على شاطئ بحر غزة يقف شاب مترقبا بحذر الأمواج العالية، متشبثا بكلتا يديه بلوح “,”سايمون“,” بلاستكي . وما إن اقتربت الموجة، حتى سارع إلى ركوبها، بلوحه، ليطفو منتصباً على قدميه محافظا على توازنه، إلى أن تنتهى الموجة، قاذفة إياه على الشاطئ . محمد أبو جَيّاب (40 عاما)، أحد راكبي الأمواج على شاطئ بحر غزة، يقضي عدة ساعات يوميا، يترقب الموجة تلو الأخرى، ليعلو فوقها، ليحظى بقليل من السعادة تبعده عن هموم قطاع غزة التي لا تنتهي . غير بعيد منه، يراقب المصطافون على شاطئ البحر أبو جَيّاب ورفاقه، بشغف، حيث لم يسبق لهم أن شاهدوا مثل هذه العروض، فرغم أن غزة منطقة ساحلية، إلا أن ظروفها الصعبة تجعل من هذه الرياضة ترفا لا لزوم له، بحسب كثيرين . ويعاني قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ يونيو 2007، في الفترة الحالية تشديدا كبيرا للحصار، في أعقاب إغلاق الجيش المصري لأنفاق تهريب البضائع والوقود، ضمن حملة تقول السلطات المصرية إنها تهدف إلى ضبط الحدود مع غزة . ويقول أبو جَيّاب:“,” جئت إلى هنا بحثاً عن المتعة والترفيه والراحة بعيدا عن ضجيج المدينة ومشاكلها السياسية وأوجاع الحصار المتتالية، ولان رياضتي المفضلة تكون بين أمواج البحر العالية “,”. وفيما يأخذ نفساً عميقا يمده بالقوة بعد خروجه من بين أمواج البحر المتلاطمة ودوران البحر الشديد، يضيف أبو جياب “,”تعلمت رياضة الركمجة (ركوب الأمواج) منذ كان عمري 18عاما.. كانت البدايات صعبة جداً حيث صنعت زلاجة خشبية خاص بي وحاولت أن أتزلج عليها بين أمواج البحر الهائجة، وكانت مخاطر اللوح الخشبي كبيرة أدت إلى كسور في قدمي؛ لأنه لم تكن مناسبة للتزلج “,”. ويتابع بقوله: بعد الخطر الذي تعرضت له قررت أن أشتري زلاجة مخصصة للتزلج بالشراكة مع صديق لي، لتجنب بعض المخاطر، ولاسيما غدر أمواج البحر الهائجة، ولكن شرائها كان صعبا، فلم تكن متوفرة في غزة “,”. وباءت جهود أبو جَيّاب في البحث عن زلاجة بالفشل، إلى أن صادف رجلا يبحث عن مشتري لزلاجته . ويضيف: “,”كان ذالك أسعد يوم في حياتي “,”. ويفتقر قطاع غزة الساحلي إلى نواد أو مدارس تعليم رياضة “,”ركوب الأمواج“,” كما هو الحال بالنسبة لألعاب رياضية أخرى، ويعتمد راكبو الأمواج على رغبتهم الشخصية دون وجود أي مقومات سلامة خاصة بهم . ويضيف أبو جياب أن “,”رياضة ركوب الأمواج غير منتشرة في غزة ولا يمارسها إلا عدد محدود جدا من الشباب “,”. ويوضح أنه لم يجد أحد كي يعلمه ممارسة هذه الرياضة، فاعتمد على نفسه . ويضيف: “,”تدربت مع صديقي بمفردنا، منذ الصغر، ومكثنا ساعات طويلة في ممارستها إلى أن أتقناها “,”. ويعد شاطئ البحر المتنزه الوحيد لأهالي قطاع غزة (حوالي 1.7 مليون نسمة)، في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض عليهم منذ سبعة أعوام . ويتمنى أبو جياب أن يمارس رياضة ركوب الأمواج في بطولات خارجية، معتبرا أنه يمتلك القدرة على المنافسة . و“,”الركمجة“,” هي رياضة تتم بركوب أمواج البحر بواسطة لوح طويل وضيق يسمى“,”لوح الركمجة“,”، وتمارس على الشواطئ ذات الأمواج العالية . ولا يحظى بحر قطاع غزة بالأمواج العالية إلا فترة في السنة، حيث يعد هادئاً نسبياً، وهذا ما يحزن أبو جَيّاب . الأناضول