تعد مصر من أعلى دول العالم في نسبة حوادث الطرق، ولا يكاد يمر أسبوع دون وقوع حادث يودى بحياة العديد من المواطنين، إضافة إلى الإصابات الكبيرة التي تحدث نتيجة هذه الحوادث، والتي تحتاج إلى تدخل جراحى وتسغرق فترة طويلة من العلاج والتأهيل. يقول د. حسين صبور: «إن إحصائيات منظمة الصحة العالمية، تشير إلى أن 12 ألف شخص يفقدون حياتهم كل عام في مصر نتيجة لحوادث الطرق، كما يؤكد جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصرى وجود قرابة 40 ألف مصاب سنويا، وتعد إصابات العمود الفقرى من أخطر الإصابات الناتجة عن حوادث الطرق، خاصة أن المضاعفات المترتبة عليها متنوعة، ويصاحبها انقباض في العضلات وحدوث تمزق في أربطة الفقرات، ما يؤدى إلى حدوث ضغط على النخاع الشوكى قد يؤدى إلى شلل رباعى». ويضيف «صبور» أن المصاب يحتاج إلى رعاية في العلاج والطعام والحركة والعلاج الطبيعى، واحتمالات الإصابة في العمود الفقرى تحدث بصورة أكبر في عمر أقل من 40 عاما، وفى الذكور أكثر من الإناث، وتعتمد الوقاية من إصابات وكسور العمود الفقرى، وخاصة الفقرات العنقية، على وعى الأفراد بطرق الإصابة، وفى مقدمتها الحوادث المرورية. ويضيف «صبور» أنه قد تنكسر نتيجة الحادث واحدة أو أكثر من فقرات العمود الفقرى، أو تنحرف من مكانها وتُضغط أجزاء صغيرة من العظام في الحبل الشوكى فتسبب جرحًا أو كدمة، وتكون النتيجة أن يتعطل الحبل الشوكى، ويزداد العطل بازدياد عنف الإصابة، وعمومًا قد يتحسن الحبل الشوكى بعد مثل هذا العطل المفاجئ ويسترد بعض وظائفه، أو يبقى على حاله دون تحسن، ويسمى هذا النوع من الشلل «شللًا نهائيًا». ويوضح د. «صبور» أنواع الشلل بقوله: «في الشلل الرباعى يكون الانقطاع في الحبل الشوكى على مستوى الفقرات العنقية، ويمكن أن يكون انقطاع الرسائل تامًا أو غير تام، ويؤدى إلى شلل الأطراف الأربعة، ما قد يعنى عدم القدرة على الإحساس بها أو تحريكها، وهو يؤثر على التنفس العميق ويجعل السعال من أجل تنظيف الرئتين أمرًا صعبًا للغاية، وذلك نتيجة الشلل في عضلات الصدر، أما الشلل النصفى السفلى، فيعنى أن إصابة الحبل الشوكى حصلت تحت الرقبة على مستوى الفقرات الظهرية، وهذا يؤدى إلى انقطاع الرسائل عبر الحبل الشوكى، رسائل الحركة والإحساس في الأطراف السفلية من الجسم، وقد يكون هذا الانقطاع كاملًا، أي لا تمر ولا رسالة واحدة على الإطلاق، كما يحدث كثيرًا في الأيام أو الأسابيع الأولى، أو غير كامل، أي تمر بعض الرسائل فور الحادث أو المرض المفاجئ، أو بعد بضعة أيام أو أسابيع، أو بعد تجاوز الصدمة الشوكية وبدء الشفاء». ويترافق مع الشلل النصفى السفلى أو الرباعى شلل الجهاز الوظيفى الذاتى، وذلك حين يصاب الحبل الشوكى، خصوصا «الذيل العصبى»، وهو المركز المسئول عن التحكم بالمثانة لإفراغ البول، والأمعاء للتبرز، والوظائف الجنسية عند الذكور، «ولا تتأثر الوظائف الجنسية عند الإناث»، وعن التحكم بالدورة الدموية داخل الأوعية وعملية التعرق، فكل هذه الوظائف تتعرض للتوقف أو التقطع. وحول طرق العلاج من تلك الإصابات يقول د. «صبور»: «إن المريض لا يشعر بالضغط على الجزء المشلول من الجسم، وحتى لو شعر بالضغط فلن يكون في استطاعته التحرك للتخلص منه، وفى الوقت نفسه تنخفض كمية الدم اللازمة لتغذية الجلد المتعرض للضغط انخفاضًا حادًا، وهذا يعرض الجلد لمخاطر قرح الفراش، ولذا يجب أن يتم تغيير وضعية الجسم مرة كل ساعتين أو ثلاث ساعات، بحيث تتبدل المناطق المعرضة للضغط، كما أن المريض لا يشعر بامتلاء المثانة وبضغط البول والرغبة بالتبول، وبالتالى لا يستطيع إفراغ المثانة من البول، ويحتاج إلى المساعدة في أن يفرغها في أوقات منتظمة، والشىء نفسه ينطبق على العضلات المسئولة عن التبرز، كما لا يستطيع المريض أن يحرك الجزء المشلول من جسده، وعلى أخصائى العلاج الطبيعى أن يحركه له لكى لا يتصلب أو يتشوه، وكذلك يجب أن تبقى الأجزاء المشلولة من الساقين واليدين والذراعين والأصابع في وضعيات معينة باستخدام الجبائر والسنادات، وذلك لضمان أنها ستكون في ما بعد قابلة للحركة وفاعلة قدر الإمكان، وهناك الكثير من التمارين التي تضع المريض على طريق الاستقلالية، فبعد النهوض من السرير تمضى الأسابيع الأولى في تمرين العضلات غير المشلولة لتتولى بعض أعمال العضلات المشلولة، وبشكل خاص عليه أن يطور تلك العضلات التي تساعد على التوازن ودفع الكرسى المتحرك، إضافة إلى استخدام كذلك الأجهزة الرياضية والنوابض «الرفاصات» الخاصة بتوسيع وتقوية الصدر، وذلك من أجل تمرين الذراعين والقسم العلوى من الظهر والكتفين». وتفيد الرياضة جدًا في تحسين قوة المريض العضلية والتوازن، وعندما يصبح بإمكان المريض الجلوس على الكرسى لمدة ساعتين يصبح جاهزًا لتعلم التوازن، ويتطلب ذلك مدة تتراوح بين أسبوعين وشهرين، تبعًا لمستوى ودرجة الشلل، فإضافة إلى رسائل الإحساس والحركة يُنقل إلى الحبل الشوكى أيضًا رسائل أخرى عن موقع الجسم بالنسبة للأشياء. وعندما يتقن المريض الجلوس والتوازن جيدا يكون الوقت قد حان للوقوف على القدمين من جديد، ومن الممكن أن يكون التوازن صعبًا في البداية، لكن يتم التغلب على ذلك مع الوقت، ويحتاج المريض إلى ما يجعل ركبتيه مستقيمتين، ويكون ذلك في أول الأمر على الأرجح باستخدام جبيرة، ولكن بعد ذلك يحصل على جهاز جبائر وسنادات فيه مفصل قابل للإقفال ورفاصات لمنع القدم من الجرجرة على الأرض، ثم يتم المساعدة للوقوف بين عارضتين متوازيتين أمام مرآة كبيرة.