك طريقة استقباله للضابط القادم للحصن بنور الكشاف، ثم شهادة اللواء محمد رفعت وهبة، ثم ما جاء فى الفيلم الوثائقى، حول اللواء المواوى يجعلنا نشير إليه بعلامات التعجب، خاصة أنه انضم لجماعة الإخوان بعد خروجه من الجيش مباشرة، وكان صوتهم الذى ارتكنوا إليه فى ادعاءاتهم بمشاركة قوات منهم فى حرب 1948، ليتبقى سؤال بالغ الخطورة، وهو هل تسبب المواوى برفضه خطة البطل أحمد عبدالعزيز، لاحتلال القدس ومن ثم استشهاد الأخير أثناء عودته لإبلاغ القيادة فى وقوع الهزيمة؟ المعروف أن المواوى شهد أكثر من مرة أمام المحاكم المصرية، وتضمنت شهادته كل ما هو لصالح جماعة الإخوان، ضد الدولة التى كانت تحاكم أفرادا منها.
شهداء 1948
1- إبراهيم ‬حمود ‬المرسمى ‬طوش
2- إبراهيم ‬إبراهيم
3- إبراهيم ‬إبراهيم ‬المتين
4- إبراهيم ‬إبراهيم ‬مصطفى ‬ضيف
5- إبراهيم ‬إبراهيم ‬يوسف
6- إبراهيم ‬أحمد ‬محمد
7- عثمان ‬مقلد
8- إبراهيم ‬ثعلب ‬حميدة
9- إبراهيم ‬جمال ‬الدين ‬بخيت
10- إبراهيم ‬حسن ‬عبيد
11- إبراهيم ‬حسن ‬محمود ‬عويضة
12- إبراهيم ‬الدسوقى ‬حامد ‬محمد ‬عبدالله
13- إبراهيم ‬الشاروز
14- إبراهيم ‬عبدالرحيم ‬محمود ‬حسان
15- إبراهيم ‬عبدالعزيز ‬اسماعيل
16- إبراهيم ‬عبدالعظيم ‬إبراهيم ‬عيد
17- إبراهيم ‬عبد ‬المولى ‬على ‬سرحان
18- إبراهيم ‬فايد ‬عبدالقادر
19- إبراهيم ‬قطب ‬الصياد
20- إبراهيم ‬محمود ‬سالم
21- إبراهيم ‬محمود ‬محمد
22- إبراهيم ‬نور ‬الدين ‬عبدالفتاح
23- انخرون ‬بطاروس ‬الجرون
24- أبو ‬بكر ‬إبراهيم ‬نزلاى
25- أبو ‬بكر ‬عبدالرؤوف ‬سيد ‬سالم
26- أبو ‬بكر ‬على ‬عثمان
27- أبو ‬بكر ‬مصيلحى ‬داود ‬سلام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.