جاءت اعترافات العمال الشرفاء لتكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير في مصنع تعبئة البوتاجاز بالطود "الأقصر"، ذلك المصنع الذي لاحقته عدسات "البوابة نيوز" وجمعت له وابلًا من المستندات والملفات التي تؤكد تلاعب القائمين عليه والسرقة في الأوزان. ولأن رجال الصعيد تميزوا بالرجولة والشهامة والضمير الحي رفض 5 من عمال المصنع الاشتراك في جريمة سرقة الأنابيب وتعبئة أخرى لا تصلح للاستخدام، خوفًا من عقاب الله، لذا لاحقتهم إدارة المصنع بإلصاق التهم وتحرير المحاضر الكيدية والنقل التعسفي من أقصى اليمين إلى اليسار انتهاء بالفصل، كوسيلة ردع بعد مخالفة أوامرهم. "البوابة نيوز" التقت بالعمال وسجلت اعترافاتهم بالصوت والصورة ورسالة لوزيرة القوى العاملة بسرعة التدخل لعودة العمال إلى مواقعهم ومكافأتهم بدلا من العقاب. خليل محمد خليل 45 عامًا، من الضحايا المفصولين، تم نقله تعسفيًا من الصعيد إلى محافظة القليوبية، قبل أن يفصل نهائيًا من قبل إدارة المصنع، وذلك لامتناعه عن تنفيذ الأوامر وتعبئة الأسطوانات بشكل مخالف تشوبه السرقة والنصب على المواطن المطحون، وهي بمثابة رسالة ترهيب لكل عامل شريف يحاول أن يقف في وجه الفساد حتى يخاف غيره ويلتزم الصمت. خليل محمد اقتنع بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس لذا قرر فضح مصنعه وقال: "المصنع بيعبي أنابيب ناقصة في الوزن، حيث إن الوزن الطبيعي الرسمي للأنبوبة لا بد وأن يكون 31 كيلو منها 18، 5 كيلو أنبوبة و12، 5 حجم الغاز، وهو ما لا يحدث حيث إن القائمين على الإنتاج يأمرون العمال بتعبئة الأنبوبة من 27 -29 كيلو، أولا عن آخر وأن الأوزان المسروقة تتم تعبئة أنابيب أخرى بها وبيعها "منفذ" السريحة بسعر السوق السوداء. واستنكر العامل ممارسة الجهات الرقابية التي تقوم بإبلاغ المصنع قبل التفتيش عليه، حتى لا تثبت ضد إدارته أي مخالفات، مؤكدًا أن هناك الكثير من رؤساء اللجان تأتي وتجد مخالفات ومع ذلك تكتب في تقاريرها لا توجد مخالفات. وأضاف خليل أن "الإنتاج الطبيعي للمصنع يوميا نحو 12 ألف انبوبة لأن ما يدخل للمصنع هو 140 طنا على أساس أن الانبوبة تصل ل31 كيلو، أما الإنتاج الفعلي فيبلغ 15 ألف انبوبة أي أن هناك 3000 انبوبة زيادة، والسؤال من أين التعبئة إذا لم يكن هناك سرقة في الوزن؟". ويستطرد العامل حديثه قائلا: وكيل وزارة التموين في الأقصر المهندس مدحت جعفر خرج علينا في برنامج مانشيت واعترف أن مصنع تعبئة البوتاجاز لا يوجد به أي مخالفات وان الطاقة الإنتاجية للمصنع 15 ألف انبوبة وهو ما يؤكد ما نقوله بأن هناك سرقة في الوزن وهو أيضا اعتراف من المسئول الذي اوقعه الله في الخطأ ليكشف الحقائق. أما أحمد رضوان 37 سنه، الذي يعول اسرة مكونة من زوجة و5 أطفال فلقي نفس المصير وتم فصله تعسفيا نتيجة رفضه للسكوت على السرقات حيث قال: تعنتت الإدارة معي بعد حديثي عن حرمة السرقة وخوفي من ادخال قرش حرام على ولادي ففصلوني موضحا أن عقد عمله كان من المحافظة وان المستثمر سعد الدين استأجر المصنع بإدارته ولكن القانون يمنعه من فصل أي تعاقد عمل تم بين العامل والمحافظة ولذلك فقد فصلوني. واتهم رضوان مديرية القوى العاملة بالأقصر برئاسة عبد ربه حسن، بالتواطؤ مع رجل الأعمال واهدار حقوق العمال والوقوف إلى جانب الإدارة على حساب العمال. واستغاث العاملون بوزيرة القوى العاملة الدكتورة ناهد عشري لوقف الانتهاكات ضد العمال بمصنع الطود واتخاذ الإجراءات الأزمة لاعفاء مدير المديرية من منصبه حيث إنه اساء لعمل الوزارة بانحيازه لرجل الأعمال وتوبيخه للعمال وطردهم من مكتبه. فيما طالب فتحي حسن من سكان مركز الطود، الكائن بها المصنع، بعودة المصنع لقواعده القديمة وان يعود ملكا بالكامل للمحافظة لأن الانبوبة سلعة تموينية وهي روح الفقراء، مشيرا إلى أن أهالي الأقصر جميعا يطالبون المحافظ بإلغاء فكرة تأجير المصنع لمستثمر مرة أخرى، وناشد الحاج محمد محافظ الأقصر بعودة حقوق الضحايا الشهداء الاربع الذين لقوا حتفهم اثر انفجار انبوبة المصنع بهم. ووجه صلاح محمود رسالته لرئيس الجمهورية المشير عبدالفتاح السيسي للتدخل شخصيا وفسخ عقد مصنع البوتاجاز وعودته للمحافظة ومحاسبة رجل الأعمال وكل من عاونه على اهدار المال العام وازهاق أرواح شباب الأقصر من بينهم شهيد مجند كان العائل الوحيد لأسرته، حتى تتوقف الانفجارات والحرائق التي يستيقظ عليها سكان القرى والنجوع بمحافظة الأقصر. يذكر أن وكيل الوزارة عبد ربه حسن قام بطرد محررة "البوابة نيوز" من مكتبه وقال لها "من حق صاحب العمل ينقل ويفصل ويعمل اللى هو عاوزه روحي غيري القانون أو خلي المحافظه تحل انا ليس لي دخل بالموضوع".
