إجازة رسمية بشوارع خالية، تجمعات من البشر حول شاشات مسلطةً أعينها على الرصاصة التي مازالت في جيب محمود ياسين، مشاعر تنبض في كل مرة يرون فيها مشاهد العبور، أو يسمعون لموسيقى عمر خيرت المصاحبة لتتر سلسل الفيلم الأبرز عن الصراع العربي مع إسرائيل. فجأة يقطع مشهدك هذا "برومو" النشرة الإخبارية في موعدها اليومي، فالساعة تدق تمام الثانية عشر ظهرًا، لتأتيك خلالها مذيعة ترسم على وجهها ابتسامة عريضة تمهيدًا للخبر الذي تنوى تلاوته: " قرر الرئيس الفلاني العفو عن عدد كذا من السجناء بمناسبة عيد تحرير سيناء". ورغم ما في الخبر من تقليدية واعتيادية، إلا أن هذا العام يأتي قرار العفو مصاحبًا لضوابط من شأنها أن تخبرك بأنه لن يطول كل من يندرجون تحت مسمى "إسلاميين"، حيث أعلنت الحكومة في بيان رسمي إن القرار استثنى الجرائم الخاصة بالجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة في الداخل والخارج. ويعرف العفو الرئاسي بأنه القرار الصادر من رئيس الجمهورية بموجب صلاحياته في دستور 2014 بنص المادة 155، والتي تنص على حق رئيس الجمهورية في إصدار العفو الرئاسي بعد أخذ رأي مجلس الوزراء. ويوجد نوعان من العفو هما قرار العفو عن العقوبة، وقرار العفو الشامل. وأثارت قرار العفو الرئاسي في مصر عملية جدل كبيرة، وتحديدًا تلك التي قام بها الرئيس المعزول محمد مرسي، حين أفرج عن مجموعة كبيرة من قيادات للكيانات الإرهابية مثل الجماعة الإسلامية، وتنظيم الجهاد، وبعض قيادات جماعة الإخوان الإرهابية. "مرسي" يعفو عن عشريته و"منصور" يلغي لا يمكن أن تقصر لفظ "العشيرة" الذي استخدمه الرئيس المعزول محمد مرسي على هؤلاء الذي ينتمون لجماعة الإخوان، ولكن قرار العفو الذي أصدره أثبت أن "عشيرته" ليس فقط الإخوان بل تضم الجهاديين ومن ينتمون للجماعة الإسلامية، وهو ما اتضح عقب قرار العفو حيث توجهت الجماعة الإسلامية بالشكر ل"مرسي"، متابعة:" إن 12 من أعضائها القياديين أفرج عنهم مساء السبت بعد أن "قضوا في السجن ما يقرب من 20 عاما بعد محاكمات عسكرية أو محاكم أمن الدولة العليا طوارئ". وقال أن ذاك المحامي التاريخي للإسلاميين نزار غراب، الهارب إلى تركيا، إن قرار العفو الذي أصدره مرسي بمناسبة شهر رمضان شمل اثنين أو ثلاثة من تنظيم الجهاد الذي أدين أعضاء فيه باغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 خلال عرض عسكري بالقاهرة. وجاءت أسماء المعفو عنهم في: حسن الخليفة عثمان على، أحمد عبد القادر بكري محمد، عاطف موسى موسى سعيد، حسين فايد طه مرزوق، أحمد محمود همام عبد الله، محمد محمد إسماعيل خليل، السيد صابر السيد خطّاب، عطية عبد السميع محمود عطية، أبو العلا محمد عبد ربه، عبدالحميد عثمان موسى عمران، محمود عبد الغني فولي، محمد إبراهيم مصطفى أبو غربية. وفي محاول لتعديل الوضع الذي تسبب فيه "مرسي" قام الرئيس المؤقت عدلي منصور، بإلغاء قرارات الإعفاء التي أصدرها المعزول، حيث طال الإلغاء 27 شخصية إسلامية، وبينهم 18 من المحسوبين على جماعات الجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية، علاوة إلى إلغاء العفو عن 9 من قيادات الإخوان المسلمين، كانوا متهمين في قضية "التنظيم الدولي" عام 2010 أبرزهم يوسف ندا المفوض السابق للعلاقات الدولية بالجماعة، ووجدي غنيم الداعية الإسلامي، وأشرف عبد الغفار القيادي بالجماعة، وإبراهيم منير الأمين العام للتنظيم الدولي للإخوان، وإبراهيم الزيات القيادي بالجماعة، وعوض القرني الداعية السعودي. صدرت أولى قرارات العفو الرئاسي في 10 مارس 2011 بتوقيع المشير حسين طنطاوي وزير دفاع مبارك الذي خلفه في الحكم كرئيس للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وشمل القرار 60 مسجونا جميعهم من الإسلاميين ووصفهم القرار ب"المحكوم عليهم سياسيا" في اعتراف نادر من الدولة بتسييس محاكمات الإرهاب في عهد مبارك. المجلس العسكري يعفو عن الإسلاميين أيضًا ولم يكن العفو عن الإسلاميين موجودا فقط مع قدوم مرسي في السلطة بل بدأه المجلس العسكري، وذلك في عز شدة جماعة الإخوان، حيث قرر المجلس العفو عن 103 سجناء توزعوا على عدد من التنظيمات مثل الجهاد، الجماعة الإسلامية، تنظيم الوعد، تنظيم الناجون من النار، وما يعرف بحزب الله المصري. وكان أشهر السجناء الحاصلين على العفو بموجب قرار مارس 2011 الشقيقان طارق وعبود الزمر المحكوم عليهما في قضية اغتيال السادات، والمحسوبان وقتها ضمن أقدم السجناء الإسلاميين وأهمهم. عفو السادات لحفظ الهيبة... ومبارك لجئ له في صفقة جواسيس كانت بداية استخدام العفو الرئاسي بشكل يثير الجدل مع في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حيث قرر تغيير سياسات الدولة المصرية، عن تلك التي كانت تسير عليها في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فقرر "السادات" العفو عن سجناء من الجماعات الإسلامية وتحديدًا جماعة الإخوان وهو ما تسبب في انتقادات له أن ذاك. والحادثة الثانية حين استخدم مبارك العفو عن الجاسوس الإسرائيلي، عزام عزام، مقابل الإفراج على ست طلا مصريين تم القبض عليهم من قبل الكيان الصهيوني، في ظروف غامضة حتى الآن. وقيل أن ذاك إن الصفقة هزيلة بالنسبة لمصر، حيث توافق على الإفراج عن جاسوس مقابل طلاب لم يرتكبوا ما قام به "عزام".