توقف زراعات النباتات الطبية والعطرية.. ولم يتبقَ منها سوى 60 نوعًا تزرع خصيصًا للأغراض الصناعية نصف مليون يعملون في سوق الطب البديل والأعشاب.. و5 آلاف فقط مسجلون رسميًّا بالغرفة التجارية مبيعات الأعشاب والمستخلصات الطبية تشكل 30 % من إجمالي عائدات الدواء في مصر كنا نعتقد أن ما كشفناه فى الحلقة السابقة عن تراجع دور مصر فى مجال النباتات الطبية المُستخدمة فى صناعة المستحضرات الصيدلية، هو ما يدور فى مُجمله حول تدهور أول مشروع قومى للأبحاث العلمية والاستثمار فى زراعة النباتات. الأبحاث العلمية، المُرتبطة بالاستثمار فى مجال النباتات الطبية والعطرية، أوصت بأهمية زراعة أنواعها المختلفة على مساحات تبلغ مئات الآلاف من الأفدنة فى مناطق العلمين، والصحراء الغربية المُمتدة حتى الحدود الليبية، وسيناء، ومناطق الوادى الجديد، بما يُتيح للدولة استخدام الأساليب المتطورة لاستخلاص المادة الفعالة من النباتات الطبية، وإدخالها فى صناعة المُستحضرات الصيدلية، لكن يبدو أن المراكز البحثية تعمل فى وادٍ والحكومة تعيش فى وادٍ آخر. العبث الذى يرقى إلى مستوى الفساد طال نحو ألفى نوع من النباتات الطبية والعطرية التى تنمو بريا فى وادى النيل والصحراء الشرقيةوالغربية وسيناء، حيث تدهورت تلك الزراعات وتلاشت إلى الحد الذى لم يتبقَ منها سوى 60 نوعا فقط، هى التى تزرع خصيصًا للأغراض الصناعية، عن طريق التجفيف، أو استخلاص الزيوت منها. أما المساحات المنزرعة، وفقًا لآخر دراسة صادرة عن المركز القومى للبحوث، فبلغت 32 ألفا و528 فدانا، منها 7 آلاف من الأراضى القديمة، و25 ألفا من الأراضى الحديثة، تنوعت محاصيلها ما بين الكزبرة الجافة، والنباتات النيلية، مثل «الحناء الشبت الزعتر عصفور الجنة». ورغم هذا الانهيار فإن مصر ما زالت على رأس البلدان المُصدرة للمواد الخام فى مجال النباتات الطبية، لكنها فى ذات الوقت تراجعت فيما يخص الاستفادة من تصنيعها محليًا، بصورة تبعث على الشكوك فى الحكومات المتعاقبة، بل تنامت الاتهامات ضدها بالتورط فى إهدار كل ما يتعلق بالاقتصاديات الحيوية التى تدخل فى الصناعات الاستراتيجية، بما يصب فى صالح شركات الدواء العالمية، حيث بلغ حجم المتوقع من الصادرات للعام الجارى 107 ملايين جنيه، حسب ما صرح به الدكتور فاروق الشوبكى، رئيس مجلس إدارة جمعية منتجى ومصدرى النباتات الطبية والعطرية، لكل من ألمانيا واليابان والولايات المتحدةالأمريكية، باعتبارها أكثر الدول استيرادا لتلك المنتجات، أهمها «الشيح بابونج، والريحان، والبردقوش، والشمر، والكراوية، واليانسون»، ويحدث ذلك فى ظل وجود إمكانية لزيادة الصادرات إلى 700 مليون جنيه، شريطة دعم الحكومة لإدخال العملات الأجنبية، والأخطر من هذا أن الأصناف المحلية من تلك الزراعات تفوق فى جودتها الزراعات المهجنة، التى أصابت معظم القطاعات الزراعية، لأنها تعتمد بشكل كلى على التقاوى والبذور المستوردة من الشركات الأجنبية، على حساب إهمال الأصناف المحلية والتوقف عن استنباط أنواع جيدة منها، جريا وراء العائد الكبير من الأصناف الهجين التى تتمثل خطورتها فى عدم القدرة على استنباط أو الحصول على بذور وتقاوٍ للعام التالى، مما يحدث انهيارا لكل الصفات المرغوب فيها فى الصنف المزروع من الجيل الأول، وهذا بدوره يلزم الدول المستوردة على تجديد عقود الاستيراد بشكل سنوى، وتصبح