تحول حي "المنيل" من مكان يسكنه الملوك والأمراء والرؤساء إلى مأوي يحتضن العشوائيات ومرتع لتجار المخدرات والخارجين على القانون. الحي الذي كان يعتبر من أجمل المناطق بأرض المحروسة حيث موقعه منذ سكنه محمد على تحول من مكانا للملوك والأمراء وأبناء الطبقة الراقية إلى مكان عشوائي بعد انشاء الخادمين والطباخين والسفرجية لبعض العشوائيات القريبة من مكان عملهم...وبالزمن تحول لمرتع للكلاب الضالة ومأوى للخارجين عن القانون والمجرمين. والمنيل القديم الذي كان يقع على جزيرتى المنيل والروضة والذي جذب عائلة " محمد على باشا" ليشيدوا قصور المنيل ويقطنوا بها لجوها الجميل والمبدع على ضفاف النيل ومن قبله والده إبراهيم باشا، الذي بنى قصرا في جزيرة الروضة كما كان لوالده "عباس حلمي الأول "، قصر في شارع قايتباي وأخيرا بنى الأمير محمد على باشا نجل الخديوي توفيق قصرا مسمى بقصر المنيل أو قصر الأمير محمد على. وبعدها توافد الكثيرون من أبناء الطبقة الراقية على منطقة منيل الروضة لبناء الفيلات والقصورمن بينهم " المحامي الشهير إبراهيم بك الهلباوي أول نقيب للمحاميين في مصر، ولا تزال توجد في المنيل محطة تحمل اسمه حتى الآن وهى محطة الهلباوى، وقصر لسعيد باشا ذو الفقار كبير أمناء القصر الملكي منذ عهد الملك فؤاد الأول وينسب اليه ميدان الباشا أحد أهم ميادين حي منيل الروضة ويقطعه شارع يحمل اسمه وهو شارع سعيد ذو الفقار، كما سكن المنيل " بدر الدين أبو غازى " وزير الثقافة الأسبق، ومصطفى بك رضا مستشار الإذاعة الحكومية المصرية للموسيقى عام 1934، وكان "المنيل " ضمن ثلاث جزر في نهر النيل بين القاهرة والجيزة، يربطها بالقاهرة 5 كباري، الجزء الشمالي منها كان ويسمى "المنيل" أو "منيل الروضة"، أما الجزء الجنوبي يسمي "المماليك ". ولعبت الطبيعة الحياتية والمجتمعية دورها، حيث سكن بالقرب من القصور والمساكن الراقية، العاملين من طباخ وسفرجية ومكوجية ومزارعين واتخذوا بيوتا بسيطة، وعشوائية، ولم تكون حين ذاك أي رقابة أو قوانين تمنعهم مذ ذلك، فقام العاملون من خدام للملوك والرؤساء، بتقطيع الأشجار وبناء غرف خشبية بالبداية وبمرور الوقت كثر عددهم وبنوا بيوتا صغيرة على جانب المنيل، ولجهل هذه الطبقة وفقرها، وغياب وعيها التعليمي والثقافي، وزيادة انجابها، انتجوا أطفالا جاهلين وفقراء، ظلوا يطلون بعيونهم إلى الأمراء والسفراء، بعين الحقد والحسد منما أنتج للمجتمع طبقة تحتضن عشوائيات المنيل من خرجين عن القانون وكارهين للمجتمع ومتعاطي المخدرات. هنا تبدلت الأحوال وتغيرت الطبيعة الجميلة للمنيل، وأصبح مكانا يثير الضجيج والقلق لسكانه بل والخوف والرعب، وأصبحت عشوائيات المنيل خطرًا حقيقيًا وكبيرًا يهدد حياة ساكنى المنيل القدامي، الذي هجر كثير منهم المنيل ليتجهوا اليوم ل6 أكتوبر، والشيخ زايد بحثا عن الهدوء والراحة وبعدا عن الزحام والضجيج الذي صار كابوسًا يهدد ساكني العاصمة. وبالفعل بعد أن بدأت محافظة القاهرة، خطواتها لتطوير منطقة المنيل القديم، وبعد إعلان هيئة السكة الحديد إزالة خط القطار والمزلقان الموجود أسفل منطقة الدويقة ومنشأة ناصر،هل سيعود الرقي الحضاري للمنيل، هل ستلجأ الطبقة الراقية للسكن به ثانية، الطبيعي لا...فالتغيرات التي طرقت على المنيل وغيرت من ملامحه وشوارعه وضواحيه، بل والأهم أنها غيرت من طباع وسلوك وثقافة قاطنيه، لا يمكن أن تبدل الحال على ما سبق.