محافظ أسيوط يعلن عن انطلاق فاعليات اليوم الأول للحملة التوعوية لدودة الحشد الخريفية    عاجل- استشهاد 13 فلسطينيًا وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على جباليا وخان يونس وغزة    بيولي محبط بعد غياب النصر عن دوري أبطال آسيا    الأرصاد تدعو المواطنين لشرب الماء والسوائل الباردة والابتعاد عن أشعة الشمس المباشرة    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق محل حلويات في السيدة زينب    افتتاح معرض "حواديت مصرية" في مركز كرمة بن هانئ الإثنين المقبل    موقف الزمالك من التعاقد مع لاعبين بدوري المحترفين    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    20 نصيحة وقائية و5 إرشادات للاستحمام في حمامات السباحة    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    ضبط 39.8 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    رئيس تنمية المشروعات: نحرص على إعداد جيل واعد من الأطفال لصغار رواد الأعمال    «لن نصمت أمام الكارثة التي تحدث أمام أعيننا».. 7 دول أوروبية تطالب برفع الحصار عن غزة    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    «رئيس بحوث الإلكترونيات»: تمكين المرأة في العلوم والتكنولوجيا أصبح ضرورة    متهمو "خلية داعش الهرم" أمام القضاء اليوم (تفاصيل)    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    وزارة التعليم تحدد سن التقدم للصف الأول الابتدائى.. يبدأ من 6 سنوات    "من زفّة إلى جنازة".. شقيق يُضحي بحياته لإنقاذ عريس قبل أيام من فرحه في البحيرة    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    بث مباشر.. انطلاق أعمال القمة العربية ال 34 بمشاركة الرئيس السيسى    منال سلامة عن الزعيم في عيد ميلاده: " عادل إمام من مدرسة فؤاد المهندس ومدبولي"    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    هل طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي ملزمون برد «التابلت» بعد الدراسة؟.. الوزارة تجيب    بحضور وزير الصحة.. بدء احتفالية اليوم العالمي للطبيب البيطري    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    السكة الحديد تعلن مواعيد حجز تذاكر القطارات خلال عطلة عيد الأضحى    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    مسئول أممي: الأمم المتحدة لديها القدرة لتقديم المساعدات في غزة    لا للتصريح الأمني.. نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 بقانون الصحافة    متحدث حكومة العراق: فلسطين محور قمة بغداد والزعماء العرب مجمعون على دعم غزة    رئيس الوزراء يستمع لشرح تفصيلى حول التشغيل التجريبى للأتوبيس الترددى    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    لو مريض سكر وضغط.. 11 خطوة تجنبك أي مضاعفات فى الموجة الحارة    فيفا يحسم قضية بوبيندزا والزمالك    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    قصر العينى تحتفل بمرور 80 عاما على تأسيس قسم جراحة المسالك    اليوم، انقطاع مياه الشرب عن مدينة الفيوم بالكامل لمدة 6 ساعات    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    ريفيرو يبدي إعجابه بثنائي الأهلي.. ويكشف عن رأيه في الشناوي (تفاصيل)    "فن وإبداع".. معرض فني نتاج ورش قصور الثقافة بالمنيا    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    «أنقذوا الإسماعيلي».. كبير مشجعي الدراويش: أغمي عليا والهبوط بالنسبة لي صدمة عمري    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    انطلاق الدورة الثانية لمهرجان SITFY-POLAND للمونودراما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغجر.. شعوب الرّحالة
نشر في البوابة يوم 09 - 04 - 2015

يحتفل العالم في الثامن من أبريل كل عام بيوم الغجر، وهو اليوم الذي تم إعلانه عام 1990 في بولندا للحفاظ على ثقافة الغجر كجزء من التاريخ الإنساني؛ فهي الفئة التي انتشرت في العالم القديم منذ القرون الوسطى، وتميزت باختلافها وسحرها.
توجد آراء مختلفة بشأن تاريخ الغجر وأصولهم، ولكن الرأي الشائع أنهم أصلًا من شعوب الهند وإيران ومناطق وسط وجنوب آسيا، وهاجروا من أراضيهم في نحو القرن الرابع الميلادي، وفي أواسط القرن الخامس عشر وصلوا إلى مناطق المجر وصربيا وباقي بلاد البلقان؛ وبعد ذلك انتشروا في بولندا وروسيا، واستمر انتشارهم إلى أن بلغوا السويد وإنجلترا في القرن السادس عشر الميلادي، كما استوطنوا في إسبانيا بأعداد كبيرة؛ وينقسم الغجر -بشكل أساسي- إلى الرومان الذين استوطنوا أوربا، والدومر الذين استقروا في الشرق الأوسط، بعضهم حافظ على لغة مشتركة، وآخرون لهم ثقافة وتقاليد متشابهة، وحتى أواخر القرن العشرين ظلّت شعوب الغجر تعيش حياة التنقل والترحال.