الدول المنتجة هى المحتكرة والمهيمنة لسوق التقاوى والبذور التى لا تقل أهمية عن سوق السلاح والمخدرات والأدوية، حسبما قال الدكتور السيد حسن، رئيس قسم بشعبة الخضر والنباتات الطبية. وأكد أن مصر ما زالت محافظة على أصنافها المحلية، فنجد مثلا 50 جراما من الكمون المصرى أفضل من كيلو لنفس الصنف التركى، نظرا لزيادة تركيز المادة الفعالة فى المصرى عنه فى المستورد، ولأن الحفاظ على هذه الأنواع يتوافق مع رغبة المستهلك الأول لصادراتنا من النباتات الطبية والعطرية، وهى الدول الغربية ودول الاتحاد الأوروبى، مثل الكمون والحبوب العطرية كالشمر، وأيضًا المحاصيل العطرية الورقية كالنعناع والريحان. وجدير بالذكر أنه وقت عمل الحصار الاقتصادى على المنتجات المصرية فى عام 2012 كنوع من الضغط السياسى، بدعوى توريد مصر نوعا من الحلبة تسبب فى أمراض بألمانيا، كانت المحاصيل المُستثناة من الحظر أو بمعنى آخر لا يستطيعون الاستغناء عنها، هى النباتات الطبية والعطرية، مما يشير إلى أهميتها فى مجال التجارة الدولية ومجال الاستثمار الجاد من قِبل الدولة عبر استراتيجية زراعية متكاملة، بدءا من تحديد وإلزام زراعة مساحات من تلك الأنواع، وأيضًا تيسير طريقة الجمع والتوزيع والتصدير بطريقة سريعة، حفاظًا على جودة المنتج ليستطيع المنافسة خارجيا بالسوق العالمية. وتصب الأعشاب بشكل مباشر فى الطب البديل والأمن، بعيدًا عن الأدوية التى تدخل فى صناعتها 80٪ مواد مصنعة من مواد خام يتم احتكارها لكبرى الشركات العالمية للأدوية، وخير دليل ما جرى لاحتكار المادة الخام لتصنيع «السوفالدى» من قِبل شركة «جلياد»، لتصبح المادة الخام مُقيدة بأغلال وقيود تعاقدات تلك الشركة. إهمال الطب البديل يعمل فى سوق الطب البديل والأعشاب الطبية قرابة نصف المليون عامل، مسجل منهم 5 آلاف فقط بالغرفة التجارية فى تجارة العطارة والتى تصل إلى 10 ملايين جنيه، بينما بلغ حجم مبيعات الأعشاب والمستخلصات الطبية 30٪ من إجمالى مبيعات الدواء فى مصر، كل تلك الأرقام ويتم إهمال الطب البديل وتركه لمجموعة من النصابين والدجالين والعطارين الذين يتاجرون بعلاج المرضى عبر أعشابهم، بسبب عدم الاهتمام بالأبحاث والرسائل العلمية فى مجال التصنيع المباشر لشركات الأدوية. كما أنه لا يوجد دعم من شركات الأدوية فى مجال التصنيع المباشر للدواء، ويتوقف دورها على إما الاستحواذ على البحث لتسجيله كدواء جديد، ثم تسويقه وإما محاربته للقضاء عليه، والباقى الشركات تعتمد على الربح السريع من خلال شراء أو الحصول على ملفات أدوية أو عقاقير مسجلة بالفعل، وتكتفى بدور التصنيع المباشر، اعتمادا على استيراد المادة الخام من الشركة الأم، على عكس المعمول به فى الأنظمة العالمية التى ترعى الباحثين وتدعمهم، إلى أن يصلوا إلى نتائج، ثم تتولى تسويق منتجاتهم وتجنى ثمار الصرف أضعافا مضاعفة، أو يتم الاكتفاء بتصدير الأعشاب والنباتات العطرية فى صورتها الأولية، إلى جانب عدم وجود استراتيجية للتعليم الطبى بالأعشاب الطبية والعطرية، وفقًا لمعايير دقيقة من حيث الجرعة والزمن وتكتب فى روشتة الطبيب أو أثناء وصفه للمريض. ومن المُفارقات أن يُدرَس علم «الأروما ثيربى» بكليات الطب فى الكثير من البلدان العربية، واستخدام الزيوت العطرية فى العلاج، وفقًا لتقنيات محددة ومدروسة لأمراض عديدة، وفى مصر نكتفى بتصدير زيوت