اتفاقية قرطاجنة تفضح رجال واشنطن في وزارة الزراعة.. ولجنة الأمان الحيوي كلمة السر أمين أباظة أناب مستشاره في التوقيع على السماح لشحنة مسممة بالدخول لمصر ثم أرسل يقول للبيئة: «أنتِ المسئولة»! نزاع حاد بين «الصحة والزراعة» على تبعية لجنة سلامة الأغذية والنتيجة أغذية مسمومة تقتل المواطنين علماء السلامة الإحيائية يسألون رئيس الوزراء: لماذا لم يصدر القانون ومن المستفيد؟ «سلامة الغذاء» مقولة رددتها الحكومات المتعاقبة، دون أن تغادر كلماتها حناجر من قالوها، فلا سلامة ولا غذاء، بدليل تصدر مصر لقائمة الأمراض القاتلة في العالم كله، حيث لم نتخط حتى الدول الأكثر تخلفا منا، ورغم توقيع الحكومة المصرية على اتفاقية «قرطاجنة» عام 2000، إلا أن القانون الذي ينظم التعامل مع النباتات المعدلة وراثيا الذي يناط به الحفاظ على سلامة الشعب من غزو هذه النباتات الممرضة لكل من يتناولها، ورغم تقدم وزير البيئة الأسبق اللواء ماجد جورج بمشروع لهذا القانون لمجلس الشعب عام 2003، وخروج توصيات البرلمان القائم آنذاك بضرورة إقراره قبيل مضى الدورة البرلمانية، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، فيما شهد برلمان 2005 تحايل وزارة الزراعة في عهد وزيرها يوسف والى، لعدم صدور القانون لصالح شركة أمريكية، صاحبة حظوة عالمية، وثيقة الصلة بالمخابرات المركزية الأمريكية، ليستمر الحال على هذا المنوال، فيما الأمراض الناتجة عن تناول الأطعمة المنبثقة عن تلك النباتات تأكل أجساد المصريين، في نفس الوقت الذي تمنعها الدول الغربية تماما، كما امتنع الاتحاد الأوربي عن استقبال البطاطس المصرية المحورة وراثيا، لهذا السبب ولأسباب أخرى، نكشف في هذا التحقيق الاستقصائى أسرار هذا الاستعمار الجينى لأجساد المصريين، مدعوما بكافة القوات الفتاكة من الأمراض بأنواعها. بعد توقيع وتصديق مصر على اتفاقية قرطاجنة، أصبح على مصر واجب الالتزام بوضع إطار وطنى خاص بها ينظم تداول المنتجات المعدلة وراثيا، ووفقا للعرف العالمى لا بد من خروج هذا الإطار من وزارة البيئة حيث يتم تداول هذه المنتجات دون رقيب أو حسيب، ليس سوى قضية بيئية من الدرجة الأولى، ومن ثم عانى الطاقم المسئول عن ذلك الأمرّين طيلة ال 15 عاما الماضية، وكانت أقصى أمانيه أن توافق الحكومة المصرية على القانون الذي ينظم هذه الحالة، وتقره بشكل نهائى لإنقاذ البلاد مما طالها، من جراء دخول هذه المنتجات دون رقيب أو حسيب لينتفع بها المنتفعون، كما أسلفنا في الحلقة السابقة، فيما المتعاملون معها سواء بالأيدى أو عبر تناولها كطعام منتهكون صحيا بعد أن احتلت الأمراض الخطيرة أجسادهم، دون أن تشعر بهم الحكومات الراعية لهم، أو المفروض فيها ذلك بهم. عدم صدور كشف عن وجود حرب بين عدة جهات في الدولة أبرزها: «وزارة البيئة ممثلة في لجنة علماء مصر المخولة بإنجاز القانون، ووزارة الزراعة وتمثلها لجنة الأمان الحيوي، ثم معهد تكنولوجيا الأغذية، ومعهد الهندسة الوراثية الزراعية»، إضافة إلى دخول وزارة الصحة على الخط من خلال نزاعها مع الزراعة حول تبعية لجنة سلامة الغذاء، وهم ما شكل حائط صد أمام وزارة البيئة لمنع صدور القانون، فيما جاء وجود وزارة البحث العلمى ضمن القائمة السابقة كوجود هامشى محدود التأثير. النزاع المشار إليه سابقا تم حله، لكن على ما يبدو كان ذلك على الورق ليس إلا، حيث توقف القانون في جراج رئاسة