وقع صباح اليوم الأربعاء حادث إرهابي أمام معبد الكرنك، لم يسفر عن وقوع ضحايا سواء من المصريين أو الاجانب، حيث نجحت الشرطة في التعامل مع ثلاثة إرهابيين بعد اشتباه قوات الأمن المنوطة بحراسة المنطقة بهم، قبل دخولهم المعبد، مما أسفر عنه انفجار الحزام الناسف الذي كان يرتديه الإرهابي الأول أثناء محاولة هروبه ووفاة آخر نتيجة إصابته، أما الثالث فحالته حرجة اثر إصابته. ويعتبر الكرنك من أعظم معابد الدنيا! وكيف لا يكون كذلك وأعمال التشييد فيه لم تنقطع على مدى أكثر من ألفى سنة! إنه موقع متشعب ومعقد، وبه ثروة أثرية كبيرة، وبدء إنشاء المعبد أيام الدولة الوسطى (نحو سنة 2000 ق.م)، ولم يكن المعبد وقتها على هذا المستوى من الفخامة. وفى عهد الدولة الحديثة التي ينتمى إليها الملك "توت عنخ آمون" والملك "رمسيس الثانى"، أقيم على أنقاض هذا المعبد، معبد فخم يليق بعظمة الإمبراطورية المصرية. وكان كل ملك يُضيف جديدًا إلى المعبد، وذلك تقربًا إلى الآلهة، ورغبة في الخلود، والحصول على شهرة كبيرة عند أفراد الشعب. ويعتبر معبد الكرنك من علامات الأقصر في مصر المميزة، واعظم المعابد التي شيدها ملوك مصر، حيث كان كل ملك من الملوك المتعاقبين يحاول جعل معبده الأكثر روعة، ليتميز به عن سلفه، لذلك تحولت معابد الكرنك إلى دليل كامل وتشكيلة تظهر مراحل تطور الفنّ المصري القديم والهندسة المعمارية الفرعونية المميزة. وتعتبر معابد الكرنك بمثابة سجل تاريخي حافل لتاريخ وحضارة مصر ابتداء من الدولة الوسطى حتى حكم البطالمة لمصر. فقد قام ملوكهم بتشييد المقاصير والبوابات في حرم الكرنك وذلك تمشيا مع سياستهم المعهودة لأرضاء آلهة وكهنة مصر. فأصبحت آثار الكرنك تعطينا صورة واضحة لتاريخ مصر في نهضتها وفى كبوتها لفترة تصل إلى الفى عام تبدأ من الدولة الوسطى. اطلق المصريون على معبد الكرنك ابتداء من عهد سنوسرت الأول على الأقل اسم "ابت سوت". فقد ذكر هذا الاسم على مقصورته البيضاء المقابلة داخل حرم الكرنك و"ابت سوت قد تعنى البقعة المختارة لعروش الالهة". والواقع أن هذه التسمية تقتصر على جزء من المعبد فقط، وهو الذي يمتد من الصرح الرابع حتى صالة "الاخ منو" وهى المنطقة المقدسة منذ بداية الاسرة الثامنة عشرة حتى عهد امنحوتب الرابع. اما الاسم الذي كان يطلق على معبد الكرنك قبل عهد سنوسرت الأول فكان اغلب الظن "بر امون" أي منزل امون وقد ذكر على لوحة ترجع إلى ما قبل عهد انتف الثانى من ملوك الاسره الحادية عشرة. اما في فترة حكم البطالمة لمصر فقد اطلق على معبد الكرنك اسم "بت حر سا تا" أي السماء فوق الارض. واختلفت الأراء بخصوص الاسم العربي للمعبد وهو الكرنك، فيرى البعض أن كلمة الكرنك عربية لم تعد تستخدم الآن في الصعيد، ولكنها مازالت تستخدم في السودان ويعنى "قرية محصنة" وقد ينطبق هذا على معبد الكرنك فهو يبدو للناظر بسوره الضخم "كقرية محصنة" إلا أن البعض يرى أن كلمة الكرنك اتت من كلمة "الخورنق" (وهو مكان بالعراق قرب النجف كان النعمان بن المنزر كان قد شيد فيه قصرا) وصرفت الكلمة بعد ذلك في كتب العلماء الأوربيين إلى "كرنك"، وهناك رأى الدكتور أحمد فخرى يرى فيه اسم الكرنك يرجع إلى اسم القرية القريبة من المعبد والمعروفة بنفس الاسم. يبدأ المعبد بمرسي عمل خصيصا للإله آمون وكان يستخدمه عندما كان يخرج من معبده في الكرنك لزيارة معبد الأقصر أو الحريم الجنوبي وذلك بمناسبة الاحتفال بعيد "الأوبت"، وكان يبحر من المرسي العام امام المعبد في مركبه المقدس "اوسرحات" المصنوعه من خشب الارز المطعم بالذهب في موكب ضخم بين ابتهالات