وعجائن فطرية خام دون أن يكون لنا نصيب فى تصنيعها، كالزيوت العطرية للنباتات للعائلة الشفوية مثل «الريحان الحلو، والنعناع البلدى، والنعناع الفلفلى، والبردقوش، والزعتر». القانون يجرم التجارة قانون الصيدلة الحالى لا يسمح ببيع أى منتجات عشبية غير مُسجلة، ويستثنى من ذلك النباتات الطبية المُسجلة بوزارة الصحة، وفى حالة ضبط أى أعشاب داخل الصيدليات يعد ذلك مخالفة قانونية يُحال مرتكبها إلى التحقيق وقد تغلق بسببها الصيدلية، وتتخذ إدارة التفتيش الصيدلى الإجراءات القانونية اللازمة ضد وجود مثل تلك المنتجات مجهولة المصدر داخل الصيدليات، طبقًا للمادة «59» من القانون رقم 127 لسنة 1955، بشأن مزاولة مهنة الصيدلة التى تنص على حظر تداول المستحضرات الطبية الخاصة «سواء كانت محضرة محليا أو مستوردة من الخارج» إلا بعد تسجيلها، وكذلك المادة «63» من القانون ذاته التى تنص على أنه يجب أن تكون البيانات المذكورة على بطاقات تلك المستحضرات أو ما يوزع عنها من النشرات والإعلانات متفقة مع ما تحتويه فعلا من مواد وعلى خواصها العلاجية، كما يجب أن لا تتضمن عبارات تتنافى مع الآداب العامة، باعتبار أن معظم المنتجات العشبية التى تُباع لدى العطارين محفوظة بطريقة خاطئة غير آمنة على صحة المواطنين، وتنمو عليها فطريات وبكتيريا سامة، كما أن أى دواء متداول غير مسجل لدى وزارة الصحة فيه سموم قاتلة لمتناولها، وبعضها يصبح ساما لو خلط بمركب آخر، وبعضها ساما على المدى الطويل ويؤدى إلى الموت. أنواع النباتات الطبية يعتبر «اليانسون» من أفضل الأنواع، لما له من خصائص طبية وصحية عالية، فيعتبر مضادا للالتهابات، كما يعالج الروماتيزم والصداع، ويخفف من حدة التوتر، ويستخدم كمخفف للآلام، أما النعناع البلدى فله فوائد طبية كثيرة، حيث يُعالج نزلات البرد والزكام ويخفف الحمى عن طريق التعريق، وفى علاج الصداع النصفى وآلام المعدة، كما يساعد على تحفيز تقلصات الرحم، لذلك ينصح الأطباء بعدم تناول الحوامل له، وللبردقوش أهمية من نوع خاص بسبب رائحته الزكية وكونه مضادا للفطريات والالتهابات الصدرية، والتهاب اللوزتين والقصبة والربو، علاوة على تخفيفه آلام المعدة، أما عشبة «أكينين البرى» التى تستخدم لعلاج التهابات الجهاز الهضمى والتنفسى والأمراض التناسلية فهى مفيدة للمرارة. وعن دخول تلك الأعشاب فى صناعة المستحضرات الطبية، يقول الدكتور السيد أبوالفتوح، رئيس شعبة بحوث الصناعات الدوائية والصيدلية فى المركز القومى للبحوث، إن نبات شوك الجمل يستخدم فى صناعة العديد من المستحضرات الطبية لحماية الكبد ومعالجة الآثار الجانبية له، علاوة على نبات الخرشوف الطبى الذى يستخدم لنفس الغرض، ونبات الإيسيتزيا، وهو نوع تم استجلابه من أمريكا الجنوبية وزرع فى مصر ويدخل فى صناعة العديد من المستحضرات الدوائية التى تعمل على رفع المناعة. كما توجد «الخلة البلدى» التى تدخل فى صناعة مادة مهمة جدا تسمى «الخلية أو الخللجين» التى تعمل على نطاق واسع فى مجال حصوات الكلى عن طريق قدرتها على ارتخاء عضلات الحالب، مما يسهل عملية نزولها من الحالب، أما «الخلة الشيطانى» فعلاج مشهور للأمراض الجلدية مثل البهاق، وأكثرها أهمية الزعتر، المستخدم بكثرة فى المنتجات الدوائية لعلاج الكحة، وتستخدمه شركات الدواء بنسب عالية فى علاج الكحة والذبحات الصدرية، فضلا عن دخولها أيضا