دعا الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية السفير محمد الربيع إلى ضرورة استمرار جهود البناء والتنمية الاقتصادية باعتبارها عوامل هامة لمحاربة التطرف الديني في المنطقة العربية . وقال السفير الربيع ، في كلمته اليوم الخميس أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الوزارية المائة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية برئاسة العراق، " إن الوقت الراهن هو الأفضل لتكاتف شعوب الأمة العربية لإزالة كابوس التطرف الديني ،وإستمرار جهود البناء والتنمية الاقتصادية بإعتبارها عوامل هامة لمحاربة هذا التطرف الذي يحقق المكاسب في ظل إنتشار الفقر وغياب العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية الاقتصادية السريعة والشاملة". وأضاف الربيع أن توابع ثورات الربيع العربي لازالت تلقي بظلالها الكثيفة على الأحوال السياسية والاقتصادية في معظم بلدان المنطقة العربية "، مشيرا إلى أنه قد زاد من حدة المشكلة زحف جماعات المتطرفين على عدد من دول المنطقة تعيث فيها فسادا وتبتعد بها عن مسارات التنمية الاقتصادية في ضوء الإهدار الحادث في الموارد الإقتصادية لهذه الدول وتوجيهها للإنفاق على العمليات الحربية بدلا من توجيهها للتنمية الإقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإنتشال مجتمعاتنا من دوائر الفقر والمرض والتخلف. وأعرب الربيع عن أسفه في أن الدعوات المتواصلة لعودة رؤوس الأموال العربية المهاجرة للإستثمار داخل الوطن العربي لم تحقق أهدافها ، مؤكدا ضرورة عودة تلك الأموال العربية بدلا من تركها بلا عوائد ومعرضة للتآكل والضياع في البلدان الغربية التي تمر بفترات ركود وكساد منذ عام 2008 وحتى الآن. وقال الربيع إن في عودة هذه الاستثمارات إلى وطنها العربي مكاسب شتى للدول المستثمرة والدول المتلقية لهذه الاستثمارات وزيادة في تحقيق الأمان لهذه الأموال وعوائد إجتماعية طيبة شتى تعود على مواطني الدول العربية جميعا وتقرب بين شعوبها وترفع من مستويات المعيشة وبالتالي تنعكس على المزيد من المطالب الاقتصادية لهذه الشعوب وما يتبع ذلك من إقامة المشروعات الإنتاجية والخدمية اللازمة لتلبية هذه المطالب. وأكد الربيع أن عالمنا العربي في المرحلة الراهنة أحوج ما يكون لرفع معدلات النمو فيه وزيادة وتنويع الانتاج مع رفع القدرة التنافسية للمنتجات العربية، وذلك للتغلب على المشكلات التي تعاني منها الاقتصادات العربية، ولعل أهمها هى ارتفاع معدلات البطالة وإنتشار ظاهرة الفقر وظاهرة الجوع وانعدام الأمن الغذائي التي تعد مصدر لعدم الإستقرار الإجتماعي والسياسي. وشدد على أن رفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الانتاج وتنوعه لا تتحقق عن طريق الجهود القطرية وحدها ولابد من تعاون وتكامل اقتصادي بين الاقطار العربية. وأكد الربيع أن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية يسعى جاهدا لتفعيل دوره في تحقيق التنمية العربية المنشودة سواء بشكل مباشر أو عن طريق الإتحادات العربية النوعية المتخصصة والشركات التابعة لها، وتأسيس الشركات العربية المشتركة التي يقوم القطاع الخاص بدور فاعل فيها. وشدد الربيع على أن الأمانة العامة للمجلس لا تألوا جهدا في سبيل دراسة وتنفيذ كل ما من شأنه تفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك وصولا لتحقيق التنمية الاقتصادية العربية والتكامل الاقتصادي العربي، كما تتابع الأمانة العامة للمجلس وتشارك في استكمال جهود جامعة الدول العربية لإقامة الإتحاد الجمركي العربي تمهيدا لإقامة السوق العربية المشتركة، ووضع قواعد المنشأ العربية الموحدة، واستكمال تحرير التجارة في الخدمات العربية. وقال الربيع: إن المؤشرات تشير إلى تواضع الأداء الاقتصادي العربي خلال النصف الثاني من العام 2014، وعدم حدوث تحسن كبير فيه بالمقارنة بالعام السابق 2013 اذ يقدر معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية بنحو 3.7 في المائة في العام 2014 مقارناً بمعدل نمو نحو4.2 % في المائة في عام 2013. وأضاف الربيع إنه من المتوقع أن تتراجع معدل النمو إلى نحو 3% عام 2015 ، كما تشير التقديرات الدولية إلى أن المنطقةالعربية بحاجة الى رفع معدلات النمو الى ما يتراوح بين 5-6% سنوياً لتوفير قدر كاف من فرص العمل (4-5 ملايين فرصة عمل سنوياً) لحفض معدلات البطالة بمعدل ملموس بحلول عام 2020. وعزا الربيع الضعف في الاداء الاقتصادي الى استمرار التداعيات الناتجة عن التحولات السياسية التي تمر بها بعض دول المنطقة العربية منذ عام 2011 والإنخفاض في انهيار اسعار النفط العالمية في النصف الثاني من العام 2014 وما نتج عن ذلك من تراجع عائدات الدول المصدرة للنفط والتي تسهم بالنصيب الأكبر في الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية ولا زالت اسعار النفط منخفضة ويصعب حالياً التنبؤ بتطوراتها المستقبلية، إلى جانب