الإرهاب «ظاهرة أمريكية إسرائيلية» واضحة البصمات.. والتشدد نابع من «التفاقم الطائفى» فكر «داعش» متجذر في بلادنا بكل قوة.. ونؤيد حق الشعب السورى في إسقاط بشار الأسد العراق في أسوأ حالاته والقادم أشد ظلمًا ولن يسلم أحد من العنف لا أتشاور مع إيران.. وتركيا لا تعادى الإرهابيين ميليشيات الحشد الشعبى «طائفية وهمجية ووقحة» وتسىء للجهاد الشعب العراقى في محنة وليس السنة فقط هو رجل دين شيعى، يتزعم «التيار الصدرى»، وقوات «جيش المهدى»، ويعد من الشخصيات الأكثر تأثيرًا اليوم في العراق، ومن المتوقع أن يلعب دورًا رئيسيًا في الصراع «السنّى الشيعى» في الشرق الأوسط. وُلد مقتدى الصدر عام 1973 في مدينة النجف الشيعية جنوب وسط العراق، وهو سليل أسرة اضطُهدت من قبل نظام صدام حسين، فقد قُتل والده، آية الله محمد صديق الصدر، وزوج والدته آية الله محمد باقر الصدر، بسبب خوف «صدام» من تأثيرهما الكبير على السكان الشيعة في العراق. وفى أعقاب الغزو الأمريكى عام 2003 ازدادت شعبية مقتدى الصدر، حيث شكل ميليشيا «جيش المهدى» لمواجهة الاحتلال الأمريكى، وشكل رقمًا صعبًا في المعادلة العراقية مؤخرًا بعد إعلان الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابى. ■ ما تقييمك للوضع في العراق الآن؟ - الوضع ليس في أسوأ حالاته فالقادم أشد ظلامًا. ■ ما دور التيار الصدرى على الساحة السياسية في العراق؟ - العراق كله في دوامة عنف لم يسلم منها أحد، لكن لا ينبغى أن يكون ذلك هو الطابع الأبدى، بل يجب أن يكون حتى عنفنا من أجل السلم إذا جاز التعبير، بمعنى أن جهادنا من أجل السلام، والأمان، والاستقرار، والاستقلال. ■ كيف ترى الخريطة السياسية في العراق؟ - التغيرات السياسية مرتبطة بالتغيرات الأمنية، فمن سينتصر في النزاع القائم الآن سيحاول السيطرة على الوضع السياسي برمته. ■ ما موقف التيار من الانتخابات العراقية المقبلة سواء المحلية أو البرلمانية العامة؟ - نجيب عن ذلك لاحقا. ■ لماذا ترفضون مشاركة رجال الدين من التيار الصدرى في الانتخابات؟ - حفاظا على سمعة الدين وطلبته وسمعة الحوزة وطلبتها، وثانيا لا يجب أن ينصهر «الجانب الحوزوى» في السياسة. ■ ماذا عن علاقة التيار الصدرى مع الأطراف السنّية والكردية والمدنية؟ - كل صديق للعراق هو صديق لنا وشريك ومحترم، ولو كنت أفضل أن يكون السؤال معكوسًا: ما علاقتهم بالتيار؟ ■ وبالنسبة إلى حكومة العبادى التي خلفت حكومة أنور المالكى؟ - الحكومة الحالية مرضية، لكن المشكلة أنها ورثت أخطاء السابق الذي أوصل العراق إلى ما هو عليه الآن. ■ ما شكل التعاون الممكن في هذا الصدد مع الحكومة العراقية، خاصة في ظل حالة الفراغ ما بين الحكومة والشعب والحوزة؟ - هناك غموض في السؤال، لكن سأجيب على ما فهمت منه: كل تعاون ممكن وعلى جميع الأصعدة إذا توفرت شروط مهمه وهى: الثقة، وتغليب الصالح العام، ونسيان الماضى. ■ كيف ترى انتشار المجموعات الإرهابية في العراق؟ - الإرهاب ظاهرة أمريكية إسرائيلية واضحة البصمات، لا سيما مع ما نسمع من سكوت بل ودعم طائرات التحالف الدولى ل«الدواعش». ■ إذا تحدثنا عن تنظيم «داعش» داخل العراق.. ما العوامل التي تسببت في توسع قوة التنظيم داخل بلادكم إلى هذه الدرجة؟ - «داعش» ليس وليد اليوم بل هو وليد سنوات طوال من «التفاقم الطائفى»، وهو تنظيم ينشط في الأماكن التي يكثر بها المذهب الشيعى حيث جعل الشيعة العدو الأول والأخير، تاركًا المحتل اليهودى في القدس، والمحتل الأمريكى في بلاد المسلمين لتصبح أمريكا أكثر أمنا. ■ هل تتوقع استمرار هذه الظاهرة في العراق؟ - من الصعب استئصالها، وخصوصا أنها صارت فكرا متجذرا عند الكثير، لا سيما من سنة العراق الذين وقعوا بين سندان الحكومة السابقة ومطرقة العنف، واستئصال الإرهاب لا يكون بالحرب فقط، بل بالتثقيف، والسياسة، والحكمة، وهذا مفقود الآن. ■ كيف ترى وضع تنظيم «القاعدة» حاليا؟ - مشتت ومتفكك وقد هيمنت عليه القوى الأخرى مثل «داعش»، لكنه مع ذلك استطاع فرض نفوذه في بعض المناطق لما له من قاعدة خصبة مع شديد الأسف. ■ تحدثت عن المواجهة الثقافية مع الإرهاب.. هل الحوزات العلمية في العراق قادرة على قيادة مشروع ثقافى اجتماعى؟ - في هذا الظرف قد يكون عسيرًا، أما لو ثنيت لها الوسادة وعم الأمن والأمان ووفرت لقمة العيش ومتطلباته للشعب فنعم. ■ في خضم المواجهة مع تنظيم «داعش».. ميليشيات «الحشد الشعبى» لماذا رفضتم تشكيلها؟ - أنا أرفض كل تصرف طائفى همجى يسيء للجهاد والمجاهدين، فلا بد أن تختلف أخلاقنا وتصرفاتنا عن الإرهاب والتشدد، وأن يكون جهادنا ضد الإرهابيين كجهاد الحسين ضد فسطاط الباطل لا العكس، ويجب إبعاد الجهاد عن السياسة وجعله وطنيا محضا. ■ كيف ترى الاتفاقية الأمنية التي وقعتها الحكومة العراقية مع الولايات المتحدة؟ - أي اتفاقية مع المحتل مرفوضة وتعتبر شرعنة للاحتلال. ■ من وجهة نظرك.. ما شكل العلاقة المناسب بين بغداد وواشنطن؟ - الإجابة عن هذا السؤال لا تكون إلا بعد خروج الاحتلال من العراق كليا. ■ لكن البعض يتخوف من عدم قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الأوضاع في العراق حال إلغاء الاتفاقية الأمنية.. ما تعليقك؟ - هذا من بقايا الاحتلال الذي نطالب بإنهائه فورًا. ■ في ظل حالة الصراع الدائر في العراق الآن.. هل ترى أن الشعب العراقى يميل إلى ثقافة السلمْ أم أن الواقع يظهر خلاف ذلك؟ - الطابع العام حاليا هو العنف والطائفية، وهذا بسبب وجود الاحتلال وشذاذ الأفاق (داعش) و(الميليشيات الوقحة). ■ هل التيار الصدرى موجود بشكل فاعل في الجيش وفى الداخلية أم أنه عرضة للإقصاء حاليا كما كان من قبل؟ - السياسة الغالبة في العراق هي الإقصاء إلا أن حجم التيار عددًا أعطاه الفرصة للتواجد. ■ هل من مصلحة الشيعة في العراق السيطرة على الحكم وإقصاء السنة؟ - قاعدتنا أن العراق للجميع كل بحسبه، كما تقتضى القواعد العامة للديمقراطية، وتهميش أي طرف عراقى ممنوع عندنا وممقوت، وكل ما يحدث الآن فهو بسبب التهميش والإقصاء الذي كان نهجا للحكومة السابقة. ■ سبق أن أطلقت مصطلح «محنة السنّة العرب» في العراق.. لماذا ترى أن هناك محنة للسنة في العراق؟ - الشعب كله في محنة إلا أن الحكم عقيم كما يعبرون، ونسأل الله أن يبعد الحكومة الجديدة عن مثل هذه الأمور. ■ كيف ترى وضع إقليم كردستان والتوسع الواضح في نفوذ الإقليم بعد تصديه ل«داعش»؟ - إنها مسألة دفاعية مؤقتة إن شاء الله. ■ هل حزب البعث موجود عمليًا في العراق؟ - نعم هو موجود ببركة تصرفات الحكومة السابقة وازدياد نفوذ «داعش». ■ قلت في إحدى الخطب «لو توحدنا لاستطعنا أن نهزم إسرائيل بنفخة واحدة».. هل ترى أن هذا ممكن الآن؟ - نعم، لكن المشكلة أننا تشتتنا أكثر. ■ كيف ترى علاقة العراق مع الغرب؟ - قد طغت عليها علاقة العراقبأمريكا وضاعت باقى العلاقات تقريبا، ولاسيما روسياوالصين، التي قد لا تعتبر مقربة من أمريكا، وأنا أدعو الحكومة للانفتاح أكثر لا بالزيارات فقط بل الأعم من ذلك. أنا لا أصب اللوم على العراق فقط، فتلك الدول، مثل الصينوروسيا، نأت بنفسها عن الوضع في العراق، وهذا إن كان مفيدًا من بعض الجهات لعدم التدخل بالشأن الداخلى إلا أنه لا ينبغى أن يغيب تماما. ■ ما شكل علاقتكم مع «الحوزة الإيرانية» في «قم»؟ - أحاول أن أوصل لها النظرة الواقعية عن الوضع العراقى لما لها من ترابط تاريخى وعقائدى ليس إلا. ■ كيف ترى الدور الإيرانى في العراق خاصة في ظل توجيه الاتهام من جانبهم لكم بعدم استشارتهم في قضايا العراق؟ - أنا أحاول في جميع علاقاتى أن أبقى على استقلاليتى التي أعتبرها ثابتة من ثوابتى، ولذلك فإننى قد أبتعد عن مشاوراتهم في أغلب الأحيان لا دائمًا، متمنيًا منهم استشارتنا بما أقدموا أو يقدمون عليه في المستقبل بما يخص العراق والعراقيين لا العكس. ■ كيف ترى دور قاسم سليمانى قائد فيلق القدس في العراق؟ - رغم أنه لم يطلعنى على دوره في العراق إلا أننى أجده إلى الآن يحاول مساعدة العراقيين في محنتهم. ■ ماذا عن علاقة العراق مع تركيا؟ - أتصور أن هناك بابا لتحسين العلاقات مع الحكومة الجديدة، لكن أطلب من تركيا أن تجعل الفصائل المتشددة عدوها كما هي عدونا. ■ كيف ترى منظومة العلاقات العربية العربية؟ - في أسوأ حالاتها، وكل غارق في مشكلاته الداخلية. ■ ما موقف التيار من الشأن السوري؟ - هو شأن داخلى، وأنا متعاطف مع الشعوب - ما دامت تبتعد عن العنف - في إسقاط حكوماتها التي تعتبرها ظالمة، وفى نفس الوقت قلبى يحترق على الجارة العزيزة سورية لما وصل الأمر فيها من حرب وإراقة دماء وتصارع دموى، علما أن انتهاء أزمتها انتهاء لكثير من الأزمات التي ترتبت عليها كالأزمة البحرينية واليمنية والعراقية. ■ هناك اتهامات للتيار الصدرى بإرسال مقاتلين إلى سوريا؟ - لم أرسل أحدا على الإطلاق. ■ هل هناك علاقة للتيار مع الائتلاف الوطنى السورى أو مع «جبهة النصرة» جناح «القاعدة» في سوريا؟ - كلا، فهم منغلقون لا أظن أنهم يحبذون الحوار معنا ونحن من (الشيعة). ■ كيف ترى موقف «حزب الله» اللبنانى من الأزمة في سورية وهل حصل حوار شيعى - شيعى في شأن هذا الموضوع؟ - كلا، لهم رأيهم ولى رأيى. ■ هل تمارس ضغوط على التيار الصدرى من قوى داخلية أو خارجية؟ - بأى شأن؟.. عمومًا نحن لسنا ممن يهاب الضغوط فنحن نفعل ما نراه في صالح العراق والوضع عمومًا. ■ كيف ترى الأوضاع في مصر حاليًا؟ - مصر مثال رائع للصمود أمام الديكتاتور، وكذلك أمام التشدد، وأنا أتعاطف مع الشعب المصرى الذي يعيش في صراع أمنى وخدمى مرير يحتاج معه لوقفة جادة لإنهاء معاناته فهو يستحق الحياة. ■ هل من الممكن أن تقوم بزيارة إلى مصر؟ - حاولت ذلك فعلا. ■ سبق أن أعلنت أنك قرأت رواية «عزازيل» للكاتب المصرى يوسف زيدان.. كيف ترى الثقافة المصرية؟ - نعم قرأتها وهى رواية تحاول الوصول لقلب القارئ بطرق قد تكون انفعالية وغير مدروسة. الثقافة المصرية ذات تاريخ زاخر ومهم ويجب السعى لاستمرار ذلك على الرغم من الصعوبات التي تعترضها وأولها الابتعاد عن الثقافة الشرقية والإسلامية بعض الشيء، كما هو الغالب في الكثير من الدول العربية. ■ أخيرًا.. كيف ترى مستقبل العراق؟ - لا يتجه إلى الطائفية بل هو في آتونها وقد أحرقته أو أغلبه. رأى رجل الدين العراقى زعيم التيار الصدرى (تيار سياسي دينى)، مقتدى الصدر، إن الوضع في بلاده يمر ب«أسوأ حالاته الآن»، إذ يغرق العراق في دوامة عنف لم يسلم منها أحد، ولا يتجه إلى الطائفية بل هو في آتونها، وقد أحرقته، مشيرًا إلى أن انتشار المجموعات الإرهابية في بغداد «ليس وليد اليوم، بل وليد سنوات طوال من التفاقم الطائفى». واعتبر «الصدر»، في حوار خاص مع «البوابة»، عبر الهاتف، أن تنظيم «داعش» الإرهابى هو «ظاهرة أمريكية إسرائيلية واضحة البصمات»، لافتًا إلى أنه ينشط في الأماكن التي يكثر بها المذهب الشيعى حيث جعل الشيعة العدو الأول والأخير، تاركًا المحتل اليهودى في القدس، والمحتل الأمريكى في بلاد المسلمين لتصبح أمريكا أكثر أمنًا. النسخة الورقية