فى صناعات مستحضرات التجميل والمنظفات والتى تستخدم بشكل كبير «الصبار» فى مستحضراتها، أما «الحلفابر» فيعتبر من النبات الطبية المهمة جدا فى علاج حصوات الكُلى. سيطرة القطاع الخاص إنتاج وتصدير النباتات الطبية والعطرية حكران فقط على القطاع الخاص، ولا يوجد أى نسب تُذكر للقطاع العام، اللهم فقط المراكز البحثية التابعة للجهات الحكومية، وتُستخدم فى المجالات البحثية وليست لها قيمة إنتاجية. ويتفق مع هذا الرأى الدكتور محمد نوارة، خبير النباتات الطبية، قائلا إن حجم التصدير محدود جدا للنباتات الطبية والعطرية، فى حين تصديرها إلى شركات الأدوية بغرض تصنيع المستخلصات والمستحضرات الصيدلانية، ولكن فى مجال الصناعات العشبية كمواد خام فى شكل عبوات أو أكياس، تتمثل فى شركات مثل «إيزيس»، أو «امتنان»، أو «رويال»، ولها شركة قابضة تضم شركات تعبئة الأعشاب، بل وتزرع آلاف الأفدنة وتجمع محاصيل صغار المزارعين. بينما يؤكد الدكتور محمد نوار، خبير النباتات الطبية، أن نصيب القطاع العام فى تصدير النباتات والأعشاب الطبية ضعيف جدا لدرجة لا تذكر، باستثناء بعض الأدوية المشهورة التى تعد على أصابع اليد الواحدة فيه أدوية من أصول عشبية تنتجها عدة شركات فى شكل مستحضرات صيدلانية، وكل الشركات فى مصر لها منتجات من هذا القبيل، ولا سيطرة لشركة على أخرى، أما إذا تحدثنا عن الصناعات العشبية كمواد خام فى شكل عبوات أو أكياس مثلا، فأعتقد أن شركات مثل «إيزيس» أو «امتنان» المصريتين من أكبر شركات تعبئة الأعشاب، تليهما «وادى النحل» السعودية، كما يتم تصدير بعض الأعشاب إلى شركات أدوية، لكى تصنع من مستخلصاتها الأدوية الخاصة بها. وتتميز مصر بوجود عدد كبير ومتنوع من النباتات الطبية والعطرية، وتمثل مركزا مرموقًا بين الصادرات المصرية خصوصا إلى أوروبا، حيث يزداد الإقبال على استخدام النباتات الطبية والأعشاب فى العلاج. وتأخذ النباتات الطبية العطرية أهميتها من خلال الاستخدامات العديدة لها فى الصناعة، مثل الصناعات الغذائية (كمكسبات طبيعية للنكهة ومواد حافظة طبيعية)، وصناعة الأدوية «مختلف أنواع الأدوية، قطرة للعين، ودهانات»، ومستحضرات التجميل «شامبوهات، كريم، زيوت»، فضلا عن صناعة العطور بأنواعها والصناعات الكيماوية «الصابون، معطر الجو، المبيدات الحشرية». ويصل سعر الكيلوجرام من الزيوت العطرية إلى عدة آلاف من الجنيهات، لذا يجب التأكد من جودتها وعدم غشها، ويحدد سعرها عوامل كثيرة، أهمها توافر الثقة فى المنتج، والتأكد من الضوابط والقيود والرقابة على هذه المنتجات، ثم توافر قدر كافٍ من الاختبارات التحليلية المناسبة، سواء بالاختبارات الطبيعية أو الكيماوية أو الحسية. وتعتبر المياه العطرية وهى أحد نواتج الزيوت العطرية أثناء استخلاصها من أقدم المنتجات العطرية منذ قدماء المصريين وحتى العصور الوسطى، وهى مستحلبات مائية ومحاليل رائقة مشبعة بالزيوت الطيارة، وعادة ما تستعمل كمكسب للنكهة مثل ماء الورد أو ماء الزهر أو ماء النعناع وغيرها، ولها أيضا صفات علاجية مميزة، مما يجعل الحاجة ملحة لتطوير هذا المجال، خصوصا احتلال مصر المركز الأول فى إنتاج عجينه الياسمين (نحو 8 أطنان من جملة إنتاج العالم التى تبلغ 14 :12 طن سنويا)، يليه نبات العتر ثم البابونج الذى يتم تصدير كميات كبيرة منه، حيث تحتل ألمانيا المركز الأول فى استيراد هذه