تاريخ العرض: 1979 إنتاج: التليفزيون المصرى إخراج: محمد فاضل تأليف: عبدالله فرغلى وعصام الجمبلاطى تمثيل: عبدالمنعم مدبولى، ويحيى الفخرانى، وصلاح السعدنى، وفاروق الفيشاوى، وزيزى مصطفى، وفاطمة مظهر، وآثار الحكيم، وفردوس عبدالحميد يملك الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولى وجها مثيرا للحب والعطف، وقدرة على إضحاك المشاهدين وإبكائهم بنفس القدر من البساطة والطبيعية. لا يعلم المرء كيف ظهر عبدالمنعم مدبولى وكيف كان في شبابه وكيف نما وتطور كممثل. كل ما نعرفه أننا كبرنا فوجدنا مدبولى يلعب دائما دور الأب أو الرجل الكبير سنا، وأنه مخرج صاحب مدرسة في المسرح الكوميدى تعرف باسمه «المدبوليزم»، وأنه حين انتقل من الكوميديا إلى الميلودراما والتراجيدى أحبه الناس ربما أكثر مما أحبوه في الكوميديا. ومن بين عشرات الأفلام والمسلسلات التي ظهر فيها عبدالمنعم مدبولى يظل دوره في مسلسل «أبنائى الأعزاء.. شكرا» هو الأكثر شعبية وارتباطا بمخيلة الناس، لدرجة أن اسم المسلسل تحول على ألسنة الناس إلى «بابا عبده»، ذلك الأب الطيب، المثالى من كل النواحى، العذب، الذي يضحى بكل شىء في سبيل أولاده، وهو أب عصرى متفتح، ملم بأصول التربية، لا يميز بين أبنائه الذكور والبنات ولا الكبار والصغار. إنه الصورة العكسية تماما لصورة الأب التي جسدها السيد أحمد عبدالجواد في ثلاثيته، والتي عبرت عن نموذج الأب في النصف الأول من القرن العشرين. السيد عبدالجواد كان تاجرا ثريا، أما «بابا عبده» فهو موظف حكومى سابق ينتمى إلى الطبقة الوسطى المتعلمة التي ازدهرت في الخمسينيات والستينيات، وكان كل هدفها تعليم أبنائها جيدا. بابا عبده، حين يضطر إلى ترك عمله لأسباب صحية وهو يقترب من سن المعاش، لديه خمسة أبناء، وهو إذ يضطر إلى التنقل بين بيوتهم يبدأ في التعرف على تفاصيل حياتهم لأول مرة. وبدلا من أن يجد الراحة من متاعبه يستغرق في محاولات حل مشكلات أبنائه التي لا تنتهى. بجانب عبدالمنعم مدبولى في دور الأب شارك في أدوار الأبناء عدد من الشباب الجدد الذين سيصبحون خلال سنوات قليلة من نجوم السينما والتليفزيون، منهم يحيى الفخرانى، فاروق الفيشاوى، صلاح السعدنى، وآثار الحكيم، بجانب أكثر من ثلاثين ممثلا، بعضهم كبار بحجم عبدالوارث عسر، وعبدالله فرغلى، وحسن عابدين، وشباب بقامة محمود الجندى ومشيرة إسماعيل وفاطمة مظهر، والأخيرتين من أجمل الوجوه التي ظهرت في التليفزيون، رغم حظهما القليل في السينما. استطاع المخرج محمد فاضل أن يصنع من كل هؤلاء فريقا متجانسا إلى أبعد حد، رغم المشكلات والصراعات التي تخوضها الشخصيات، إلا أن جو من الحب والألفة يظلل على الجميع، ورغم التباين الكبير بين الممثلين فإنك تشعر أيضا أن هناك حالة من التناغم تسود بينهم وتتخلل العمل كله.. لدرجة أن صورة العائلة التي تجمعهم على تترات المسلسل تعامل معها الناس كما لو كانت عائلة حقيقية، وبالفعل فقد التقى فريق الممثلين ومخرج العمل بعدها بسنوات طويلة ليلتقطوا معا صورة مشابهة، قبل رحيل «بابا عبده» بقليل. المسلسل لمس وترا شديد الحساسية لدى المصريين في تلك الفترة التي كان الانفتاح الاقتصادى قد بدأ في قلب الهرم الاجتماعى رأسا على عقب، ويعصف بكل القيم القديمة.. ومن المفارقات أن الرئيس أنور السادات، حسب الروايات المتداولة، أبدى إعجابه الشديد بالمسلسل، وشخصية «بابا عبده». عندما نتحدث عن العائلة المصرية على الشاشة، والحنين إلى آباء الستينيات والسبعينيات، لا بد أن يتذكر المرء مسلسل «بابا عبده».