الوزراء، رغم اكتمال موافقات جميع الجهات المعنية من الدولة، وهو ما كشفه تقرير ودراسة أعدها الدكتور حمدى عبد العزيز، أحد المخولين بإنجاز مشروع القانون من قبل وزارة البيئة، ربما يكشف حقائق غائبة، كما تجدر الإشارة إلى أن وزارة البيئة قامت عام 2005، من خلال لجنة تنسيقية بتمثيل رسمى من كل الوزارات ذات الصلة، بإعداد مشروع قانون للسلامة الأحيائية لتنظيم تداول منتجات التحور الوراثى في أسرع وقت ممكن. جميع الإشارات تنير الطريق إلى اللوبى الأمريكي الذي مهد لحبس القانون، وبالتالى حرمان المواطن المصرى من الغذاء الآمن، وكانت بدايته في تسعينيات القرن الماضي، عندما قام مشروع NARB بتطوير مراكز البحوث الزراعية كاملة، وتم تعديل معهد بحوث القمح، ليتحول إلى معهد بحوث الهندسة الوراثية «الزراعية»، واشترطت المعونة الأمريكية وقتها تخصيص 500 مليون دولار لعملية التطوير سالفة الذكر، ليتم أمركة هذه المراكز شكلا وموضوعا، ومن ثم خرج من هذا المركز مشروعات بحثية بتوجيه أمريكى ومشاركة المراكز البحثية الزراعية، حتى تضمن السياسة الأمريكية خضوع كل الأبحاث الزراعية التي تقوم بها مصر للمواصفات التي تقررها واشنطن، وتضمن عدم إجراء بحوث على محاصيل قومية مثل القطن والقمح والذرة. وكان تشكيل لجنة قومية للأمان الحيوى ضامنا لهذه السياسة، أما مركز الهندسة الوراثية في معهد التغذية التابع للصحة، فلا حول له ولا قوة وكل دوره يتلخص في الكشف عما إذا كان المنتج الذي يقدم إليه بهدف التحليل مهندسا وراثيا من عدمه، فيما لا يمكن الحصول من داخله على أي معلومات تخص متابعة سلامة الأغذية في مصر، أما المعدلات التي يعمل من خلالها المركز فحدث عن الإهمال الواضح فيها ولا حرج، أما العاملون به فهما شخصان فقط، هما رئيس المركز الذي لم نجده وقت زيارتنا، ومساعده الذي التقينا به. الأمان الحيوي حرب الوزارات لإيقاف القانون نكشف أحد فصولها من خلال استعراض الدور الذي تقوم به لجنة الأمان الحيوى التابعة لوزارة الزراعة، وتمثل ذراعا قوية للأخيرة في تثبيت الوضع القائم، وبحسب ما توصلنا إليه من مستندات، فإن هذه اللجنة وافقت بغير اختصاص على مرور شحنة معدلة وراثيا، دون الرجوع لوزارة البيئة المخول لها إصدار تلك الموافقة، وهو ما يؤكده الخطاب رقم 272 بتاريخ 19 فبراير عام 2000، من وزير الزراعة أمين أباظة للبيئة، بطلب تولى أمر المنتجات المعدلة وراثيا باعتباره اختصاصا أصيلا لها، وهو تصرف في ظاهره سليم 100٪، إلا أن قيامه بتفويض مستشاره الدكتور أيمن فريد أبو حديد، والدكتور سعد نصار بصفته رئيس لجنة المحاصيل، بالتوقيع على قرار دخول الشحنة MON 800، المعدلة وراثيا، السابق الحديث عنها، وهو نفس تصرفه مع الرئيس التنفيذى لهيئة التعمير الأسبق في أزمة جزيرة آمون الشهيرة! ووفقا لقرار إنشاء وإعادة التشكيل والاختصاصات الصادر في عام 1995، حيث كشفت المستندات عن عدم تنفيذ ما جاء في قرار التشكيل، وقيام اللجنة بتسهيل دخول الشحنات المرفوضة دوليا، للحفاظ على صحة الإنسان وسلامة البيئة والمجتمع الإنسانى، وليس العكس، وفقا للقرار الوزارى رقم 19 لعام 2007 بتوقيع أمين أباظة، بشأن إعادة تشكيل اللجنة واختصاصاتها الذي لم يشر في ديباجته إلى قرار وزير الصحة رقم 242 لسنة 1997 الذي ينص على حظر استيراد المنتجات المهندسة وراثيا، لحين ثبوت عدم إضرارها بصحة الإنسان، كذلك لم يشر إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 217 لسنة 203 بالتصديق على اتفاقية قرطاجنة، بما يجعلها بمثابة قانون مصرى، كما لم يشر إلى القانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن البيئة، وكلها تشريعات تتعلق باختصاصات اللجنة. إضافة إلى أن قرارات أمين أباظة بشأن الأمان الحيوى للمنتجات المحورة وراثيا، لم يشر أي منها في ديباجته إلى أنه تشاور مع الوزراء الآخرين المشاركين في الاختصاص بهذه القضية، فيما يمس ولايتهم على وزاراتهم، حيث إن وزير الزراعة مكلف دستوريا بمسئولية وزارته فقط، ولا تمتد ولايته إلى اختصاصات وزراء وأعمال تنفذ في وزارات أخرى. وهو ما يعنى أيضا أن أعضاء اللجنة القومية العاملين في وزارات أخرى غير وزارة الزراعة قد تم اختيارهم بصفتهم الشخصية فقط كخبراء وليسوا ممثلين لوزاراتهم، كما أنها لم تلزم بتحديد المسئولية والتعويض الجبرى، حال مخالفة شروط التصريح، وأنها أُعدت عام 1994 وصدر باعتمادها قرار وزارى، ولم يجر تحديثها بقرارات وزارية منذ ذلك التاريخ، رغم المتغيرات العلمية والتقنية والتشريعية، التي توجب المراجعة والتحديث بقرارات جديدة. الصحة متهمة سلكت وزارة الصحة هي الأخرى مسلك وزارة الزراعة عند إصدارها القرار رقم 242 سنة 1997، بحظر استيراد المنتجات المهندسة وراثيا لحين ثبوت مأمونيتها، وهو دليل غياب التنسيق بين الوزارات المعنية بهذا الشأن، وتؤكد لجنة إعداد المشروع أن الأنسب أن تصدر مثل هذه القرارات التي تمس اختصاصات عدد من الوزارات من رئيس الوزراء، ما يعنى عدم قومية لجنة الأمان الحيوي، وهو ما أشارت إليه دراسة تقييم الوضع بالنسبة لدور اللجنة القومية للأمان الحيوى من قبل لجنة مشروع وضع إطار القانون التابعة للبيئة. التشريع غائب وفقا لما سبق ومن خلال تأكيدات المصادر المختلفة، فإن قرارات لجنة الأمان الحيوى غير ملزمة، ولا يترتب على مخالفتها أي منع أو تجريم أو عقوبات، حيث إن الأخيرة لا تشرع إلا بقانون، كما أن الشارع المصرى يجهل خطورة ما سهل دخوله من منتجات، كما أن دخولها لا يتم نشره أو الترويج له على المستوى الجماهيرى بصورة رسمية، وفقا للقوانين التي تنظم دخول السوق، كما أن كثيرا من الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية تجهلها. كما أنها خلت من الإشارة إلى مراعاة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية الوطنية قبل إعطاء التصريح، وخلت من الإلزام بإجراء الاختبارات التي تؤكد سلامة الغذاء والأعلاف من مصادر محورة وراثيا، وكذلك تؤكد سلامة بيئة التلقى (البيئة المصرية)، لكل حالة من حالات الإطلاق في الطبيعة للكائنات المحورة وراثيا، من (التقاوى – والمخصبات الأحيائية إلخ) بمصر، مما يخالف اشتراطات تقييم وإدارة المخاطر الخاصة بهذا الشأن. ومن ثم تساءل تقرير لجنة مشروع وضع القانون، عن مدى موائمة إصدار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى عام 2006، قرارا بشأن إنشاء سلطة وطنية مختصة بوزارة الزراعة، لتقوم بتنفيذ بعض المهام الإدارية لبروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية فيما يختص بتداول الأصناف النباتية والأعلاف الحيوانية المحورة وراثيا، خاصة أنه لم يرد في ديباجة القرار الوزارى ما يفيد صدوره، بناءً على التشاور مع الوزارات التي تشارك في اختصاص تنفيذ بروتوكول قرطاجنة، والذي يعد أساسا معاهدة بيئية، وفى مقدمتها وزارات الدولة للبيئة، وهى نقطة الاتصال الوطنية الرسمية، لكل من اتفاقية التنوع البيولوجى وبروتوكول قرطاجنه، إضافة إلى وزارات الصحة والتجارة، وما هي انعكاسات ذلك على أحكام تنفيذ متطلبات السلامة الأحيائية على المستوى الوطنى؟ أيضا لم يرد في القرارات الوزارية التي تخص اللجنة القومية، منذ إنشائها عام 1995 تحديد سكرتارية لها، إلا في قرار إعادة التشكيل الصادر عام 2007، ومقرها معهد الهندسة الوراثية الزراعية، كما تضمن نفس القرار تعيين رئيس مركز البحوث الزراعية مقررا للجنة القومية، فيما كشف التقرير أن سكرتارية اللجنة تتلقى الطلبات للحصول على التراخيص وتراجعها إداريا وعلميا، وتحتفظ بالمحاضر والسجلات وقاعدة البيانات، كما أشار رد السكرتارية إلى وجود هيئة مكتب للجنة القومية التي تشرف على الميزانية وانسيابية الأداء، وتقرر الوثائق التي تشملها السرية، وهى تقوم بأعمال اللجنة القومية، نيابة عنها في الحالات الملحة، ومع ذلك لم نجد في القرارات الوزارية أي إشارة إلى تمويل الأنشطة أو تشكيل هيئة المكتب المذكورة. ويوضح التقرير أن القيام باختصاصات اللجنة القومية، أو بعضها نيابة عنها، والتصرف في ميزانيتها، وكذا تقرير سرية وثائقها من عدمه تعد صلاحيات لا بد أن تسندها اللجنة القومية بتفويض منها، مثبتا في محاضرها، بشرط عرض محاضر هيئة المكتب على اللجنة القومية في أول اجتماع لمناقشتها، وللجنة القومية أن تصدق عليها من عدمه أو تعدل فيها مثل ما هو متبع عادة، وهو ما لم يُنص عليه في لائحة الإجراءات الداخلية، ويعد ثغرة في ولاية اللجنة القومية على اختصاصاتها. ومع أن كل المؤشرات تفيد أنه مما لا شك فيه أن عدم تحديد مصدر وقيمة الميزانية المخصصة للجنة القومية بقرارات وزارية، وعدم وجود موارد خاصة أو ميزانية مخصصة من الدولة، (وليس وزارة الزراعة وتوابعها ومشروعاتها) تتناسب مع حجم وأهمية أنشطة اللجنة القومية، وعدم إشراف اللجنة القومية على هذه الميزانية، يضع شفافية تمويلها وأسلوب صرفه في دائرة مريبة، كما يؤثر في كثافة ونوعية أنشطة اللجنة التي يجب أن تتضمن إلى جانب التكاليف الإدارية والتكاليف اللازمة للقيام بالدراسات المختلفة تقييم المخاطر. والتساؤل: هو لماذا لم يتوافر من كل ذلك إلا قدر قليل غير مؤثر، حتى الآن رغم أن عمر اللجنة قارب على 15 سنة، برغم معرفتنا بأن عدم تنفيذ بعض جزئيات النظام القومى بنفس درجة الفاعلية سيخل بأداء النظام ككل. كما لا توجد معلومات عن وجود قرار وزارى بلائحة قديمة منذ إنشاء اللجنة، مما يفسر جزئيا عدم الوضوح في الآليات والإجراءات واتخاذ القرارات والمتابعة، وبالتإلى عدم الانتظام في اجتماعات وأعمال اللجنة القومية، الذي انعكس سلبا على دور النظام ككل، وأن الفترة بين كل اجتماعين متتاليين تراوحت بين 3 أشهر و3 سنوات بمتوسط اجتماع واحد كل عام خلال السنوات منذ إنشائها عام 1995 حتى الآن، رغم أن اللجنة القومية يجب أن تعقد أربعة اجتماعات كل عام لاستعراض ومراجعة وثائقها، في حين أن الواجب كان يقتضى أن تجتمع اللجنة مرة على الأقل شهريا للنظر في كيفية تنفيذ مهامها المتعددة التي لم تنفذ. في عام 1998 اقترحت اللجنة تشكيل ثلاث لجان فرعية للزراعة والطب والبيئة، ووافقت على اقتراحات أعضائها في الاجتماعات التالية على تشكيل لجان فرعية خاصة، لعمل دراسات تقييم وإدارة المخاطر، إلا أنه لم يتم تشكيل هذه اللجان. وبالرغم