رغم أن مسلسل الفساد ممتد الحلقات، إلا أنه عندما يتعلق الأمر باستقرار وحياة الفقراء فلابد من التدخل الفوري والضرب بيد من حديد خصوصا وأن الانتهاك هذه المرة من رجل أعمال ظن أنه ملك الأخضر واليابس بنفوذه وملياراته بعدما تحكم في أهم السلع التموينية والأكثر خطورة وهي "أنبوبة البوتاجاز" حينما استأجر المستثمر مصنع تعبئة البوتاجاز بالطود – الأقصر، من المحافظة على أن يتولي إدارة المصنع حتى عام 2017 شريطة التطوير والاستخدام الآلي في التعبئة والإشراف على الأسطوانات للمصنع الذي يغذي محافظة بأكملها، فإذا برجل الأعمال الشهير رئيس جمعية مستثمري الغاز يتلاعب في الأوزان ويعيد تعبئة أسطوانات صدر لها أمر تشريك، محاضر تحرر بمخالفات لا حصر لها وعلى الفور تحفظ شكاوى لا عدد لها لم يلتفت لها طيلة سنوات، صرخات وحرائق ووفيات كل يوم تلتهم ارواح أهالي الأقصر ولا أحد يستجيب حتى انتفض محافظ الأقصر ليعلن غضبته ويثأر للضحايا والأبرياء ويتوعد بفسخ عقد الشراكة بين المحافظة والرجل الأخطبوط بعد جولة قامت بها البوابة نيوز كشفت فيها النقاب عن سلسلة فساد مالي وإداري وأخلاقي للقائمين على المصنع. بعد نشر "البوابة نيوز" لمستندات فساد تدين المستثمر وادارته وتثبت أن هناك تلاعبا وسرقة في الأوزان وتعبئة أسطوانات لا تصلح للاستخدام وفقدان 4 شباب راحوا ضحية انفجار أنبوبة مشركة إلى جانب الحريق الذي شب في المصنع وتهديد العمال الشرفاء الذين رفضوا الاشتراك في السرقات، وبيع أسطوانات في السوق السوداء بدون فواتير والتلاعب في الأسعار فضلا عن المديونيات للمحافظة التي تعدت 2 مليون جنيه وتعطيل حوض الأمان المنوط به اختبار صلاحية وأمان الأنبوبة، كانت جولة صحفية البوابة نيوز في محافظة الأقصر لتجميع كل تلك المستندات وتقديمها لمحافظ الأقصر وجهاز الحماية المدنية والرقابة الإدارية والسلامة ومديرية القوى العاملة والعديد من الجهات التي استجابت على الفور وتابعت معنا الموقف. في البداية وبعد أن صرحت إدارة مصنع البوتاجاز، بأن المصنع لا يقوم ببيع الأسطوانات للأهالي على الإطلاق وأنه فقط يقوم بتوريد الحصص المطلوبة للجهات الرسمية والمتعاقد معها، لذا بدأت رحلة محررة "البوابة نيوز" بالتخفي في زي قروي واستئجار توك توك وحمل أنبوبة بوتاجاز فارغة والذهاب بها للمصنع وطلب تعبئتها من المصنع، وبالفعل طلبت المحررة من رجال الأمن الدخول للمصنع لتغيير الأنبوبة فرفضوا وخرج شخص يدعى محمد حسان محمود وقام بتغيير الأنبوبة مقابل مبلغ 10 جنيهات وضعها في جيبه مع العلم أن سعر الأنبوبة الرسمي من المصنع "6" جنيهات فقط، وبالسؤال عن محمد حسان علمت المحررة أنه مدير الإنتاج!. وأثناء إحضار الأنبوبة طلبت المحررة من الأمن كوب من الماء لتلتقط أنفاسها من المشوار واستأذنتهم في الدخول للشرب من الكولدير الداخلى بالمصنع وهو كولدير مقابل لخط السير الذي يحمل الأنابيب ويعيدها لحوض الأمان الذي يقوم بالكشف على الأنبوبة ويتأكد من سلامتها، وبعد أن وافق حسان وأثناء التصوير قامت المحررة بتصوير الأنابيب على خط السير ولاحظت كارثة وهي أن الأسطوانات لا تمر على حوض الأمان وأنه معطل تماما وهو ما يعنى أن الأنابيب تعد قنابل موقوته من المتوقع أن تنفجر في أية لحظة. ارتاب رجال الأمن الموجودون على البوابة حالة من الشك في المحررة ما جعلهم يسارعون بإطلاق مراقبين عبر موتوسيكلات لمتابعة التوكتوك الذي يستقل المحررة حتى استطاعت محررة البوابة نيوز مراوغة رجال المصنع والدخول لأحد منازل قرية العديسات وتغيير ملابسها القروية بالترتيب مع بعض الشرفاء من قرية العديسات الذين تولوا رحلة عودة الصحفية بسلام لمقرها في الأقصر. جدير بالذكر أن هناك رجالا من القوات المسلحة أبدوا تعاونهم الكامل مع الصحفية وقاموا بتوفير مجند لمرافقتها في جولاتها حفاظا على أمنها وسلامتها. ارتاب رجال الأمن بالمصنع حالة من الشك عندما دخلت الصحفية لشرب الماء وغابت بعض الوقت لذا سارعوا بالتحقيق مع السائق: من أين جئت بهذه الفتاة ومن أي عائلة هي وما اسم القرية التي ركبت منها وهل أخذتها من أمام بيتها أم أنك على صلة بها ما جعل السائق يقول لا أعلم عنها شيء هي مجرد زبونة وقفتنى من على أول الشارع. عادت المحررة وتابع مدير الإنتاج أسئلته معها: ما أسمك ومن أي بيت أنت، ما جعلها تنصرف وتقول "هما الصعايدة بيعاكسوا إخواتهم " حتى شعروا بالحرج من قولها فقامت بالإسراع في الركوب والانصراف من أمام المصنع، لكن رجال الأمن أصروا على المراقبة بإخراج عاملين لتتبع التوك توك،الأول كان يركب موتوسيكل والآخر خرج بموتوسيكل يحمل صندوق حديدي به أنابيب وظلت المراقبة حتى اضطرت هي والسائق للاختباء في قرية تسمي العديسات عندها قمنا بتغيير ملابسنا القروية ووزن الأنبوبة التي لم تتع 28 كيلو مما يؤكد السرقة، إلى جانب عدم وجود طبة المحبس التي لابد أن تتوافر على الأنبوبة، بعدها قمنا بالتسجيل مع الأهالي لمعرفة حقيقة الأنابيب الملغومة وحالات الوفيات وأهالي الضحايا وجمع كل المستندات التي تثبت سيل من الانتهاكات القانونية والمالية وتقديمها للمحافظ الذي رسم خطته للهجوم على المصنع وإدارته وضبط المخالفات. وهذا ما سنعرضه في الحلقة المقبلة.