أكدت منظمة الصحة العالمية ( WHO ) استمرار جهودها المتواصلة في رفع مستوى الوعى بأهمية التطعيم في جميع الأعمار، والعمل على زيادة معدلات التحصين ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها من خلال لقاحات متطورة في جميع أنحاء العالم، مشددة على أنه بالرغم من التقدم المحرز داخل البلدان الأفريقية في هذا الصدد مؤخرا إلا أن الفجوة لا تزال كبيرة فيما يتعلق بتوافر اللقاحات الطبية اللازمة. ففى الوقت الذي احتفل فيه العالم ب"الأسبوع العالمى للتحصين" خلال 24 – 30 أبريل الماضى، شددت المنظمة العالمية على إمكانية حماية الملايين ضد أكثر من 30 مرضا معديا من الطفولة إلى الشيخوخة، حيث تعد اللقاحات من الوسائل الأكثر فعالية ونجاحا، خاصة فيما يتعلق بتكلفتها المنخفضة في إنقاذ حياة نحو 2 إلى 3 ملايين شخص حول العالم سنويا، وذلك فضلا عن الفوائد الصحية الشاملة للتطعيم في تعزيز قدرات الأطفال الإدراكية، وحماية إمكانياتهم الاستيعابة، خاصة فيما يتعلق بالتحصيل الدراسى، ليصبحوا عناصر منتجة فعالة في مجتمعهم، عن طريق الحد من المرض والعجز على المدى الطويل. وفى هذا الصدد، شدد المسئولون بالمنظمة العالمية على قدرة برامج التطعيم في تغطية في المتوسط ما يقرب من 80% من التغطية اللازمة للتحصينات على الصعيد العالمى، فقد نجحت الجهود في تغطية 80.6 % من أحتياجات وتحصينات لقاح DPT3 في جنوب الصحراء الكبرى عام 2013، برغم التفاوتات كبيرة بين البلدان. وعلى صعيد التحصين ضد الأمراض، أحرزت أفريقيا عدة مكاسب في هذا الصدد، فبفضل الجهود المتواصلة، وبرامج التطعيم العامة، علاوة على توافر اللقاحات في الغالبية العظمى من البلدان الأفريقية، أمكن استئصال فيروس مثل فيروس شلل الأطفال، إضافة إلى توافر الإرادة السياسية الثابتة والدعم الدولى وشراكة الشركات العامة والخاصة. يأتى ذلك في الوقت الذي شدد فيه عدد من خبراء الصحة بمنظمة الصحة العالمية على أن ضمان استمرار العدالة والتغطية داخل البلدان في جميع أنحاء القارة السمراء، يتطلب الجهد والموارد المستدامة، كما هو الحال في البلدان الأفريقية، حيث يلعب النمو الاقتصادى المستدام دورا في تمويل توفير اللقاحات، جنبا إلى جنب فعالية برامج تطعيم الأطفال، مؤكدين على أفضلية فرص الأطفال الأفارقة في الارتقاء بإمكاناتهم وقدراتهم سواء فكريا أو جسديا. كما يساهم الاستثمار في البلدان الأفريقية بصفة دائمة في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، إضافة إلى دفع هذه الجهود نحو اهتمام القادة الأفارقة والحكومة بالصحة والتنمية، ليصبح الأطفال والبالغون أحد أهم أسحلة دفع عجلة التنيمة والرخاء والاستفادة من حياة صحية أفضل. وتكشف منظمة الصحة العالمية في معرض تقريرها عن وفاة ما يقرب من 266 ألف امرأة بسرطان عنق الرحم سنويا، لتشكل النساء في البلدان النامية نحو 80% من تلك الوفيات، ودون حدوث تغييرات حقيقة في مستويات الوقاية والسيطرة، من المتوقع تضاعف معدلات وفيات سرطان عنق الرحم إلى 416 ألفا بحلول عام 2035، لتشكل أيضا النساء في البلدان النامية الغالبية العظمى من الوفيات المتوقعة. ويعد سرطان عنق الرحم أكثر أنواع السرطان شيوعا بين جميع أنواع السرطان المختلفة في أفريقيا، ولايزال يشكل تهديدا كبيرا يتطلب معه اهتماما عاجلا في المنطقة الأفريقية. وتقدر منظمة الصحة العالمية مسئولية العدوى بفيروس الورم الحليمى البشرى في ظهور ما يقرب من 68 ألف حالة إصابة جديدة بسرطان عنق الرحم في أفريقيا سنويا، ومع ذلك، فإن هذة الأرقام على الأرجح تمثل تقديرا متحفظا نظرا للقدر المحدود الذي توفره نظم المعلومات الصحية والسجلات الخاصة بالسرطان في المنطقة، مشددة في الوقت ذاته على أن سرطان عنق الرحم من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بفضل اللقاحات المتطورة، جنبا إلى جنب الفحص الدوري الذي يعد أفضل إستراتيجية للحد من أعباء هذا المرض اللعين. ففى كينيا، يعتبر سرطان عنق الرحم أكثر أنواع السرطان انتشارا بين النساء في كثير من الأحيان، خاصة في المرحلة العمرية ما بين 15 – 44 عاما. فقد أصبحت كينيا أول دولة تدعم توفير لقاحات فيروس الورم الحليمى البشرى لحماية الفتيات ضد سرطان عنق الرحم، وتساعد برنامج التطعيم في البلاد على تحقيق هدفها لمنع الوفيات سرطان عنق الرحم غير الضرورية ودعم جيل كامل من النساء للعيش بصحة جيدة، وحياة منتجة. وقال مدير السياسة العامة والمسئولية الاجتماعية لشركة MSD فاروق شماس جيوا إن "العلماء بالشركة قد قاموا بتطوير لقاحات للمساعدة في منع بعض الأمراض بين الأطفال والمراهقين والبالغين على حد سواء"، مضيفا "لدينا مسئولية كبيرة لتحسين فرص الحصول على اللقاحات والرعاية الصحية عالية الجودة في جميع أنحاء العالم، فنحن نقوم بذلك من خلال الشراكة مع الحكومات والجهات المانحة ومنظمات رعاية المرضى، جنبا إلى جنب المتخصصين في الرعاية الصحية والنظمات غير الحكومية والمتعددة الأطراف لتقديم خبراتنا، مع التزام ثابت نحو العمل على زيادة فرص الحصول على اللقاحات في الحاضر والمستقبل". وفى عام 2012، كان قد تم تشخيص أكثر من نصف مليون حالة سرطان عنق رحم جديدة حول العالم، بواقع سيدة من بين كل خمسة سيدات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لتصبح العدوى الفيروسية المزمنة خاصة فيروس الورم الحليمى البشرى (HPV)، والذي ينتقل عن طريق الاتصال الجنسى، أحد أهم العوامل الرئيسية والأكثر شيوعا في زيادة معدلات الإصابة، وغالبا ما تتم الإصابة به في مرحلة المراهقة والشباب مع أول اتصال جنسى.