المهندس يحرم والدته من النفقة بعدما ربت أولاده الثلاثة في الوقت التي تنتظر فيه كل أم يوم 21 مارس من كل عام لتحتفل مع أبنائها بالعيد حيث تكرم وتشعر بعرفان أبنائها تجاهها، لم تنتظر الأم «جميلة الشناوى»، وهى المرأة الجميلة بالفعل في كلامها وهدوئها برغم مصيبتها، وضحكتها التي لم تفارقها برغم حزنها على جحود ابنها الوحيد، وتركها أسابيع وشهورا، بل وسنوات بلا نفقة في انتظار الحصول على حقها منه بحكم قضائى. الجحود واللامبالاة كان جزاء الحب والتضحية التي قدمتها السيدة العجوز التي أنهكتها سنها وحزنها ومرضها، وتخطت سن ال«80» لابنها الوحيد، ليأتى عيد الأم وهى في محكمة الأسرة في انتظار القاضى الذي ينظر دعوى «النفقة» التي أقامتها ضد ابنها الذي كانت قسوته أقوى من أحلامها. «البوابة» حاورت السيدة الثمانينية «جميلة الشناوى»، التي كانت تجلس في مقر محكمة زنانيرى للأسرة، ممسكة بعصا تتكئ عليها، مرتدية جلبابا أسود، وحجابا طويلا لونه أبيض، تخرج منه بعض سلاسل من شعرها الفضى اللون، ملامح وجهها تعبر عن حزن عميق، وعيناها تسكن فيه كسرة قلبها وهى تنتظر ميعاد دخولها للقاضى، قالت: «للأسف ربيت وكبرت وتعبت وملقيتش أي حنية من ابنى».. بهذه الكلمات بدأت الحاجة «جميلة» تروى حكايتها، وتتابع: «تزوجت وأنا في سن العشرين، وأنجبت ثلاث بنات وولدًا، ومات زوجى، وأنا في سن صغيرة، ولكننى صممت أن أربى وأعلم أبنائى، ليصبحوا نماذج جيدة أفتخر بها في المجتمع، وبالفعل أراد الله أن يحقق أمنيتى، وبحثت عن عمل، واستطعت أن أربى أبنائى تربية جيدة، فإحدى بناتى حاصلة على بكالوريوس تجارة، والثانية ليسانس آداب، والأخيرة ليسانس حقوق، أما ابنى الوحيد فحاصل على بكالوريوس الهندسة، واستطعت أن أزوجهم جميعا». تصمت قليلًا، ثم تقول: «مع تقدم العمر بى وتراجع صحتى توقفت عن العمل، خاصة أننى أديت رسالتى تجاه أبنائى على أكمل وجه، وقلت لنفسى حان الوقت لكى أستريح، ويعوضنى ابنى الوحيد، رجلى وسندى في الحياة، ومرت الأيام وأنجب ابنى ثلاثة أطفال، فقمت بتربيتهم جميعًا، بعد أن تركتهم لى زوجته لانشغالها بوظيفتها، في هذا الوقت كان ينفق ابنى على، ومرت السنوات، وكبر أبناؤه، وقررت زوجته حينها حرمانى منهم، بعد أن وصلوا في تعليمهم إلى مستويات عالية، حرمت على رؤيتهم وحذرتهم من معرفتى أو زيارتى، عاتبت زوجة ابنى كثيرًا ولكن دون جدوى، كما أن ابنى لم يتأثر بما فعلته زوجته، بل وافقها الرأى، وقاطعانى، ومنذ هذا الوقت انقطعت عنى أخبارهم، وامتنع ابنى عن الإنفاق على بالرغم من تدهور صحتى». وتكمل السيدة الثمانينية حديثها، وهى تبكى قائلة: «طلبت منه أكثر من مرة أن أراه أو أرى أحفادى، ولكنه رفض، فطلبت منه أن ينفق على لأننى مريضة وأحتاج لمصاريف دواء كثيرة، فرفض، وقال لى: «مصاريف أبنائى كثيرة»، بالرغم من أنه يعمل مهندسا في شركة بترول شهيرة، والجميع يعلم أنه ميسور الحال، فهو يسكن في فيلا بأحد الأحياء الراقية، ويمتلك هو وزوجته سيارات فارهة، إلا أن أوامر زوجته وجحوده وانقضاء مصالحه معى جعلته أقسى مخلوقات الأرض على، بالرغم من أننى كنت أعتقد أنه السند لى. وبعد فشل المحاولات الودية معه بسبب زوجته، قررت أن أقيم دعوى نفقة عليه في محكمة زنانيرى للأسرة، حتى أستطيع أن أعيش حياة كريمة، وما زالت الدعوى متداولة حتى الآن. من النسخة الورقية