امتهن الغجر التقاط الطعام والصيد، إضافة إلى خبرتهم في الحيوانات والمعرفة التقليدية بطب الأعشاب؛ واشتهروا في أوروربا بأعمال السرقة والاحتيال، وكان يمُكن تمييزهم بسبب أنماط لبسهم الغريبة ولغتهم الخاصة، فكان النساء يلبسن الملابس الفضفاضة المزركشة، ويتخذن زينة من الحلي المختلفة بشكل كثيف ولافت، ويضعن على آذانهن حلقات كبيرة من الفضة تنعكس عليها أشعة الشمس، مع تزيين الوجه وإسبال الشعر الأسود على جانبيه؛ أما الرجال فكانوا يلبسون الملابس المبهرجة متعددة الألوان إضافة إلى وضع لفافة حول الرقبة.
وكان الغجر يستخدمون في تنقلاتهم المختلفة عربات التي تجرها الحيوانات، وكانوا يعيشون في خيام، أو على ظهور عرباتهم التي كانوا يقومون بتزيينها برسوم مختلفة، وترجع أصول هذه الرسوم إلى أسطورة تحكي أن أحد الغجر قد أحب فتاة، وعند الزواج طلبت منه أن يُزيّن لها بيت الزوجية، فوضع كل ما أمكنه من تصميمات فنية في تلك العربة، ولكن حبيبته أصيبت بداء عضال سبب وفاتها، ما أحزن الفتى فقام برسم وجهين في عربته، الأول لرجل داكن البشرة يمثله هو والآخر لفتاة ذات شعر أحمر تمثل عروسه؛ وسار الناس على العادة، وصاروا يزينون عرباتهم بنفس الطريقة.
يتزوج الغجر في سن مبكرة، ويكون الاحتفال ذا طقوس خاصة، ففي البدء يُعطي الغجري فتاته لفافة عنقه، فإذا ارتدتها فهذا يعني أنها قبلت الزواج به؛ وهناك عادة قفز الزوجين للمكنسة، وعادة أخرى غريبة هي أن يتصافح الزوجان ثم تُكسر قطعة من الخبز وتُسكب عليها قطرات من الدم من إبهاميهما، ثم يأكل كل واحد منهما القطعة التي فيها دم الآخر، ويُكسر ما تبقى من قطعة الرغيف على رءوسهما، وبعدها يغادران مكان الاحتفال، ولا يحضران إلا في اليوم التالي للمشاركة في الغناء والرقص؛ والطلاق نادر الحدوث بين الغجر.
الوفاة لدى الغجر لها طقوس أخرى، فعند وفاة أحد الغجر تُحرق عربته، وفي الأوقات العصيبة يقومون ببناء خيمة وتدميرها بدلًا من إحراق العربة، وقبل دفن المتوفى لا يتناول الجميع الطعام أو الشراب، ويقوم ثلاثة رجال بحراسة المتوفى من الأرواح الشريرة، ويكون الكفن واسعًا لاحتواء ممُتلكات المتوفى إلى جانبه، ويقومون بإلباسه أحسن الأزياء لديه، أما المرأة فتُدفن معها جميع ممتلكاتها الثمينة، إلا في حالة أن يكون لديها بنات من دم غجري خالص، عندها يرثن تلك الممتلكات.
يعتقد الغجر أن الإنسان خُلِق من أصول ثلاثة، وأن أجداد البشرية ثلاثة رجال أحدهم أسود وهو جد الأفارقة؛ والآخر أبيض وهو جد الأوروبيين وأمثالهم من البيض؛ والأخير هو جد الغجر، ويسمى "كين"، قيل أنه قتل شقيقه فعاقبه الخالق بأن جعله يهيم في الأرض وذريته من بعده، وقيل كذلك أنه أسرف في الخمر وثمل ولم يستطع الدفاع عن المسيح، ورواية ثالثة أنه قد صنع المسمار في الصليب الذي أراد أعداء المسيح صلبه عليه.
يمتهن الغجر ما يخضع لطبيعة حياتهم المتنقلة، فلا يُسمح لهم بامتلاك الأراضي في البلاد التي تؤويهم، وغالبًا تكون تجارتهم في بيع الأحصنة والبغال والحيوانات الأخرى، والتجارة الصغيرة المتنقلة، والصناعات اليدوية كأعمال الفضة والحديد وصياغة الذهب، كذلك لازمتهم الاتهامات بالسرقة وانعدام الأمانة.