الشعب حتى يصل إلى معبد الأقصر. ثم يأتي طريق الكباش، وهو طريق بين صفين من التماثيل يتكون كل منهما من رأس كبش وجسم اسد وطوله 52 مترا وعرضه 13، 1 مترا ويبتعد عن الصرح الأول بمسافة 20 مترا وكان يطلق عليه باللغة المصرية القديمة "تا ميت رهنت" أي طريق الكباش وكان المصري القديم يعتقد أن الكباش تحمى المعبد ومداخلة، وقد شكلت تماثيله على هيئة الكباش لأن الكبش اعتبر مظهر من مظاهر الإله آمون رع وهى موضوعة على قاعده مرتفعة تحت رأس كل كبش تمثال ملكى على اعتبار أن الاله امون في صورة كبش يحمى الملك. ثم يأتي معبد رمسيس الثالث الذي يقع في الجهة الجنوبية من الفناء، شيده الملك رمسيس الثاني لاستراحة الزوارق المقدسة وهو بطول 52 مترًا، يتصدره صرح يتقدمه تمثالان للملك، ويلي الصرح فناءٌ مستطيل مكشوف على جانبيه صفان من ستة عشر عمودًا ثمانيةٌ على كل جانب وأمام كل عمود تمثال للملك. وصاله هذه الأعمدة تعد أكبر صالة أعمدة في العالم فتبلغ مساحتها ستة آلاف متر مربع، يؤدي اليها مدخل أعاد بناؤه بطليموس الثالث والرابع، وهذه الصالة هي أعظم ما شيد من مبان دينية اذ يحمل سقفها 134 عمودا من الحجر الرملي في ستة عشر صفًا. وبالوسط صفان من اثني عشر عمودًا اسطواني الشكل بتاج على شكل زهرة البرديِّ المتفتحة، وارتفاع العمود 22.40 مترا، أما الأعمدة الجانبية وعددها 122 عمودًا في اربعة عشر صفا فتيجانها مثل براعم البردي وارتفاع كل منها 14.75 مترًا. أما قدس الأقداس قام تحتمس الثالث بفك مقصورة حتشبسوت وشيّد مكانها مقصورة له في صالة الحوليَّات الثانية ولكنها تهدمت. وبهو الاحتفالات وهو فريد في عمارته فهو يمثل الخيمة الملكية التي كانت تنصب في الحروب. طوله 43.2 مترًا، وعرضه 15.6 مترًا يتوسطه صفان من الأعمدة المستديرة العالية بكل صف عشرة أعمدة بتاج يشبه الناقوس فَتحتُهُ من أسفل، ومدور في أعلاه وعلى جوانت البهو 32 عمودًا. ثم حديقة آمون وهي عبارة عن بهو مستطيل يحمل سقفه أربعة أعمدة بردية مضلعة في صف واحد وقد سجل على جدرانها كل أنواع النباتات الغريبة وكل أنواع الزهور الجميلة التي جلبها"آتون". ثم تاتي البحيرة المقدسة الذي أنشأها تحتمس الثالث بطول 80 مترًا وعرض 40 مترًا وكان يحيط بها سورٌ. ويوجد على جانبيها الشمالي والجنوبي مَقاسٌ للنيل، له مدخلان أحدهما من الجهة الشرقية، والثاني من الناحية الغربية بكل منها سلالم حجرية. ومعبد الإله موت أنشأه أمنحتب الثالث ثم أضاف إليه بعض الملوك حتى العصر البلطمي. وهو يضم معبدين أحدهما في الزاوية الشمالية الشرقية من السور مكرس للإله "خنسو باغرز" ويرجع إلى الأسرة الثامنة عشرة، ثم رممه نقطانبو من الأسرة الثلاثين وبه أضافات من العصر البطلمي، والثاني من الزاوية الجنوبية ويرجع إلى عصر رمسيس الثالث. كما يضم معبد مونتو وهذا الموقع مكرس لابن موت أمون-رع، مونتو، إله الحرب في ثالوث طيبة. يقع الموقع بالقرب من شمال مجمع أمون-رع ويشغل مساحة أصغر. وهو غير مفتوح للعامة. ومعبد الإلهة إيپت الذي أنشأه بطليموس الثامن "يورجيتس الثاني"، وساهم فيه ملوك البطالمة وهو يقع إلى الغرب من معبد "خنسو" وكرّس للإلهة إيپت على شكل فرس النهر وكان يتقدمه صرح ثم رواقان وصاله بها عمودان وحجرة في قدس الأقداس الذي به قبو "اوزوربس" ويحيط بقدس الأقداس بعض الحجرات. اما المتحف المفتوح يقع شمال المعبد الرئيسي ويؤدي اليه باب شمال فناء البوبسطيين وآخر في وسط الجدار الشمالي في صاله الأعمدة الكبرى ومعروض به أحجار المقصورة الحمراء للملكة حتشبسوت تبلغ نحو ثلثي أحجار المقصورة ويبلغ عددها 300 قعطة.