كان المخطط الغربي للسيطرة على المنطقة العربية وتحديدا دول الخليج واحدا منذ البداية، يمكن أن تتغير الأساليب المتبعة لتحقيقه لكن الهدف واحد في النهاية، وهو إخضاع المنطقة الخليجية والعربية لسيطرة التحالف الغربي- الإيراني، بعد الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تنازلات غربية غير مسبوقة في هذا الشأن. قبل 2011 كان المخطط هو تحريك ثورات مزعومة في دول المنطقة تعمل في النهاية على وصول تيارات موالية للغرب في بعض الدول وإيران في دول أخرى، كما هو الحال في البحرين، وكان السيناريو معدا بدقة بحيث أنه في حال فشل الثورة تبقى الجماعات التخريبية كما هي لتمارس تفتيت الدولة وتهيئتها للاحتلال، أو الفوضى التي تفضي في النهاية للاحتلال أيضا، ويتجلى هذا بوضوح في حالة مملكة البحرين، التي فشلت المؤامرة الإيرانية فيها، لكن حراك ما يعرف بالمعارضة المدعومة من إيران كان ما زال موجودا، حتى قضت عليه الانتخابات التي أجريت في نوفمبر الماضي، ليشهد المخطط نهايته بفضل حكمة وقيادة الحكومة البحرينية، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني. لكن على ما يبدو أن الفشل الذريع للمعارضة الشيعية في البحرين لم يكن نهاية المخطط، إذ بدأ المخطط الجديد في الظهور بشكل جديد مع إعلان جماعة أنصار الله "الحوثيين" السيطرة على القصر الرئاسي في صنعاء حيث يمكن القول إن المخطط اليوم صار شاملا ويمس دول المنطقة بأكملها وليس البحرين فقط. المخطط القادم باختصار هو تركيع دول الخليج لعدد من الأهداف أهمها سيطرة أمريكا على منظمة الأوبك لتحكم إدارة سوق النفط العالمي، وهو مخطط يستند إلى عدة أطراف هي الولاياتالمتحدة وبريطانيا وإيران، فبعد سيطرة الحوثيين العدو السابق للسعودية على اليمن، ستعمل قطروإيران على دعم شيعة البحرين بعد إشغال السعودية بهجمات من "داعش" في الشمال و"الحوثيين" من الجنوب حتى لا تستطيع الدفاع عن البحرين، وهو الأمر الذي سيتسبب لا محالة في إغلاق مؤقت لمضيق باب المندب لإجبار مصر على التدخل لمساعدة السعودية ودول الخليج، التي أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي سابقا على أنها خط أحمر، ومن ناحية ثانية للحفاظ على مضيق باب المندب، ليتم توريط مصر ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة من ليبيا والسودان وسيناء، الأمر الذي سيؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة بأكملها لإنهاكها ومن ثم تقسيم دولها ما بين الولاياتالمتحدةالأمريكية، الراغبة في السيطرة على مصر والسعودية، وإيران الراغبة في السيطرة على العراقوالبحرين ولبنان. هذا المخطط ليس مجرد تأويلات ولكنه يستند إلى مؤشرات بدأت في المنطقة منذ شهور واتضحت أكثر اليوم بعد سيطرة الحوثيين، الذين أقاموا عدة حروب ضد السعودية على اليمن، فمن الذي مدهم بالأسلحة الثقيلة للسيطرة على صنعاء؟ لا شك أنها إيران، لكن الأخيرة لا يمكن لها أن تتحرك في منطقة تشهد صراعات القوى العظمى من تلقاء نفسها، فالمؤكد أن ثمة تحالف إيراني غربي لنيل كل قوى حصتها من المنطقة الذين اتفقوا على تفتيتها. هذا الكلام ليس جديدا فكثيرا ما حذرت القيادة البحرينية من أذرع إيران في المنطقة، التي هي أشد خطرا من أمريكا بسبب عاملي الجغرافيا والدين، وبسبب ذرعها منذ قيام الثورة الإسلامية في 1979 خلايا نائمة لها في المنطقة ليتم إيقاظها في الوقت المحدد، فماذا تنتظر الدول العربية؟ هذا المخطط لا يمكن مواجهته إلا باعتراف عربي بخطورة الوضع في البحرين، التي منها يبدأ المخطط على المنطقة، والعراق وأخيرا اليمن، وهو الأمر الذي يتطلب عقد قمة عربية طارئة يجتمع فيها رؤساء وأمراء وملوك العرب لمواجهة هذا المخطط الذي حتما هو قريب وسيحقق أهدافه في حال عدم قيام الدول العربية بخطوة سريعة لإيقافه.