سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اليوم الثاني للملتقى الدولي للرواية العربية.. "حجازي": العلاقة بين التاريخ والأدب جدلية.. "عزوز": "شوق الدرويش" توضح علاقة الشرق بالغرب.. و"لينا": "ألف ليلة وليلة" مازالت تطل علينا
قدم الناقد الأدبي الدكتور عبد الرحمن حجازي ورقة بحثية بعنوان "الرواية التاريخية عند سلوى بكر وحمور زيادة"، على هامش فعاليات ملتقي الرواية العربية في دورته السادسة بعنوان "تحولات وجماليات الشكل الروائي"، دورة فتحي غانم. وأكد حجازي، أن المادة التاريخية كما بنيت من قبل المؤرخين الأصليين، تختلف عن قصد الروائي الذي لا يبحث عن حقيقة جديدة للتاريخ، بل ينطلق مما انتهى إليه المؤرخ، لكي يصوغ الدلالة التي يود تشكيلها. وبفضل الاختلاف في خصوصيات المرجعيين، تستطيع الرواية التاريخية أن تضيف إلى الأحداث ما تشاء، وأن تحذف ما تشاء، لأن الرواية التاريخية لا تكتب بمقدار الوفاء للتاريخ، وتابع حجازي فرواية "شوق الدرويش" للروائي السوداني حمور زيادة تدور أحداثها في خضم الثورة المهدية عام 1885_1899 التي قامت بها السودان بزعامة "محمد أحمد المهدي"، ردا على مظالم الحكم التركي المصري وقتها، استخدم الكاتب تقنية الوصف بسردية شيقة، حيث ترصد الرواية أحداث تلك الثورة من خلال العبد "بخيت منديل"، بكل ما فيها بصور التطرف الديني والإرهاب الفكري والأيديولوجي. وتابع حجازي: "أنه لا شك أن المؤرخ مهما كانت الحقبة التي يحاول التأريخ لها، يُفرض عليه الاستناد إلى الأحداث الواقعية، ولا يعني هذا مصادرة حقه في مواكبة الأحداث بالتعليق الذي يرضي توجهاته الفكرية والسياسية". ولفت حجازي إلى أن المحاكمة الحقيقية التي يتعرض لها المؤرخ تستند إلى معيار صدق أو كذب الوقائع التي يسردها المؤرخ قياسًا إلى ما وقع بالفعل وفق الشواهد. وأوضح حجازي، أنه لا شك أن العلاقة بين الأدب والتاريخ علاقة جدلية، وأن النص الذي يوظف التاريخ له جانبان أحدهما تاريخي، والثاني أدبي، وعلى سبيل المثال اتعتمد رواية "كوكو سودان كباشي"، للروائية سلوى بكر على واقعة تاريخية في التاريخ المصري الحديث قلما تحدثت عنها كتب التاريخ، وهي الحرب الأهلية المكسيكية، والتي حارب فيها جنود من المصريين والسودانيين خلال الفترة من 1863 إلى 1867، ورواية "كوكو سودان كباشي" تسرد أوراق الشيخ عثمان تاريخ الأورطة المصرية السودانية، التي أرسلها الخديوي سعيد لتحارب في المكسيك بناء على طلب الفرنسيين الذين لم تتمكن قواتهم من الصمود هناك لسوء الطقس وانتشار الأوبئة وقسوة البيئة، وهذه الأوراق إضافة إلى المتعة السردية التي تقدمها الرواية، فإنها تحمل الكثير من الدلالات الأخرى التي تشكل العصب الرئيسي لرؤية الكاتبة. كما قدم الناقد الدكتور عزوز على إسماعيل ورقة بحثية بعنوان "التراث والمتخيل السردي عند حمور زيادة"، وقدمت الروائية السورية لينا الحسن رقة بحثية بعنوان "الرواية والتراث". وأكد إسماعيل، أن رواية "شوق الدرويش" للروائي السوداني حمور زيادة، محاولة لشرح القضية التاريخية بين الشرق والغرب، حيث تعرض في الرواية لفكرة قهر الحكم التركي للشعب السوداني، بكتابة حميمية مسرودة على لسان بطل الرواية "بخيت منديل"، الذي حاول أن يثبت طوال السرد أن الشوق هو الذي يسكن القلب ثم يأتي بعد ذلك الحب. ولفت إسماعيل إلى أن الروائي حمور زيادة كتب روايته "شوق الدرويش" وعينه على التاريخ، وأسقط شخصية "ثيدور" حبيبة العبد بخيت منديل على حواء، مع اختلاف كون "ثيدور" مبشرة مسيحية. وقالت الروائية السورية لينا الحسن، إن الرواية بشكل عام دائمة الاستفادة من الموروث الثقافي والاجتماعي، والسياسي، ويعد تراث الأمم خلفية دائمة الحضور في ذاكرة الروائي، ولا يمكن بشكل أو بآخر تجاهل التاريخ. وأضافت "الحسن"، أن الرواية العربية متأثرة على سبيل المثال "بألف ليلة وليلة" السردية التي اعتمدت الرواية العربية على فهم فنيات وتقنيات السرد من خلالها، والحكي وصناعة الأسطورة، ولأنها كانت محكمة مازالت تطل برأسها بين الحين والآخر، ولا يمكن إنكار أن الرواية العربية دائمة التوجه إلى أجواء سردية مغايرة، على مستوى السرد، والحكي، وصناعة الصورة، ومع تطور الرواية، أصبح الموروث الثقافي الجمعي الآن أرضية واحدة تقف عليها الرواية الحديثة.