"حروف على طريق الحرير" كان عنوان الندوة التي خصصها المكتب الثقافي المصري، بدولة الكويت، لإلقاء الضوء على أعمال أشرف أبو اليزيد الإبداعية والبحثية. واشار الدكتور نبيل بهجت أن الندوة تقام تحت رعاية السفير المصري عبد الكريم سليمان ولفت الى أن الندوة تأتى للاحتفاء بالشاعر اشرف ابو اليزيد لأنه قامة ادبية وانسانية فريدة بتجربته حيث انطلق فى نتاجه الادبى لتوطد الصِّلة الانسانية بمناطق وثقافات ربما سقطت من ذاكرة البعض، ايمانا منه بأن الانسانية تقوم على التواصل لذا كان أشرف أبو اليزيد واحدا من القلائل الذين اتجهوا شرقا نحو البذور الاولى للفكر الإنساني ، وأشار الى حصول ابو اليزيد على جائزة مانهي المرموقة في كوريا الجنوبية، مؤكدا أن علينا أن نثق بما نمتلك من ثقافة وفكر، ومن مثقفين ومبدعين، وأن نحتفي بمنجزنا الإبداعي المعاش لأنه السبيل الوحيد لنقل صورتنا الحقيقية والمشرقة للعالم. وفي شهادته التي قرأها في الندوة بدأ أشرف أبو اليزيد بعدة أسئلة: "لا أعرفُ متى بدأ عندي الاهتمامُ، ثم الشغفُ، بطريق الحرير؟ هل أردُّه إلى سنواتِ القراءةِ الأولى؛ حين داعبتْ المُخيلةَ سفراتُ تلك الشخصياتِ الخياليةِ؛ بين سندبادٍ بريٍّ وبحريٍّ، وأبطالِ ألفِ ليلةٍ وليلةٍ، وفوارس سير العربِ الشعبية؟ أم هو عشق كتابة التاريخ، الذي صنعه الخيال والواقع معًا، ومن بعدَه غرامُ أدبِ الرحلةِ الذي تعطر بكتابات العرب الأوائل، وصولا إلى أحفادهم في مجلة (العربي) التي ردت الاعتبار لهذا الأدب، قبل أن تتبعها فيه دورياتٌ أخرى، وسلاسلُ كثر؟" ثم استطرد مجيبا: "الاعتقاد أن هذا كله معًا، امتزج بحب السفر، وتتبَّل بمتعة الاكتشاف، لأكون في قلب هذا الدرب التاريخي الأشهر، حتى أسماني الشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح: "السندباد الشاعر"! لكنني لم أر إلى طريق الحرير بأنه مجردُ اقتفاءٍ لأثرِ القوافلِ القديمةِ في عواصم التجارة والثقافة على هذه السككِ التي تشعبت مثل شجرة وافرة الغصون بل رأيته نهجًا جديدًا يُمكن أن يُطبق ليعالج مشكلات شتى. فإذا كُنا أعداءَ ما نجهلُ، فإن الطريقَ الحريرية تعني معرفة الآخر، وتقديم ثقافتِه وحضارتِه، وهذا ما تحوَّل لدي إلى برنامج عمل. وحكلى أشرف أبو اليزيد عن بذور فكرة طريق الحرير لديه: "قبل سنوات، وفي العاصمة الكورية الجنوبية، وبأحد مؤتمرات جمعية الصحفيين الآسيويين، التي أرأسها هذه الدورة، دعوتُ إلى إنشاء طريق حرير إعلامي، من أجل محاربة الإرهاب، لأنني موقن بأن طريق الحرير التاريخي الذي بدأ بريا، وانتهى به المطاف في سماء الشبكة العنكبوتية، قد ساعد على ربط الدول والأفراد، لما يربو على 16 قرنا، مشيعًا الأمن بين أرجاء أسواقه، والأمان في أركان ممالكه، والازدهار في أقصاء أنحائه، لذلك فإن طريقا حريريا جديدًا جديرٌ بأن ينشأ لمواجهة هذا الإرهاب، بعيدًا عن سوء المصطلح الذي لونه ولوثه الغرب إعلاميا كما شاء. علينا أن ندرس الآخر ونعرفه، وأن نتواصل معه ونتصل به، وأن نستمع إلى المقصيين ونناقش مشكلاتهم، وأن نشيع الفائدة والمتعة من أجل حياة نتشاركها، لا حيوات نضيعها.ولن يأتي ذلك إلا بتأسيس قاعدة معلوماتية لفائدة البحاثة والإعلاميين، وإشاعة الثقافة التي تهتم بالآخر وحضارته، وفتح نوافذ الإعلام لهواء جديد، ونسيم متجدد، وشرْع الأبواب لأدب مغاير وأصوات تفصح عن غد فاعل، لمستقبل مشترك". وعدد أشرف أبو اليزيد الأعمال التي ارتبطت بهذا النهج:" موسوعتي الثقافية المصورة، التي صدرت عن مكتبة الإسكندرية وحملت اسم : طريق الحرير، جاءت في هذا السياق التعريفي الذي يقدم مرجعا عربيا يضم المدن والمعالم التي وصل إليها أو عبر بها طريق الحرير، والآداب والفنون التي اشتهرت بأرجاء هذه المقاصد، مع إشارات للممالك والأعلام التي عرفت تحت سماواته. ثم قدمتُ في برنامجي التلفزيوني (الآخر) أيقونات الثقافات غير العربية للمشاهدين العرب، وكثيرهم من آسيا، وكانت كل حلقة من هذه الحلقات درسا لي، قبل أن تكون نافذة تعريفية للجمهور، أتعلم من ضيوفها وثقافات أممهم الكثيرَ والمدهش. كما قدمت للأطفال مغامرات "ماجد على طريق الحرير" التي نشرت مسلسلة أسبوعيا لمدة 4 سنوات، تُعرِّف جيلنا الجديد على الآخر، ليدرك أن هناك من يعيشون على هذا الكوكب وهم بحاجة إلى فهمهم، وتقدير حضاراتهم، وتاريخهم، وتبادل الاحترام معهم. لكن هذه الحروف على طريق الحرير لم تكن بحثية أو إعلامية وحسب، بل ساهمت بها إبداعيا، فترجمتُ لشعراء وأدباء من كوريا والهندوالصين وتتارستان، مقدما إياهم إلى المكتبة العربية، للكبار والصغار. كذلك كانت روايتي "حديقة خلفية" استلهاما في بعض فصولها من رحلاتي في الهند. وإلى لغات طريق الحرير ترجمت بعض أعمالي، فظهرت شعرًا بالفارسية والتركية والروسية، ورواية بالكورية. واختتم أبو اليزيد شهادته بقوله "ما أريد إيجازه هو أن طريق الحرير لم يعد تاريخا يتجمد عند زاوية البحث، بل أصبح منهاجا، أجده معالجا لمشكلات شخصية وأممية، حضارية وثقافية. وما دعوة خمسين دولة على رأسها الصين وروسيا، لإعادة إحياء هذا الطريق، برا وبحرا بل وعبر السكك الحديدية، إلا ليقين بأنه أهم آليات معالجة مشكلات العالم الاقتصادية والمجتمعية