بعد نحو خمس سنوات على تجميد أنشطتها في مبادرة دول حوض النيل -بسبب توقيع دول الحوض على الاتفاقية الإطارية (عنتيبى) التي تدعو لإعادة تقسيم حصص مياه النيل- نجحت السودان في جمع مصر مع نظرائها التسعة في مبادرة دول حوض النيل، إلى اجتماع "استثنائى" أو فوق العادة بالعاصمة السودانية الخرطوم، حيث تترقب دول "مبادرة حوض النيل" عودة الشقيقة الكبرى مصر في اعقاب هذا المؤتمر، الذي كان مقررا له أن يستمر لمدة يومين بجدول أعمال يركز بصفة أساسية على نقاط الخلاف في الإطار القانونى للمبادرة. فاجأ رئيس المؤتمر السفير معتز موسى وزير الكهرباء والرى السودانى بتأجيل الاجتماع الاستثنائى بعد انعقاده بدقائق واستبداله باحتفالية خطابية بعودة مصر إلى أشقائها في المبادرة والتأكيد على ضرورة لم الشمل بوصفه "الحل السحرى" الوحيد لكافة قضايا الخلاف العالقة بين دول الحوض التي تضم كلا من مصر، السودان، أوغندا، إثيوبيا، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كنيا، اريتريا. دوت قاعة المؤتمر بالتصفيق فور إعلان الوزير السودانى عن وجود مصر ممثلة في دكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى، الذي تربطه في حقيقة الأمر علاقات صداقة متينة وتعاون مثمر مع كل وزير من نظرائه التسعة الأعضاء في المبادرة! وجدت مصر نفسها مجددا في موقع المسئولية للاستجابة لدعوة الاشقاء للعودة الكاملة تدريجيا إلى انشطة المبادرة، دون أن تتنازل عن تحفظاتها على الإطار القانونى للمبادرة أو الاتفاقية الإطارية "عنتيبى"، ودون أن تتخذ قرارا بالعودة! كما وجدت مصر نفسها في موقع المسئولية عندما فجر وزير الرى قضية "نقص التمويل بصندوق مبادرة حوض النيل" الذي انتهت مدته بنهاية ديسمبر 2014، محذرا من أن النقص في التمويل من شركاء التنمية سوف يؤدى إلى الحد الأدنى من التشغيل بالنسبة لسكرتارية المبادرة، بما يدعونا إلى اعادة تقببم الموقف الحالى. ويتساءل المراقبون: هل يتعين على مصر –إن استجابت لنداء العودة– أن تدفع الثمن مباشرة بتدبير الأموال اللازمة لسد النقص في تمويل صندوق مبادرة دول حوض النيل قبل أن يغلق؟ يذكر أن الأسباب المباشرة للعجز في الصندوق هي عدم سداد الدول الأعضاء لالتزاماتها المالية، فهل كانت دول الحوض في انتظار عودة مصر بعد 5 سنوات لكى تدفع كل هذه الأموال نيابة عنها؟ وما هو المقابل؟ وزير الكهرباء والمياه السودانى السفير معتز موسى نصح مصر أكثرة من مرة بضرورة العودة إلى أنشطة المبادرة بوصفها عضو أساسى وهام، ولأن المبادرة تتيح لمصر فرصة أفضل لعرض شواغلها والبحث مع الأشقاء عن حلول لها. مصر من جانبها وعلى لسان وزير الموارد المائية والرى حسام مغازي، أكدت انها تعيد تقييم الموقف في ظل التطورات على الساحة، ومدى تجاوب دول الحوض مع التحديات المائية التي تواجهها مصر في الحاضر والمستقبل، ومن منطلق ضرورة الحفاظ على جماعية وشمولية تحرك دول حوض النيل في إطار رؤية مشتركة واحدة من أجل تحقيق الرفاهية لكل شعوب حوض النيل. وحث وزير الموارد المائية نظراءه الافارقة بدول حوض النيل على تبنى أفكار جديدة تساهم في حل الموضوعات الخلافية من أجل التحرك إلى الأمام بشكل جماعى وتشجيع المانحين وشركاء التنمية لاستئناف دعمهم لمبادرة حوض النيل. وترى مصر أن المبادرة كانت منذ إنشائها عام 1999 الجهة المسئولة عن تقوية وتدعيم التعاون بين دول حوض النيل، ومن هذا المنطلق فإن مصر تتطلع إلى الحكمة والنوايا الطيبة لإعطاء أولوية لروح التعاون والتفكير في الحلول الممكنة لمواجهة التحدبات القائمة، وعدم التسبب في احداث الضرر من خلال مسارات التعاون الاقليمى والثنائى. مصر أثبتت حسن النية وقدمت يد العون ومازالت عبر اتفاقيات التعاون الثنائى التي تربطها بكل دولة من دول الحوض – على حدة – ووفائها بتعهداتها والتزاماتها وبقى على دول الحوض أن تستجيب للمطالب المصرية وان تفى بالتزاماتها حتى تعود دول الحوض إلى مصر وتعود مصر إلى دول الحوض.