حصلت "البوابة نيوز" على نص الفتوى الرسمية، التي افتى بها الدكتور شوفي إبراهيم علام مفتي الديار المصرية، بغلق زوايا الصلاة بجامعة القاهرة والتي جاءت نصًا كالآتي: "فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه إحسان إلى يوم الدين، اطلعنا على البريد الوارد من رئيس جامعة القاهرة، والمقيد برقم 161 لسنة 2015م، والمتضمن، نرجو من سيادتكم التكرم بإبداء الرأي الشرعي فيما تعتزم به الجامعة القيام به كما يلي: أولًا: من حيث إنه قد انتشرت في مباني الجامعة في السنوات الأخيرة اتخاذ بعد أماكن محدودة المساحة حيث لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار، ولا تتوافر لها الشروط الشرعية من حيث توافر أماكن للوضوء وقضاء الحاجة، فضلًا عن استخدامها من بعض الطلاب المنتمين إلى الجماعات المتطرفة لبث أفكارهم بين الطلاب والعاملين حيث يذهبون إلى الصلاة فيها، وقد عزمت الجامعة على بناء مسجد جامع في وسط الحرم الجامعي للبنين وآخر للبنات مع مرافقهما على أحدث طراز، بما يسهل على الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس أداء الفريضة، وسيندب له إمام ومقيم شعائر ومؤذن من الأوقاف؛ وذلك ضبطًا للخطاب الديني الذي يقدم فيه، وستقوم الجامعة بإغلاق كل هذه الأماكن غير المؤهلة بحسب خواصها وما أهلت له لتكون مسجدًا. ثانيًا: أقامت الجامعة بالمدينة الجامعية مسجدًا يسع أكثر من ألفي مصلي، ورغم ذلك انتشرت في مباني المدينة الجامعية مصليات تقام فيها صلاة الجامعة ولايذهب الطلاب للصلاة في المسجد؛ فهل يجوز للجامعة إغلاق هذه المصليات وحمل الطلاب على الصلاة في المسجد الجامع بالمدينة الجامعية، والذي لا يبتعد عن المباني السكنية غير عشرات الأمتار؛ وذلك تعظيمًا لفكرة الصلاة الجامعة في المسجد، وحضًا على المشي للمسجد وعمارته، وإغلاق الباب الذي يستخدمه هذه المصليات المتناثرة في نشر الأفكار المتطرفة بين الطلاب بالمدينة الجامعية. وجاء الجواب، تقرر في أحكام الفقه الإسلامي أن هناك فارقًا بين المسجد المصلى أو الزاوية، فالمسجد له أحكامه الخاصة به، من عدم جواز تحويله عن المسجدية إلى أي غرض آخر، وعدم جواز دخول الحائض، ومشروعية تحية المسجد، وغير ذلك من الأحكام، بخلاف الزوايا والمصليات، فإنها لا تأخذ أحكام المساجد، ولا تصلي فيها الجمعة عن كثير من علماء الأمة ومذاهبها المتبوعة سلفًا وخلفًا، ولا يحرم التصرف فيها بما يحقق المصلحة. ولقد درج الأئمة على التفرقة بين المسجد والمصلى، وإن المسجد وقف لله تعالى لا يجوز تحويله عن مسجديته، بخلاف المصلى فإنه لا يأخذ حكم المسجد في ذلك، بل يجوز تغييره، وهذا هو المتعمد عن أصحاب المذاهب الفقهية المتبوعة، وهذه المصليات في الجامعة غاية ما يمكن أن تكون قد خصصت من قِبَل الإدارة للصلاة، فتأخذ بذلك حكم المصلى، وليس له حكم المسجد، لأنها أجزاء من المدينة الجامعية لم يقصد بها المسجدية عند بنائها ابتداءً. وقد ورد في الشرع الشريف الترغيب في الصلاة في المسجد الجامع، وجعلها سنة عظيمة الأجر، وباين بين أجر فاعلها، وبين أجر المصلي في المساجد غير الجامعة، فروى الطبراني في "المعجم الأوسط"، وأبو الشيخ بن حيان، والديلمي في "مسند الفردوس"، بسند فيه ضعف من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي- صل الله عليه وآله وسلم- قال: "الصلاة في المسجد الجامع تعدل الفريضة حجة مبرورة، والنافلة كحجة متقبلة، وفضلت الصلاة في المسجد الجامع على ما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة". ولا ريب أن على المسئولين أن يقفوا بحزم أمام مظاهر الضرار ومشاهد الفوضى المستشرية التي تسلط فيها غير المؤهلين على الإمامة والخطابة، وانتشرت بذلك مناهج التشدد وخطابات التكفير والتفسيق والتبديع التي تفرق صف الأمة وتضعف وحدتها، حتى ابتلى أبناء الوطن بالمتشددين الذين يضيقون عليهم معايشهم ويوقعونهم في الحرج والضيق بضحالة فكرهم، وبأهل الأهواء والبدع الذين يشغلونهم بما لا ينفعهم، ويشوشون عليهم بما لا ينفعهم بإلقاء الدروس الدينية من غير مراعاة للأنظمة وتوحيد الصفوف، وبأصحاب التكفير والضلال الموقظين للفتن والمحبين لمنهج الخوارج، وبالدعاة إلى انتمائات ضيقة وجماعات متفرقة تعكر الوحدة وتفرق الكلمة وهذا كله يستوجب تنظيم المساجد على نحو الذي ينأى بها عن تلك الأغراض الضيقة والتحزيات المتنازعة، عشائرية كانت أو طائفية أو فئوية أو حزبية، وهذا يتحقق بالضوابط التي تحد من تعددها لغير الحاجة، وتضمن عدم تسلط غير المؤهلين على الإمامة للصلاة وإلقاء خطب الجمعة. وبناءً على ما سبق وفي واقعة السوؤال، إنه يجوز لجامعة القاهرة إغلاق المصليات المنتشرة فيها، حثًا للطلاب على الصلاة في المسجد الجامع، وحضًا على المشي للمسجد وعمارته، وإغلاقًا لباب يستخدم فيه هذه المصليات المتناثرة في نشر الأفكار المتطرفة بين الطلاب والطالبات، وفي هذا تحقيق المقصود للشريعة الإسلامية من صلاة الجامعة في المسجد.