قبالة بحر غزة، يقوم عدد من الشبان، بتمارين الإحماء وهم يرتدون ملابس الغوص، استعدادا لركوب الأمواج بالرغم من البرد القارس، والرياح العاتية. إبراهيم عرفات، البالغ من العمر 24 عاما، وهو أحد الشبان الذي أمسك بلوح ركوب الأمواج، لا يرى في وجودهم على شاطئ البحر الخالي من المارة أمرا مثيرا للدهشة، إذ تشكل الرياح القوية، فرصة مناسبة لممارسة هذه الرياضة كما يقول لوكالة الأناضول. وأضاف عرفات أنّ هواة ركوب الأمواج في غزة، ينتظرون قدوم المنخفضات الجوية على المنطقة، لممارسة رياضتهم المُفضلّة. وتابع: "في وقت يمكث فيه كثيرون في المنازل، هربا من البرد، والمطر، نأتي نحن إلى هنا لركوب الأمواج". ومن موجة إلى أخرى، وبالتزامن مع سقوط خفيف للأمطار يطفو الشبان على الأمواج العاتية، بمهارة عالية وتنتصب أقدامهم باتزان، ملوحين بأياديهم بفرح. ويحتاج الحفاظ على اتزان الجسد، والوقوف على الألواح الخاصة بركوب الأمواج، والغطس إلى داخل مياه البحر، ثم اعتلاء موجة جديدة إلى تدريب شاق، وفق بركات. وتابع: "الأمر ليس سهلا، وفي غزة لا توجد مؤسسة ترعى هذا النوع من الرياضة أو تهتم بها، هناك نحو 30 شخصا يمارسون هذه الرياضة، كهواة، نشاهد تمارينها عبر التلفاز أو الإنترنت". ويتجه الشبان نحو البحر في ظل الأجواء الباردة، لركوب الأمواج، للاسترخاء والهرب من أزمات غزة السياسة والاقتصادية، كما يقول محمد أبو حصيرة (21 عاما) لوكالة الأناضول. وأوضح أبو حصيرة أنه يتواجد في البحر برفقة أصدقائه لعدة ساعات دون أن يشعر بالملل أو التعب. ويتابع:" هذه الألواح الصغيرة، تنسينا همومنا، ونحظى داخل البحر بكثير من السعادة، ونشعر هناك بالحرية ونسيان الحصار". ومنذ فوز حركة حماس، التي تعتبرها إسرائيل منظمة "إرهابية"، بالانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني 2006، تفرض تل أبيب حصارًا برياً وبحرياً على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/ حزيران من العام التالي، واستمرت في هذا الحصار رغم تشكيل حكومة توافق وطني في 2 يونيو/ حزيران الماضي. وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، وذلك منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، في يوليو/تموز 2013 وما أعقبه من هجمات استهدفت مقار أمنية في شبه جزيرة سيناء المتاخمة للحدود. ويقول الشاب محمود الرياشي (23 عاما)، إن ركوب الأمواج باتت بالنسبة للشبان في غزة "رياضة مفضلّة". ويضيف لوكالة الأناضول، إن تلك الرياضة والشغف بها دفعتهم إلى مخاطبة الاتحاد الدولي للركمجة (ركوب الأمواج)، لدعم هذه الرياضة في قطاع غزة ومدها بالمعدات اللازمة، والمدربين. وتابع:" نطمح لأن نمثل اسم فلسطين في مسابقات عربية ودولية، لهذا نأمل أن يكون بحر غزة مقدمة لتحقيق هذا الحلم". وهذه الرياضة وفق الرياشي، كفيلة بنقل شبان غزة من تأثير ما خلّفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة، إلى أجواء من الراحة النفسية. وشنت إسرائيل في السابع من يوليو الماضي حرباً على قطاع غزة استمرت 51 يوماً، أدت إلى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.