قال الدكتور أحمد سيكوتوري محمود، سكرتير عام الاتحاد النوعي لجمعيات تطوير النظام الصحي، عضو مجلس إدارة الاتحاد الأفريقي للتغطية الصحية الشاملة، إن مفهوم المنظمات الأهلية في أوروبا نشأ مع نهايات النصف الأول من القرن التاسع عشر وتحديدًا بعد الثورة الفرنسية؛ لتعزيز التعاون المجتمعي في ظل ضعف الحكومات المتعاقبة وقلة مواردها. وأضاف محمود، "تطور المجتمع المدني المصري بعدها بقليل منذ بدايات القرن الماضي؛ حيث تم تسجيل 46 جمعية أهلية ما بين عامي 1900-1966، والآن يوجد ما يزيد على 15154 جمعية أهلية مسجلة، و45000 جمعية غير مسجلة على مستوى الجمهورية تعمل في مختلف المجالات، تمثل أنشطة التوعية الصحية البيئية للجمعيات المسجلة نحو 6٪ من مجالات العمل، كما يمثل تقديم الخدمة الصحية من خلال المراكز والمستوصفات والمستشفيات 3٪ من الأنشطة". واستطرد محمود "من الأنشطة المتعلقة بالدعم الصحي الغير مباشر الإعانة المالية والمساعدات والكفالة الاجتماعية وتمثل ما يزيد على 50٪ من الأنشطة، على أن التعاون فيما بين هذه الهيئات والجمعيات يعاني من ضعف التواصل وعدم وضوح الرؤية والأهداف، ويمثل هذا جانبًا هامًا من التحديات التي تواجهها منظمات المجتمع المدني". وتابع محمود: "إضافةً إلى ذلك، فإن غياب البيانات الأساسية لهذه الهيئات وضعف الامكانات والخبرات الإدارية وخاصة المالية وندرة الكوادر البشرية المدربة في الكثير منها يمثل عبئًا ثقيلًا يجب التعامل معه وتصحيحه حتى يتسنى التصدي للمشكلات المجتمعية بفاعلية تستدعي الإنصات والتعاون التام من المؤسسات الحكومية". ويستند عمل منظمات المجتمع المدني على دعائم أساسية تتمثل في الاستقلالية عن القطاع الحكومي والخاص، والانتماء إلى قيم ومحددات إنسانية هامة مثل التعاون والمساواة والعدالة والشفافية. وهذه الاستقلالية عن القطاعين الحكومي والخاص لا تنفي وجوب التعاون الوثيق وتحقيق التكامل فيما بينها جميعًا للوصول إلى التنمية المجتمعية المرجوة. وتمثل وثيقة الأممالمتحدة للأهداف الإنمائية للألفية والتي وقعت عليها الغالبية العظمي من دول العالم ومن بينها مصر عام 2000 محورًا هامًا لتحقيق نهضة تنموية ومعيارًا لقياس مدى تحقيق هذا التقدم. ونص الدستور المصري المعدل على الحق في الصحة لجميع المواطنين دون تمييز أو مكابدة أعباء مالية للفئة الغير القادرة من المواطنين. كما يمثل مشروع قانون التغطية الصحية الشاملة تطورًا هامًا في إصلاح النظام الصحي المصري يتماشى مع المنظور العالمي للتنمية الصحية والذي تتزعمه منظمة الصحة العالمية. والهدف من هذا ألإتجاه العالمي في التغطية الصحية الشاملة هو تحقيق العدالة والمساواة في اتاحة والحصول على الخدمات الصحية الأساسية ذات جودة لجميع فئات الشعب دون أعباء مالية إضافية تأصيلًا لمبدأ ألحق في الصحة والذي نادت به الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية لأول مرة عام 1948. ومن هنا تنبع أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به منظمات وهيئات ألمجتمع المدني في تدعيم مبادئ التغطية الصحية الشاملة. ويتمحور هذا الدور في عدة مجالات أهمها المشاركة الفاعلة في وضع السياسات الصحية وهذا يتطلب تعاونًا وثيقًا مع الجهات الحكومية. كما تمثل التوعية المجتمعية بالمبادئ الصحية العامة وتعزيز الصحة مجالًا هامًا لعمل المجتمع ألمدني بجانب مجالات تقديم الخدمات الصحية مباشرةً للجمهور من خلال مؤسسات ومراكز طبية غير ربحية، وذلك من خلال منظومة خدمية وطنية متفق عليها. ويتمثل الدور الأكبر المنوط بمنظمات المجتمع المدني في المراقبة الفعالة للمنظومة الصحية والخدمات المقدمة من حيث تحقيق معايير الجودة وإحترام المواطن وحقوقه المنصوص عليها دستوريًا. ويمتد هذا الدور إلى مساعدة وتأهيل الهيئات الحكومية والأهلية للوصول إلى هذه المعايير والحصول على شهادات الإعتماد المطلوبة والمتعارف عليها واللازمة للاستمرار في تقديم الخدمة للمواطنين. كما يتمثل دور هيئات المجتمع المدني في مراقبة الإنفاق الحكومي العام وخاصةً في المجال الصحي والتحقق من شفافيته ومناسبته لمتطلبات المواطنين والفئات الغير قادرة من الشعب، جزءًا لا يتجزأ من الدور الذي تلعبه من أجل التنمية الصحية الشاملة وتطوير القطاع الصحي. وكخطوة أولى على هذا الطريق تم تأسيس الاتحاد النوعي لجمعيات تطوير النظام الصحي في سبتمبر 2014 حتى يتسنى لاعضاؤه التكامل فيما بينها وتوزيع الأدوار المختلفة والتي تتعامل مع المجالات السابق ذكرها من أجل تطوير النظام الصحي وتحقيق صحة أفضل لكل المصريين مما نص عليه الدستور.