رغم مرور 5 قرون على ميلاده الذي يوافق 26 أبريل عام 1452، فإن لغز لوحات الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، مازال غامضاً لكثير من الفنانين. فهذه اللوحات الواضحة بالعين المجردة، تحمل في طياتها الكثير من الألغاز التي سعى الكثيرون على مر قروناً عدة لحلها. ليوناردو دافنشي هو الرسام .. الذي عبرت ريشته عما يدور بالمستقبل والماضي بالرغم من كرهه للفن، حيث قالوا عنه "من الطريف جدا أن الرسام الأول في العالم كان يكره الفن". انصرف دافنشي لدراسة الفلسفة، ومنها تكونت لديه أغرب المفاهيم، وأحدث التصورات التي طغت على لوحاته. واشتهر دافنشي كأحد فناني النهضة الإيطاليين على الإطلاق وكرسام، ونحات، ومعماري، وعالم، كانت مكتشفاته وفنونه نتيجة شغفه الدائم للمعرفة والبحث العملي، له آثار عديدة على مدارس الفن بإيطاليا امتد لأكثر من قرن بعد وفاته. ويمثل دافنشي النموذج المثالي لعصر النهضة بسبب مؤلفاته، حيث قام بتأليف ثلاثة كتب "الأول عن فن التصوير الزيتي" والذي يعرف حاليا باسم "نظرية التصوير"، والكتاب الثاني عن "التشريح" والكتاب الثالث في "الميكانيكا". وأشيع أنه لم يعرف الحب طريقاً إلى قلبه إلا حين رأى السيدة النبيلة "الموناليزا".. كان حينها في الرابعة والخمسين من عمره، وقد عجب هو نفسه من حبه الشديد لتلك السيدة. ويرجع البعض السبب في ذلك إلى ما وجده في ملامحها من الطيبة والبراءة والروح الجميلة،والتي لم يجدها عند غيرها من النساء. وظهرت حماسة دافنشي عندما أقبل على رسم صورتها، وكان يقضى ساعات نهاره وهو يتأمل وجهها بشغف، ثم يرسم على قماش اللوحة ويدقق في الرسم. وحاول البعض تفسير سبب استمرار ابتسامتها قائلين إن دافنشي أحاطها بفرقة موسيقية تعزف لها الألحان العاطفية الجميلة كي يبعد عنها السأم ، ويبقى وجهها متألقاً بتلك الابتسامة الساحرة والتي استطاع ليوناردو أن ينقلها إلى لوحته بذلك الإعجاز الفني الذي حير الجميع. وهكذا عاش ليوناردو لبضعة شهور أجمل أيام حياته وهو يماطل في إنجاز اللوحة، وكأنه لا يريد أن يفرغ من سعادته، لكن زوج موناليزا الغيور تدخل بعد أن هاجمته الظنون بشأن ذلك التسويف الذي لا مبرر له فأمر الفنان بإتمام اللوحة خلال بضعة أيام. حزن ليوناردو وطلب من سيد القصر أن يأخذ اللوحة معه إلى البيت كي يرسم عن الطبيعة منظراً جميلاً كخلفية لبورتريت زوجته، فوافق الزوج على الطلب وأخذ ليوناردو اللوحة وليس في نيته إعادتها أبدا ، فبعد أن أتم رسم المنظر الطبيعي أخفى اللوحة في منزله وراح يماطل في تسليمها، لاسيما وانه لم يحصل عن عمله فيها على أي أجر. ومثلت لوحة الموناليزا "الجيوكاندا"، أهم أعماله الفنية وأكثرها غموضا، بسبب نظرة عينيها المتابعة لكل ما يدور أمامها والابتسامة الغامضة التي برع في رسمها، واختلف النقاد والمحللين بتفسير تلك البسمة. وعادت ألغاز ليوناردو دافينشي بقوة إلى الساحة العالمية عام 2003 عبر رواية "شيفرة دا فينشي" لكاتبها دان براون، الذي شغل الناس والإعلام بتفجيره قنبلة روائية تقول أن سلالة السيد المسيح مازالت على قيد الحياة استنادا إلى لوحة "العشاء الأخير"، و لوحة سيدة الصخور، ولوحة تعميد المسيح، مما أدى إلى معارضة الفاتيكان لهذه الرواية ولكاتبها دان براون فزادت من شهرة الرواية وكاتبها وسرعان ما تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي، ولقي معارضة شديدة من الفاتيكان، ومنع من العرض في بعض الدول العربية. وتستمر الإثارة والألغاز حول أعمال ليوناردو دافنشي برغم مرور 516 عام على ذكرى ميلاده واقتراب ذكرى وفاته حيث توفى في 2 مايو عام 1519.