تستعد دار الربيع العربي، لإطلاق كتاب "دافنشي" للبروفيسور سيجموند فرويد، الحسين خضري، ومن المقرر أن تشارك بها الدار في معرض القاهرة الدولي للكتاب يوم 28 يناير الجاري. وُلد فرويد -كما يقول هو- في السادس من مايو عام 1856م، في مدينة فريبرج بمورافيا في تشيكوسلوفاكيا، من والدين يهوديين ويقول أن عائلته هربت صوب الشرق من اضطهاد اليهود. رحل فرويد إلى فيينا وتلقى تعليمه هناك، ومال إلى دراسة الطب ودافعه إلى ذلك -كما يضيف- ميوله الإنسانية التي كانت أكثر منها إلى الأمور الطبيعية، وشُغف بنظريات دارون، لكن شغفه بمقالٍ لجوتة جعله يقرر دراسة الطب. شعر فرويد بالغربة بين أقرانه لكونه يهوديًّا، لكنه وإن كان قد تنازل عن مكانه بين الناس فقد أيقن أنه بعمله وجِدّه جديرٌ بأن يصنع لنفسه مكانًا في المجتمع. لكن الطب النفسي خلب لُبَّ فرويد فتأخَّر في دراسته للطب ولم ينهها سوى عام 1881 م. أما الفنان العظيم ليوناردو دافنشي موضوع هذه الدراسة، فهو من هو في تعدد مواهبه وعبقريته النادرة، وتفرده الغريب. سرعان ما يشي لنا فرويد بافتتانه بعظمة الرجل الذي كان قِبلة إعجاب معاصريه، ومثار تساؤلاتهم ومدى حيرتهم، فحاولوا سبرَ أغواره، وفضَّ أسرار غموضِهِ التي استعصت -وما تزال- على الكثيرين، من معجبي الفنان العظيم ودارسي فنِّهِ وشخصيتِه. هذا البحث الذي شغل الناس عن مكنون عبقريةِ ليوناردو وسرِّ غموضه، لا ينسحب على كونه فنَّانا فحسب، وكون مواهبه تعددت، فانطلق يبدع في مجالاتٍ أُخرى في الحياة، بل يمتد بنا إلى محاولة الكشف عن جوانب العظمة في ليوناردو الباحث أيضًا. ولعل أول الأسئلة التي أطلقها فرويد في كتابه هذا هو عدم قدرة معاصري ليوناردو على فهمه والوقوف على جوانب العظمة، بل والنقصان فيه أيضًا. ولأن ليوناردو كان عاشقًا للجمال في كل صوره؛ فها هو يضاهي فنَّ الرسم بأشقائه من الفنون، ويطرح لنا مقاربةً رائعة ما بين الرسَّام والنحَّات، وكلاهما مبدع وخلَّاق، وفي جملة لا تخلو من الإبداع يصف لنا النحّات: " تلطخ الآن وجهه تمامًا، وغبارُ الرخام علاه، خبَّازًا بدا، يكسوه فتاتٌ مرمري صغير، لكأنها أمطرت على ظهره بَرَدًا، وبالشظايا يعج بيته، والغبارِ".