مع قدوم شهر رمضان يختلف شكل الحياة حيث يحظى الشهر الكريم بطقوس خاصة للاحتفال به وتتخذ احتفالات الأقصريين بأيام وليالي شهر الصوم الفضيل – شأنهم كباقي المصريين - أشكالا عدة على جميع المستويات كالحرص على شراء وجبة الفول والذي لا تكاد تخلو مائدة رمضانية منه ويعد أهم ما يميز الأجواء الرمضانية كل عام. حيث يأتي طبق "الفول المدمس" على رأس تلك الطقوس والمظاهر التي اعتاد عليها الأقصريين وهو من الأكلات الشعبية التي عرفها المصريون منذ آلاف السنين أُطلِق علية لقب "لحمة الفقراء" لأنه يحتوي على نسبة عالية من البروتين وإذا حاولت أن تبحث عن معنى كلمة "مدمس" تجد أنها كلمة قبطية تعني كل ما يتم طبخه من الأرض. وفي أزقة شوارع مدينة إسنا جنوبالأقصر، يتواجد "عم جمال" صاحب أشهر قدرة "فول " وهو بحسب ما وصفه الإسناويين صاحب أجمل طعم ومذاق للفول لذلك تجد قدرته دائما محاطة بالزبائن من المسلمين والأقباط لبيع أشهر الأطباق المصرية في رمضان والوجبة الأساسية في السحور وأحيانا كثيرة على مائدة الإفطار. وحكى عم جمال، صاحب قدرة فول في شارع أحمد عرابي بإسنا عن مدى ارتباطه الشديد بعربة الفول وأنه ورث تلك المهنة من الجدود معبرًا عن مدى سعادته بقدوم الشهر الكريم لأن إقبال المواطنين يزيد لشراء الفول للسحور مقارنة بالأيام العادية قائلا" أنه في شهر رمضان يختلف بيع "الفول" عن أي شهر آخر لأنه يُدِر علينا ربحا كثيرا ويكون الربح بمثابة 5 أضعاف الشهر العادي. وأضاف عم جمال: لا يوجد بيت في مصر يستطيع أن يستغني عن طبق الفول في شهر رمضان خصوصًا في وجبة السحور لأنه يحتوى على مزايا غذائية تجعل الصائم يقدر على احتمال الجوع بقية اليوم مضيفا "الفول بيمسك البطن ومبيحسسش بالجوع أي طعام آخر بيحسسني بالعطش، عدا الفول المدمس". وتابع "عم جمال" أنه مع اقتراب آذان المغرب أحضر قدرة الفول الأولى في الشارع وأقوم بتجهيز الأكياس للراغبين في الشراء لتناول الفول في الإفطار وببيع الكيس بجنيه، وأكبر كيس بخمسة جنيه، ولما بتخلص القدرة الأولى برجع تاني بعد صلاة التراويح لأن الناس بييجوا يشتروا الفول عشان السحور. ويستمر "عم جمال" على هذا المنوال طوال أيام شهر رمضان المبارك دون كلل أو ملل حتى اعتبره الكثير من مواطني إسنا جنوبالأقصر سمة مميزة للشهر الفضيل.