تعرض الغجر لممارسات عدوانية من الشعوب المستقرة على مر التاريخ، وتمثّلت الاعتداءات عليهم في الترحيل القسري وعدم الاعتراف بهم كمواطنين في البلدان التي يقيمون فيها، حيث تم ترحيلهم من مناطق عديدة في أوربا، وقد وصلت قمة الكراهية للغجر في الأمر الذي أصدره ملك بروسيا بقتل كل غجري فوق الثامنة عشرة من العمر؛ ثم تعّرض الغجر إلى مُراقبة السلطات في البلدان الأوربية، فقامت بافاريا بإنشاء وزارة مختصة بشئون الغجر، وكانت مركز العداء لكل ما هو غجري في ألمانيا حتى قيام النازية، فصدرت قوانين تُلزم الغجر الذين ليست لديهم مهنة ثابتة في ألمانيا بالعمل القسري، حيث احتلوا مرتبة متدنية في الترتيب العرقي للنازيين، وفي عام 1938 أنشأ هتلر مكتبًا مركزيًا لمكُافحة خطر الغجر، وكانت وظيفته الأساسية فرز الغجر الأنقياء من الغجر المختلطين، وقد تمت العديد من الممارسات العنصرية ضدهم، حتى وصل بهم الحال إلى وضعهم في زرائب ذات سياج كما توضع البهائم؛ ثم أمر هتلر بترحيلهم إلى معسكر أوشفيتز الشهير، وقتل العديد منهم في المعسكرات الأخرى بسبب الجوع والمرض والتعذيب.
أما في مصر، فيرجع وجود الغجر إلى أواسط القرن السادس عشر، وقد اعتُبروا آنذاك غرباء وينقسمون إلى الغجر، والحلب، والنَوَر؛ كما يُطلق عليهم كذلك الهنجرانية، والتتر، والمساليب؛ وارتبطوا تاريخيًا بأسطورة الزير سالم، التي تحكي الصراع الذي دار بين الزير سالم وابن عمه جساس حول رئاسة القبيلة، ويعتقد الغجر أن قائدهم هو جساس، ولذا فهم يدعون أنفسهم "عرب جساس"، ولكنهم لقوا الهزيمة على يد الزير الأقوى، الذي انتصر عليهم بخداعه ثم لعنهم بأن يركبوا الحمير إلى الأبد.
ويعيش الغجر في مصر في تجمعات يضم كل منها عددًا من الأسر، تتراوح أعدادها بين أسرة أو اثنين وبين مئات الأسر، وطابع الغجر المصريين هو الترحال، كما أن هناك بعض التجمعات المستقرة أو شبه المستقرة التي تمارس التنقل الموسمي، وتكون لها "قرى عبور" كما يُطلق عليها، تستقر فيها بعد الترحال بين القرى؛ ولا يلجأ الغجر للقانون، بل يحكمهم مجلس يسمى بمجلس المغارمة، يتولى الفصل في المنازعات، ويتكون من كبير الغجر يعاونه ثلاثة رجال.
ويعمل الغجر في صناعة المناخل من شعر الخيل، عمل المسامير، الرقص الشعبي، تدريب القرود، وأعمال البهلوانات في الموالد؛ وتعمل نساء الغجر في قراءة الطالع، ويقمن بعمل الوشم، ومن أشهر الأعمال التي تمارسها الغجريات الغناء والرقص، ويُطلق عليهن الغوازي، كما تقوم المرأة بالتسول بينما ينتظر الرجل عودتها إلى البيت بالنقود والمؤن، ومن العادات الغجرية التي أوشكت أن تختفي الآن تعدد الزوجات، فحتى وقت قريب مضي كان الغجري يتزوج ثلاث وأربع نساء يقمُن بالإنفاق عليه وأولاده؛ وتقوم جماعة النوَر بوجه خاص بالسرقة بطرق متنوعة.
ولا يُمكن إحصاء الغجر في مصر على وجه التحديد؛ إذ واجهت الصعوبات تعدادهم لأن حُكّام مصر كانوا يجبرون الغجر على دفع ضريبة الرءوس، مما حدا بالغجر إلى الفرار إلى القرى وأطراف الصحراء؛ وهم كذلك شديدو الشك، ولا يرغبون في إظهار جماعة الغجر كجماعة قوية وكثيرة العدد، مما قد يثير أمامها المتاعب، سواء من السُلطة أو السكان المجاورين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.