"شم النسيم" .. يوم تنتظره الأسر المصرية ويحمل طابعا مميزا، من حيث طقوس الاحتفال والوجبات التي يتم تناولها في هذا اليوم، والتي تتركز غالبيتها في الأسماك المجففة والمملحة. ولم تكن محافظة الأقصر بعيدة عن تلك الطقوس حيث يتميز الصعيد بتناول عدد من الوجبات من بينها "الملوحة" وليس الفسيخ العادي الذي يتناوله أهالي الوجه البحري فالملوحة هي "الفسيخ الصعيدي" الذي يقبل عليه مواطنو الأقصر في يوم شم النسيم. وبالرغم من تحذيرات وزارة الصحة للمواطنين من تناول هذه الأنواع من المأكولات لكن يصر البعض على تناولها مما يعرض حياته للخطر حيث يعد طبق "الملوحة" من الأكلات المميزة لشم النسيم والتي يعتبرها الأهالي طبقا رئيسا على مائدة هذا اليوم تليه "كوباية شاي سخن" يحبسوا بيه، على حد وصفهم. وتختلف "الملوحة" تماما عن الفسيخ العادي فهي عبارة عن نوع من السمك يخرج من النيل وينتشر على ضفتي بحيرة ناصر خلف السد العالي بأسوان ويتم تصنيعه ويطلق عليه السمك الكلابي ويعرف من أسنانه التي تشبه أسنان الكلاب أما الفسيخ فهو سمك بورى يخرج من مياه البحر المتوسط والأحمر. وكانت أسواق الفسيخ قد انتعشت هذا العام أكثر من العامين السابقين وشهدت إقبالا كبيرا على أنواع الفسيخ المختلفة والملوحة، ويبدأ سعر الملوحة من 5 جنية فأكثر فيما تقوم بعض ربات البيوت بشراء الأسماك طازجة وتمليحها في البيت خوفا من الإصابة بالتسمم. وتقول سحر عبده ربة منزل: أننا تعودنا على تناول الملوحة في موسم شم النسيم قائلة "إحنا بناكل وسايبنها على الله" مطالبة بالإشراف الطبي والتفتيش من رجال التموين على كافة الفسخانية، منعا لحدوث حالات تسمم. وتقول سلوى محمود موظفة "أنا لا آكل الملوحة نهائيا لأنها غير آمنة ونسبة كبيرة منها فاسدة وأضرارها الصحية كثيرة وأهلي يسمعون تحذيرات كثيرة بشأن تناول الملوحة ولكن يحرصون على تناولها باستمرار حتى بعيدا عن شم النسيم". ويقول محمد أبو المجد، فسخاني، إن "الملوحة" هي الوجبة الوحيدة المفضلة التي لا يستغنى عنها أبناء الصعيد حيث يقبل عليها المواطنون نظرا لانخفاض أسعارها، مشيرا إلى أنه يتم تنظيف هذا النوع من السمك من أنواع كلب النيل ويتم إخلاء بطنه وتنشيفه وتيبيسه وتمليحه بالطريقة التي يصير معها ملوحة ثم يعبأ في صفائح ويترك حتى يصير الملح ويعرف من أسنانه إذا كان جيدًا أو غير جيد مشيرا إلى أن بعض التجار لا يحافظون على تخزين الملوحة ويستعجلونها ما يعرضها للهواء بشكل مباشر ويضطر بعضهم لبيعها للمواطنين وقد تصيبهم بالتسمم. وتقول سامية عوض الله، ربة منزل، إن طريقة تحضير الملوحة تتفق مع الفسيخ والسردين، حيث يتم تنظيف الأسماك جيدا وتقطيعها قطعا صغيرة ووضعها في إناء نظيف ثم نقوم بخلطها في الخلاط مع الطحينة والطماطم المقطعة والخل والكمون والشطة ويتم خلطهم مع بعض جيدا ثم يضاف عليه في النهاية الليمون والزيت والفلفل. وأضافت أنه يتم تقديم هذه الأطباق وإلى جانبها طبق بصل أخضر وخس، كما يفضل شرب الشاي الأخضر أو النعناع، وينبغي تجنب المشروبات الباردة، وخصوصا الغازية حتى لا تؤذي القولون. ومن جانبها حذرت الدكتورة ناهد محمد أحمد، وكيل وزارة الصحة بالأقصر الأشخاص ممن يعانون من ارتفاع ضغط الدم وكذلك مرضى الفشل الكلوي والكبد من تناول تلك الوجبات مما قد يؤثر سلبًا على حياتهم، موضحة أن أعراض الملوحة الفاسدة تظهر من يوم إلى أسبوع وأعراضها مشابهة للنزلات المعوية البكتيرية، حيث يعجز المريض عن التنفس الطبيعي، مشددًا على أنه حال ظهور أي من هذه الأعراض يجب اللجوء إلى أقرب مستشفى. وكانت وزارة الصحة قد حذرت المواطنين من كافة الأسماك المملحة قائلة إنها تتسبب في العديد من الأمراض وتؤدي أحيانًا إلى الشلل والوفاة لأن هذه الأنواع يوجد بها ميكروبات عديدة والتي غالبا ما تؤدى إلى أمراض مثل الإسهال والقيء وألم في البطن كما يوجد بداخلها أيضًا مادة "البوتيولزم" السامة التي سرعان ما تؤثر على الجهاز العصبي.