يبدو أن هول الانفجارات التي استهدفت معقل حزب الله اللبناني في الضاحية الجنوبية لبيروت ذات الأغلبية الشيعية، ومدينة طرابلس في شمال لبنان ذات الأغلبية السنية، خلال الأسبوعين الماضيين أحدثت صدمة كبيرة أظهرت وعيا واضحا لدى أهالي المنطقتين برفض محاولات إشعال فتنة سنية - شيعية في لبنان لا يخرج منها أي طرف منتصر، بحسب ما ذهب إليه خبراء ولبنانيون سنة وشيعة . واعتبر الشيخ محمد إمام، أمين الفتوى في مدينة طرابلس والمتابع عن كثب لتطورات الأحداث هناك، أن تفجيرات الضاحية وطرابلس “,”ساعدت بنسبة كبيرة في تخطي الفتنة المرسومة للبنان بين السنة والشيعة “,” . قال إمام إن “,”الوعي المضاد للفتنة والذي تحلا به أهل الضاحية الشيعة وأهل طرابلس السنة، خذل المجرمين والمتربصين بلبنان وأهله “,”. ودعا إمام، “,”السنة والشيعة لاستغلال هذه الفرصة لترسيخ أواصر العيش المشترك فيما بينهم، وتجنب الوقوع في الأخطاء السابقة من كلا الطرفين “,” . وقبل أسبوعين هز انفجار ضخم الضاحية الجنوبية لبيروت، ذات الأغلبية الشيعية، أسفر عن سقوط 30 قتيلاً ونحو 300 جريح، بحسب مصادر أمنية وطبية . فيما استهدف انفجاران مسجدي السلام والتقوى في مدينة طرابلس ذات الأغلبية السنية، يوم الجمعة الماضي أديا الى مقتل اكثر من 40 شخصا وجرح المئات بحسب مصادر رسمية . وكان أهالي طرابلس الذين رفضوا اتهام أي طرف لبناني وخاصة الشيعة بالوقوف وراء التفجيرين في مدينتهم، وهذا ما انعكس إيجابا على أهالي الضاحية الذين أبدوا تضامنهم الكامل مع أهل طرابلس، فرفعوا يافطات تنديد وتعاطف . هذا التعاطف والتضامن بين الجانبين يبدو أنه كان انعكاسا لوجود أكثر من 362 ألف حالة زواج بين السنة والشيعة في لبنان، وفق احصائيات اشار إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في وقت سابق . “,” نحن لبنانيون ونحن مسلمون لا نقبل حتى مجرد التفكير بإمكانية حدوث فتنة بين السنة والشيعة في لبنان“,”، بهذه العبارة يصرخ محمد سلام “,”السني“,” المتزوج من فاطمة حمادة “,”الشيعية “,”. واعتبر سلام وزوجته أن “,”تفجيرات الضاحية وطرابلس قربت أكثر فأكثر بين السنة والشيعة الصادقين الذين يريدون قوة وازدهار بلدهم لبنان“,”، إلا أنهما ألقيا باللائمة على السياسيين في “,”تأجيج الصراع السني الشيعي من أجل مصالحهم الخاصة“,”، ودعوهم الى “,”الاتفاق من أجل مصلحة لبنان وإلا فارحلوا اليوم قبل الغد “,” . أما علي عيسى “,”الشيعي“,” فيعتبر أن زواجه من أسماء الحلبي “,”السنية“,”، أفضل ما فعله في حياته، وقال “,”أنا وأمثالي من يطبق الوحدة الحقيقية على الأرض بين السنية والشيعة، وليس بالشعارات فقط “,” . عائلة عيسى وسلام، تعتبران أن “,”احتمال وقوع فتنة سنية شيعية في لبنان أصبح ضئيلا بعد الوعي الكبير الذي أبداه أهالي المناطق المستهدفة بالتفجيرات “,” . من جانبها أشادت الأستاذة الجامعية في علم النفس، منى فياض، ب“,”الوعي اللبناني الجديد الرافض لفكرة الاقتتال أو الفتنة الداخلية“,”، معتبرة أن هذا الوعي جعل “,”الحرب العسكرية الداخلية في لبنان غير واردة في الوقت الراهن “,” . ورأت فياض في حديث لمراسل وكالة الاناضول أن “,”منفذي التفجيرات في الضاحية وطرابلس فشلوا في تحقيق أهدافهم بإشعال حرب أهلية بين اللبنانيين عامة والسنة والشيعة خاصة “,”. وأوضحت أنه “,”وبالرغم من انقسام اللبنانيين في كثير من القضايا فهم في الوقت عينه لا يريدون أن يصلوا لمرحلة الاقتتال العسكري “,” . ولفتت فياض إلى أن “,”تلاحم اللبنانيين بعد تفجيرات الضاحية وطرابلس يساهم في وأد الفتن التي تحاك للبنان“,”، لكنها أشارت إلى أن “,”هذا التلاحم لا يكفي للخروج من النفق المظلم، بل يجب استتباعه بإجراءات وخطوات عملية من قبل المعنيين وأصحاب القرار “,” . وقالت إن “,”اتفاق السياسيين اللبنانيين يبقى الأهم لوأد أي فتنة تهدد لبنان“,”، داعية رجال السياسية الى ترجمة المطالب الشعبية بالوحدة الى اتفاق فيما بينهم يرحم اللبنانيين “,” . ولا تختلف مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت، عن واقع الحال الشعبي في لبنان برفض أي فتنة داخلية، حيث أنشأ العديد من النشطاء صفحات تدعو للوحدة الإسلامية في لبنان، ونبذ العصبيات ودرء الفتنة التي تهدد أمن واستقرار المجتمع اللبناني . ومن هذه الصفحات، صفحة “,”لا للفتنة السنية الشيعية - نعم للوحدة الإسلامية“,”، وصفحة “,”لا للفتنة السنية الشيعية في لبنان“,”، على موقع “,”فيسبوك “,” . وشهدت مثل هذه الصفحات تفاعلا كبيرا بين روادها من السنة والشيعة الذين يؤكدون في تعليقاتهم أنهم ضد أي فتنة بين الطرفين في لبنان، ويدعون الى استغلال حوادث التفجير في لبنان لإظهار مدى قوة التلاحم والأخوة بين “,”أهم طرفين في لبنان، السنة والشيعة “,” . وعجّت هذه الصفحات برسائل التعزية والمواساة من كلا الطرفين، وتأكيدا على أن الدم اللبناني عامة والمسلم خاصة دم واحد في مواجهة مخططات الفتنة التي تحاك للبنان واللبنانيين .