يتجه البرلمان الإفريقي وبقوة إلى دعم رشاد الحكم وشفافية الإدارة الاقتصادية والسياسية في دول القارة من خلال آليات للنقد الذاتي وكشف الأخطاء واقتراح متطلبات التصويب، وفي جلسات دور انعقاده السادس شدد نواب البرلمان الإفريقي على ضرورة دعم آليات الرقابة الإفريقية المتبادلة، وذلك في جلسات وورش عمل خاصة استمرت على مدى اليومين الماضيين تمت خلالها مناقشة موضوعات دعم الحوكمة والرقابة ورشاد الحكم في إفريقيا، وذلك في إطار برنامج /الآلية الإفريقية للرقابة المتبادلة بين النظراء/. هذه الآلية اقترحها بعض رؤساء الدول الإفريقية انذاك في مطلع الألفية الجديدة، ودفعوا باتجاه تشغيلها بغرض تعزيز رشاد الحكم في بلدان إفريقيا، وأن تكون تلك الآلية "مرآة صادقة تعكس مشكلات القارة الحالية أو المتوقعة وتقترح ما يجب أن يتم لإصلاحها". وقد تم تدشين تلك الآلية في التاسع من مارس 2003 في قمة الاتحاد الإفريقي التي استضافتها نيجيريا انذاك، وحتى مارس 2015 انضمت 35 دولة إفريقية للآلية وخضعت 17 من الدول المنضمة للتقييم من قبل النظراء لأول مرة في تاريخها دون أن يشكل ذلك افتئاتا على سيادتها الوطنية، ومن المفترض أن يتم التقييم بصورة سنوية، كما أن انضمام البلدان الإفريقية لتلك الآلية هو انضمام طوعي، ولا يترتب على تقاريرها أو توصياتها أية أشكال من العقوبات، حيث أن هدف الآلية ليس هو "معاقبة الدول والتفتيش عليها"، بل هدفها هو العمل على تشجيع الحكومات على تعزيز ودعم الحكم الرشيد من خلال تقييم ذاتي يتم بصورة موضوعية وشفافة. والدول المنضمة إلى الآلية الإفريقية للرقابة المتبادلة للنظراء هي "أنجولا وليسوتو ومالاوي وموزمبيق وجنوب إفريقيا وزامبيا من إقليم جنوب القارة الإفريقية"، ومن شرق القارة انضمت للآلية كل من "جيبوتي وأثيوبيا وكينيا وموريشيوس ورواندا والسودان وتنزانيا وأوغندا"، ومن غرب إفريقيا تعد كل من بنين وبوركينا فاسو وساحل العاج وغانا وليبيريا ومالي والنيجر ونيجيريا وتوجو والسنغال وسيراليون واتحاد ساوتومي وبرينسيب أعضاء في الآلية الإفريقية. وفي منطقة وسط إفريقيا، حصلت كل من الكاميرون وتشاد والكونغو برازافيل والجابون وغينيا الاستوائية على عضوية اللجنة، ومن شمال القارة الإفريقية انضمت كل من "الجزائر ومصر وموريتانيا وتونس" إلى الآلية. وفي قمة مالابو الإفريقية يونيو 2014، قرر الاتحاد الإفريقي إدماج الآلية الإفريقية للرقابة في منظومة هيكل الاتحاد الإفريقي، وتم إقرار الآلية كأداة رئيسية للمتابعة والمساءلة فيما يتعلق بأهداف الألفية الإنمائية في بلدان إفريقيا فيما بعد العام 2015 وأهداف الاتحاد الإفريقي حتى العام 2063. الآلية الإفريقية للرقابة المتبادلة يغطي مجالات الديمقراطية وحقوق المرأة والطفل وأوضاع الفئات المهمشة مثل النازحين واللاجئين ومراقبة خلو الإدارة الاقتصادية وسياسات الاقتصاد الكلي في بلدان إفريقيا من أوجه الفساد. ومن بين النجاحات التي حققتها الآلية الإفريقية للرقابة المتبادلة بين النظراء زيادة أعضاء الآلية إلى 35 دولة يعيش فيها ثلاثة أرباع سكان إفريقيا، وقد أدت الآلية إلى استفادة كل بلد من أعضائها بخبرات البلد الأخر وتبادل المعلومات والتجارب، كما سلطت الآلية الضوء على أوجه المشكلات التي تشهدها البلدان الإفريقية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وقد وفرت الآلية من خلال أنشطتها كما هائلا من المعلومات عن أوضاع البلدان الإفريقية تمت الاستفادة منه في إنشاء جهاز إنذار مبكر للأزمات يتبع الآلية نفسها يتوقع مشكلات القارة ويقترح حلولا لها قبل أن تبدأ من ذلك مثلا العداء للأجانب في جنوب إفريقيا 2008، وعنف ما بعد الانتخابات في كينيا 2007 ، وصراع الطوارق في شمال مالي مع حكومتها، وبفض آلية المراقبة المتبادلة الإفريقية استحدثت رواندا قانونا لحماية الشهود في قضايا الفساد. وتعد أوغنداونيجيريا وموزمبيق من أعلى وأنشط بلدان إفريقيا إدراجا لتوصيات الآلية الإفريقية للرقابة المتبادلة في البرامج الوطنية التنفيذية لتلك الدول، علما بأن الآلية قد قامت بمراجعة أوضاع 17 بلدا إفريقيا فقط من البلدان المنضمة إليها.