التباطؤ في معدلات نمو الطلب العالمي الذي يؤثر ويتأثر بالتقلبات في الاسعار العالمية للنفط. ولفت إلى تباطؤ وتيرة تنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية المهمة مما يحد من قدرة هذه الدول على رفع مستويات الناتج الممكن الوصول اليه، مشيرا إلى أن العوامل الاقتصادية والسياسية تؤثر على قدرة البلدان العربية على استعادة موازناتها الاقتصادية والداخلية والخارجية تحول دون تحقيق النمو الشامل. وأكد الربيع ضرورة إجراء الدراسات وبحث المقترحات لإقامة الهياكل التنظيمية والمؤسسية التي تنبثق عن افكار ووجهات نظر جديدة من شأنها أن تسهل أو تمهد لتحقيق التعاون والتكامل الاقتصادي العربي. وأشار إلى أنه من بين الدراسات المعروضة على المجلس في دورته الحالية دراسات حول المشروعات العربية كمدخل مناسب للتكامل الاقتصادي العربي في قطاعات صناعية وخدمية مختلفة تتمثل في الصناعات النسجية العربية (الواقع والآفاق) وسبل تعزيز القدرة التنافسية والميزة التنافسية للصناعات الجلدية في الدول العربية وآلية تفعيلها إلى جانب دراسة حول تكامل الاسمدة في الوطن العربي وأخرى حول النهوض بالخدمات اللوجستية في مجال النقل البحري والبري في الدول العربية. وأوضح أن موضوعات هذه الدراسات تم اختيارها لأهميتها في الاقتصاد العربي ودورها المدعم للهيكل الانتاجي علاوة على امتلاك الدول العربية لإمكانيات كبيرة للتوسع فيها بالاضافة الى اعداد تقرير حول الأداء الاقتصادي لدول مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ، مشيرا إلى أن الاجراءات التنظيمية والمؤسسية المقترحة تمشل مشروع إعتماد توحيد المواصفات العربية اعتمادا على المواصفات العالمية وتوحيد المسميات والرقم الجمركي عند المنافذ الجمركية وإصدار علامة الجودة العربية وتوصيات بشأن تفعيل دور الاتحادات العربية المتخصصة في النهوض بالعمل العربي المشترك ووضع إستراتيجية جديدة لتفعيل دورها في تحقيق التكامل الإقتصادي العربي والنهوض بالعمل العربي المشترك الى جانب الاستمرار في النهج المتبع من جانب الامانة العامة والمتمثل في دعم ومساندة إنشاء شركات عربية مشتركة لتنفيذ مشروعات معينة تهم الدول العربية وتحقق الاستفادة لها. وأكد الربيع أن المشروعات المشتركة تمثل أحد أساليب تحقيق التكامل الاقتصادي المناسبة للدول العربية في المرحلة الراهنة. ومن جانبه ، أكد الوكيل الاقتصادي لوزارة التجارة العراقية محمد حسن سعيد ، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس ، أن العمل الاقتصادي العربي المشترك يدور في ظل ظروف دولية وإقليمية دقيقة، من تجلياتها نظام عالمي يسوده الترابط والاندماج بين دول وشعوب العالم واقتصاد عالمي يتعرض بين الحين والآخر إلى أزمات وهزات باتت ملازمة للنظام الاقتصادي العالمي ، وفجوة واسعة بين منظومة دول صناعية متقدمة ، في نطاقها منظومتنا العربية. وقال سعيد إن" كل هذه الأمور تجعلنا كدول عربية بأمّس الحاجة إلى تضافر الجهود باتجاه تعزيز العمل الاقتصادي العربي المشترك وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي لاستيعاب التحديات التي تفرزها هذه الظروف". ودعا مؤسسات العمل العربي المشترك ومنها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية إلى مراجعة شاملة لآليات عملها بحيث تتواءم والواقع الحالي للعمل الاقتصادي العربي المشترك. وأكد حرص العراق على أن يكون له إسهام واضح في تفعيل وتنشيط العمل العربي المشترك من خلال مصادقته على اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية واتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية والتزامه بتسديد مساهماته في مؤسسات العمل العربي . ومن ناحيته ، دعا سفير الصومال لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية السفير عبد الله حسن ، الذي ترأست بلاده الدورة السابقة للمجلس ، إلى ضرورة دعم جهود مجلس الوحدة الاقتصادية العربية وأمينه العام محمد الربيع لتفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك . وقال السفير حسن " إن الأمة العربية خُلقت لتبقى ، وذلك رغم المشكلات والأزمات التي تشهدها العديد من الدول العربية في سورياوالعراق واليمن وليبيا "، مشيرا إلى أن الأزمات التي يمر بها العالم العربي مرت بها أمم كثيرة "ولكن يجب ألا نعلق مشاكلنا على الآخرين". وأضاف " لا توجد اليوم دولة عربية ليست متألمة لما يجري في ليبيا والعراقوسوريا واليمن ،وكلنا مشغولون بأمتنا العربية"، مشيرا إلى أن مايشهده العالم العربي فيما يعرف ب"الربيع العربي" أصبح الآن خريفا أو شتاء عربيا. ولفت إلى أن اليمنيين سيذهبون إلى جنيف برعاية الأممالمتحدة وسوف تعقد جولات الحوار الوطني ونأمل تشكيل حكومة وحدة وطنية لعودة الاستقرار في اليمن . وقال السفير عبد الله حسن " نحن في الصومال عانينا لمدة ثلاثين عاما من مشكلات كثيرة ،ولكننا بدأنا الآن نعود والتدريج للوجود مرة أخرى ".