من أن قرارات وزير الزراعة نصت على ضرورة أن تقوم اللجنة القومية بالمراجعة الدورية والتفتيش سواء بنفسها أو من تكلفه رسميا بذلك، إلا أنه لا توجد نظم واضحة شفافة ومحايدة وبعيدة عن تعارض المصالح للمتابعة والرصد والمراجعة، بالنسبة للطلبات التي تمت الموافقة عليها من قبل اللجنة القومية. ثم أن القرارات الوزارية لا تلزم الجهة الطالبة بتقديم تقرير فنى علمى للجنة القومية، عن نتائج التجارب التي تصرح لها بإجرائها، وهناك تواريخ بالموافقة على تصاريح، لم تعقد فيها اللجنة اجتماعات عددها 12 موافقة، كما أن البيانات لم تكن شاملة، وأن هناك عددا من الموافقات التي أعطيت لم تدرج بحسب دراسة المستندات من قبل مشروع السلامة الأحيائية، فيما عدا طلبين فقط من نحو 70 طلبا، لم تتقدم أي من الجهات التي تجرى أبحاثا على كائنات محورة وراثيا، من خارج وزارة الزراعة بطلبات للحصول على تصاريح، بإجراء أبحاثها لا على المستوى المعملى، ولا على مستوى الإطلاق المقيد أو العام، ورغم أنه من المعروف أن هناك عددا منها قد يفوق العشر جهات، تجرى هذه النوعية من الأبحاث على الأقل على المستوى المعملى التجريبى، إلا أنه في الحالتين المذكورتين، لم تكن هناك زيارة أو متابعة لهذه الجهات لا قبل ولا بعد إعطاء الترخيص. وبعد إعداد اللائحة الداخلية للجنة الأمان الحيوى عام 2007 التي يفترض أنها تنظم ذلك كله، لم يتم العمل بها، وظل الوضع على ما هو عليه حتى إن آخر اجتماع لها مضى عليه 3 سنوات! الوكالة الأمريكية في العام 2000 و2001 طلب السكرتير التنفيذى للجنة القومية إجراء دراسات، تعاونت في القيام بها عدة جهات أجنبية، مع وزارة الزراعة ومولتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تمت فيها مراجعة نظام الأمان الحيوى المصرى، والقرارات الوزارية والإرشادات التي يعمل بها، وتقييم تجربة تطبيقها خلال ست سنوات، فخلصت هذه الدراسات إلى أن النظام ينقصه الكثير من الأساسيات، ويحتاج إلى تعديلات واستكمالات، من أهمها تدعيم القدرات الوطنية لتقييم المخاطر وإدارتها، إضافة إلى تحديد المعامل المرجعية الوطنية التي ستساهم في هذه العملية، وحددت الدراسات الشروط الأساسية لإعطاء التصاريح والعناصر الأساسية التي يجب أن تشملها عملية تقييم المخاطر. وعند استعراض هذه التقارير ونص بروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية باللجنة القومية، طالب الأعضاء بتشكيل لجان فرعية لدراستها وعرضها مفصلة على اللجنة لمناقشتها باستفاضة، كما طالب الأعضاء بتشكيل لجان خاصة بتقييم المخاطر، علاوة على تأييد طلب وزير البيئة إصدار تشريع وطنى (قانون) لتنظيم الأمان الحيوى، إلا أن هذه الطلبات لم تنفذ، ومن المثير للدهشة هنا التناقض الصارخ في موقف وزارة الزراعة من ضرورة وجود التشريع الوطنى للسلامة الأحيائية، فتارة نجد منها الموافقة والتأييد في محضر جلسة اللجنة القومية، ثم الرفض في الجلسة التالية مباشرة بحسب المستندات. الأغرب من كل ما سبق أن كل تلك النزاعات انتهت ورقيا فقط، بعد أن انتهى القانون إلى ثلاجة مجلس الوزراء، وكأن واقع الحال ليس الاستعداد لإقراره، بل إراحة الكل مما يمكن أن نسميه «وجع الدماغ»، ليصبح الهدوء الكاذب هو واقع الحال، خاصة أن كل العلماء الوطنيين يطالبون رئيس المجلس بالعمل على إقرار القانون، للمحافظة على البيئة الصحية للإنسان المصري. من النسخة الورقية