النباتات وزيوتها العطرية. كما تحتل أيضا المركز الرابع عالميا فى مجموع صادرات الزيوت العطرية والطبية عالميا، حيث تسبقها الهند التى تحتل المركز الأول فى الدول الموردة فى العالم، ويليها كل من الصين وهولندا والمغرب ويوغسلافيا وإسبانيا وإيران وبولندا. لذلك فإن صناعة الزيوت الطبية والعطرية هى صناعة واعدة، لما تكتسبه مصر من سمعة طيبة متميزة، وبذلك يعتبر هذا المنتج من المنتجات ذات الميزة التنافسية أيضا، لتوافر المادة الخام والخبرة فى استخلاص الزيوت لقطاع كبير من منتجى تلك النباتات. جدير بالذكر أن توافر الخامات من نباتات وأعشاب طبية ومحاصيل يمكن من استخلاص زيوتها العطرية بشكل جيد فى مصر، وتزداد الآن مساحات الأرض المنزرعة بهذه المحاصيل، لكى تقابل الاحتياجات المحلية والعالمية الآن، لذلك فإن تركيبة الزيوت العطرية الناتجة تختلف تبعا لطبيعة كل نبات ومواصفاته الطبيعية، ولكن فى كل الحالات فإن المنتج من الزيوت العطرية هو منتج هام وشديد الحساسية، ويجب الاعتناء به بشكل جيد، وأن يكون خاليًا من الرواسب الغريبة والمعادن السامة والمواد غير المُتطايرة، ولذلك لاستخدام هذه الزيوت فى صناعات مهمة ودقيقة، مثل الصناعات الدوائية، والعطور، ومستحضرات التجميل، والصناعات الغذائية. وعن مراحل التصنيع فتتم عبر عدة مراحل، الأولى مرحلة التنظيف، حيث يتم تنظيف النباتات الطبية والعطرية أو البذور أو الثمار تنظيفًا جيدًا من الأتربة والحشرات والنباتات الغريبة التى قد توجد مع النباتات الأصلية وجميع أنواع الشوائب الأخرى، ويجب أن تكون النباتات ذا رائحة ولون طبيعيين وسليمة وخالية من التكتل والتعفن، وتتم عملية التنظيف بالفرز والتنقية، ثم الغسيل بالماء الجارى ثم تصفية المياه. والمرحلة الثانية هى التجهيز، حيث يتم تجهيز النباتات، إما بتقسيمها إلى أجزاء وإما بتقطيعها إلى شرائح إذا كانت كبيرة الحجم، كما يمكن تقطيع الفروع الخشبية إلى شرائح رفيعة أو تفرم أو تجرش لقطع صغيرة، مثل نبات الليمون، والزيتون، والبرتقال. أما المرحلة الثالثة فهى التجميد، وتوضع النباتات خصوصا الأجزاء الخاصة بالأزهار والأوراق والأعشاب والفروع الصغيرة مباشرة فى جهاز استخلاص الزيوت، أما الأجزاء الأخرى والتى تم طحنها وفرمها وجرشها وهى الأجزاء الكبيرة، فتوضع قبل عملية الاستخلاص فى ثلاجة وتحت درجة حرارة منخفضة خلال يومين أو ثلاثة، ثم تدخل مباشرة عملية الاستخلاص وهى مجمدة، وتلك العملية تحافظ على المكونات كما هى وبحالة جيدة. المرحلة الرابعة، وهى عملية التقطير، وتعتبر الخطوة الأساسية والمهمة فى استخلاص الزيوت الطبية والعطرية، وتنقسم عملية التقطير إلى 3 أنواع أساسية، ويعتمد ذلك على نوع النبات وحساسيته وتحمله للحرارة، ويكون التقطير إما بالماء، وتستخدم هذه الطريقة للنباتات الطبية والعطرية التى تتحمل درجة حرارة أعلى قليلا وهى درجة غليان الماء، مثل «نبات الزيتون، اللوز، البندق»، وإما التقطير بالبخار غير المباشر، وتتناسب تلك الطريقة مع النباتات المحتوية على زيوت عطرية لا تتحمل ارتفاع درجة الحرارة، وفيها يمرر البخار المولد خارج الجهاز فى الماء بطريقة غير مباشرة، مثل نبات الورد، الريحان، النعناع، أما التقطير بالبخار مباشر فتتناسب تلك الطريقة للنباتات الطازجة غير المُجففة، ويستخدم فيها البخار بتمريره مباشرة على النباتات لاستخلاص زيوتها.